قرى بلدية العكاري …طبيعة جميلة وخدمات دون الحد الأدنى ..الأراضي على الشيوع و تبين أنها أملاك دولة وعلى الأهالي دفع قيمة استثمارها منذ 30 سنة

ما زالت الكثير من القرى في ريفنا المعطاء تعيش وكأنها من المنسيات أو أن واقعها كما كان عليه الحال قبل خمسين عام مضت ،القرى في الشرق والغرب وبكافة الاتجاهات … عشر قرى في الريف الغربي لمحافظة حمص ،إدارياً تتبع لمدينة تلكلخ ، وبتعداد سكاني يصل لأكثر من 16ألف نسمة…
العكاري مركز البلدية الذي تتبع له قرى:المشرفة المستورة- بيت قرين- عين السودا-سطح العفريت- الشيخ علي-الورديات- البرج المكسور-الهيثمية-الجعفريات – رياف ، وتبعد عن مركز مدينة حمص أكثر من 60كيلو متر.

هل هناك أمل ؟!
نعلم جميعاً أن الظروف الحالية لا تسمح بتخصيص الأموال اللازمة لإقامة وإنشاء مشاريع خدمية وهناك أولويات ضاغطة ولكن هل من المقبول مثلاً أن تصل المياه مرة واحدة في الأسبوع وخلال فصل الصيف القادم بقوة على الأبواب ، وربما تطول لتصل لأكثر من 13يوماً ولجزء من قرية العكاري وليس للجميع, لأن الطبيعة الجبلية تفرض نفسها على أرض الواقع ومن الطبيعي عندما تطول الفترة الزمنية لتأتي المياه أن يكون الجميع بحاجة ماسة إليها فلا تصل للأماكن المرتفعة خاصة عندما يتم ضخ المياه من خزان يقع في قرية مجاورة تبعد حوالي 1 كيلومتر .
تساؤل مشروع
تباين واضح بين منطقة وأخرى في هذا الريف الجميل ،ويبدو أن مستوى الدخل يؤثر بشكل كبير على مجمل الأعمال والنشاطات ،مثل هذه القرى تحتاج لأن تكون مناطق جذب سياحية وهذا الجذب يكون من خلال منشآت خاصة تدعم الخدمات العامة فتتحول المنطقة إلى قبلة للباحثين عن الاستجمام والراحة وشم النسيم والتمتع بالطبيعة الخلابة حيث يلتقي السهل والجبل في صورة تزداد جمالاً عندما تتسع وتمتد من خلال النشاط الذي يضيف جمالاً إلى الجمال.
والتساؤل الذي لابد من طرحه هنا لماذا بقيت المنطقة وقراها الجميلة في عداد القرى المنسية ؟؟ولماذا لم ينالها مما حصلت عليه البلديات الأخرى مع أن أي دعم يأتيها يبقى مهما كان قليلا عندما يتم توزيعه لإقامة مشاريع تخدم المنطقة.
العقبة الأساسية
تبدو شبكة الطرق والمواصلات التي تربط القرى مع بعضها ومع العالم الخارجي العقبة الأساسية أمام سرعة التواصل والانتقال ومواجهة الطبيعة الصعبة ، فطرق المنطقة بحاجة إما لصيانة أو إعادة تأهيل من جديد والمواطن داخل قريته لا يستطيع التنقل بشكل مريح دون استخدام واسطة نقل لتباعد المسافات وصعوبة المسالك ولولا طريق حمص – الدبوسية ربما تصبح قرى المنطقة منقطعة عن العالم.
وأثناء وجود المجموعات الإرهابية في المنطقة أصبحت الكثير من الطرقات غير الصالحة منافذ حيوية لمرور كل شيء يساعد على استمرار الحياة .
أما وسائط النقل بين الريف والمدينة فتذكرنا بما كنا عليه قبل عشرات السنين عندما كان أبناء الريف يعانون الأمرين في التنقل وعندما كانت وسائط النقل تغادر إلى المدينة صباحاً وتعود مع نهاية الأعمال في المدينة ومن يتأخر يصبح في عداد المقطوعين وبحاجة لمعجزة للوصول أو المبيت في المدينة وكلا الخيارين صعب للغاية.
خدمات
رئيس بلدية العكاري الطبيب البيطري لؤي نصار قال :إن الواقع الخدمي بحاجة للكثير ضمن الإمكانيات المتواضعة التي بين أيدينا ،فالمياه في واقعها الحالي لا تكفي والناس يشربون في المناسبات وعندما تصلهم من الشبكة الرئيسية والغالبية حفروا آباراً خاصة بهم أو يشترون المياه ..
ومشروع البئر الخاص بقرية العكاري بوشر العمل به منذ عشرة أشهر ومازال مستمراً حتى الآن لأن المنطقة الجبلية تحتاج الحفر إلى أعماق تصل لأكثر من 500متر كي نصل إلى المياه الغزيرة والدائمة،وشبكة الصرف الصحي عمرها أكثر من 35سنة وهي تغطي حوالي 65%من التجمعات السكانية وتعاني ما تعانيه بسبب القدم وعوامل الزمن،ونحن بحاجة للتوسع كي نخدم التجمعات السكانية ..
وأضاف : أجرينا دراسة لمشروع صرف صحي بطول 1550 متراً من الموازنة المستقلة ضمن نطاق عمل البلدة،وتخدم قرى البلدة بجرار زراعي واحد وعامل واحد وهو الملاك العددي، وتنقل النفايات إلى مكب النفايات الصلبة في العريضة ولمسافة تصل لحوالي 30كيلومتر ونحن بحاجة لسيارة ضاغطة.
غياب المدارس الثانوية
يبلغ عدد سكان القرى المذكورة أكثر من 16ألف نسمة وفي كل قرية مدرسة واحدة حلقة أولى وثانوية واحدة لكل أبناء المنطقة ويضطر الطلاب من أبناء هذه القرى لعبور مسافات واسعة قد تصل إلى ثماني كيلو مترات كي يصلوا, كما كان الطلاب يفعلون ذلك أيام زمان وكما في المسلسلات والأفلام ليكتظوا ويحشروا في شعب صفية قد يصل عدد طلابها إلى الخمسين.
ملكية على الشيوع
يعمل أغلب سكان هذه القرى في زراعة القمح و الشعير والخضراوات والفستق الحلبي وأشجار الزيتون وتنتشر البيوت البلاستيكية وتربية الثروة الحيوانية وتربية النحل بالإضافة إلى الدواجن،وأراضي الفلاحين مازالت على الشيوع منذ أن وزعت عليهم بموجب قانون الإصلاح الزراعي حيث قام المزارعون بتوزيعها بالتراضي فيما بينهم وبعد أكثر من ستين عاما قضوها في استصلاح تلك الجبال الوعرة لجعلها صالحة للزراعة وتحويلها إلى غابات من الزيتون المعمرة.. جاءت مؤخرا لجنة من أملاك الدولة لتقتطع جزءا كبيرا من هذه الأرضي وتقول لهم إنها أملاك دولة وعليكم دفع إيجار استثمارها  تسعة آلاف ليرة سورية سنويا عن الدونم الواحد لأكثر من ثلاثين سنة خلت  ليقدر المبلغ المغرم به  كل مزارع بين نصف مليون وثلاثة ملايين ليرة وهي مبالغ فوق طاقتهم بكثير ،وقد حولت القضية إلى القضاء الذي يقوم حاليا باستدعاء المزارعين كل في دوره للمثول أمامه ولسان حالهم يقول :لو كنا نعلم أنها أملاك دولة لما رضينا بها منذ قدوم لجنة الإصلاح الزراعي التي شكلت بعد ثورة الثامن من آذار، بمهمة توزيع العقارات  ، التي كانت تحت سيطرة «الآغا» ، على الفلاحين بالتراضي ومن ضمنها الأراضي التي يقال عنها الآن أنها أملاك دولة ، ولدى المزارعين الحاليين بيانات قيد عقاري وشهادات انتفاع بها ورثوها عن آبائهم.
و اللجنة التي قامت بتخمين الأراضي وتغريم عشرات الفلاحين وإحالتهم إلى القضاء اعتمدت في تحديد مساحة الأرض وشاغليها على مدير الإرشادية الزراعية الذي يجهل  حدود الأراضي الفاصلة بين مزارع وآخر وأسماء شاغليها ،كما يقول جل أهل القرية  ، فوقعت في مغالطات كبيرة منها تغريم أشخاص منذ سنوات ما قبل مولدهم دون الاستناد على معلومات رئيس الجمعية الفلاحية المعني بهذا الشأن.
أخيرا
أهالي قرية العكاري يقفون عاجزين أمام ما يحيط بهم من عقبات ومصاعب , ألا يكفيهم سوء الواقع الخدمي , حتى تأتيهم مشكلة الأراضي الزراعية التي تشكل مصدر رزقهم من عشرات السنين , وهم يتمنون من الجهات المعنية إعادة مساعدتهم على الحصول على حقوقهم أسوة بباقي القرى ..
عادل الأحمد

المزيد...
آخر الأخبار