الجمعيات الفلاحية بعيدة عن أعضائها و المستفيد الأكبر أشخاص محددون… أراضي الجمعيات مجهولة الموقع و لكن استثمارها مستمر والاتحاد نائم بالعسل!
تطوير الإنتاج و زيادة الدخل و تحسين أحوال الفلاحين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الصحية , وتوعية و توجيه الفلاحين لتنفيذ القوانين المتعلقة بتطوير الريف , والمساهمة في تحقيق الثورة الزراعية و إدخال و استخدام الأساليب الحديثة في الزراعة و حماية العمل و الإنتاج باعتبارهما ثروة وطنية و العمل على تطويرهما و توسيعهما باستمرار , وإدخال الأساليب المتقدمة و المباريات في العمل و الإنتاج و صيانة و المشاركة في إعداد الكوادر الفلاحية المتخصصة , والإسهام في دعم الصناعات الريفية و البيئية , وتسويق الحاصلات و المنتجات الزراعية النباتية و الحيوانية .. و غيرها العديد من المهام..
ذلك كان استعراضاً لأهم واجبات الجمعيات الفلاحية المحدثة في كل قرية من ريف المحافظة ,و التي يبلغ عددها في محافظة حمص 647 جمعية منها متعددة الأغراض ومنها المتخصصة بغرض واحد
العروبة التقت عدداً من الفلاحين في ريف المحافظة للاطلاع عن كثب على واقع العلاقة التي تربط الفلاح بجمعيته , والتي تعتبر صلة الوصل بين الفلاح و كل الجهات الحكومية الأخرى و يقوم أساس عملها على خدمة الفلاحين و تقديم الدعم لهم و ذلك عن طريق تأمين مستلزمات الإنتاج في وقتها …
و ذكر أحد الفلاحين للعروبة أنه لا يعرف الدور الحقيقي للجمعية التي ينتسب لها منذ أكثر من عشرين عاماً مؤكداً أنه على علم بأن للجمعية دورا أساسيا في تسيير القروض للفلاحين و تأمين كل مستلزمات الإنتاج و تسويق بعض المحاصيل الزراعية بصورة جماعية, وأضاف: كما أننا على علم بأن للجمعية مشروعاً استثمارياً يعود ريعه لها لتتمكن من دعم الفلاحين المنتسبين وهذا المشروع بالنسبة لجمعيتنا عبارة عن أرض مزروعة باللوز لكننا لانعلم أين حدود هذه الأرض و كيف يتم استثمارها سنوياً وأين تصرف عائداتها ؟!
نائم في العسل!
فلاح آخر منتسب لجمعية في الريف الشرقي في المحافظة أكد أن أرض الجمعية مستثمرة منذ ما يزيد عن عشرة أعوام بسعر خمسين ل.س للدونم الواحد – على حد علمنا – مؤكداً أن الأرض تحقق ربحاً وفيراً كونها مشجرة باللوز و الزيتون , لكن لم يلمس الفلاحون أي نتائج إيجابية على أرض الواقع, و إنما الفائدة محصورة بعدد محدد من الأشخاص دون غيرهم, و بعد التقدم بشكوى لإحدى الجهات المختصة تم تعديل سعر الاستثمار للدونم الواحد إلى 500 ليرة ثم إلى ألفي ل.س وهو رقم غير منطقي و بعيد كل البعد عن الأسعار الحقيقية للاستثمار , و تساءل محدِّثنا عن دور الاتحاد في الرقابة الفعلية على ممارسات بعض رؤساء الجمعيات خاصة و أنهم يعتبرون المال العام حقاً حصرياً لهم و لمن يخدم مصالحهم؟؟ فهل ينام الاتحاد بالعسل أم أن وراء الأكمة ما وراءها ؟؟
و أضاف: لابد أن تتم المراقبة الفعلية و الجدية و محاسبة كل مقصر في عمله خاصة و أن أراضي الجمعيات مستملكة من أراضي الأهالي و بالتالي يجب أن يتم استثمارها بما يخدمهم و يدعم مستواهم الاقتصادي و المعيشي..
مردود ضائع؟!
فلاح آخر أكد أن مساحة الأرض التابعة لجمعية قريتهم تتجاوز المئتي دونم و هي مشجرة باللوز و الكرمة , و تحتاج للكثير من العمل خلال السنة كلها سواء من أعمال الخدمة كالتعشيب و الرش و الحراثة وغيرها أو أعمال الجني و التوضيب, و أضاف: تؤمن الأرض فرصة عمل جيدة لمن لا يملك أرضاً في القرية و لكن السؤال هنا أين المردود الذي يعود به الإنتاج على الجمعية ومنتسبيها ؟ خاصة أننا لم نشهد أي تحسن يذكر في الخدمات المقدمة أو إقامة أي مشاريع جديدة علماً أن الأرض بالاستثمار منذ عشرات السنين ؟!
و أضاف: لا بد من إجراء تقييم حقيقي لآلية عمل الجمعيات الفلاحية التعاونية بهدف تصويب أخطائها وتعزيز دورها في تأمين احتياجات الفلاحين.
عمرها الافتراضي منته !
أحد الفلاحين قال: ليس من مصلحتنا أن نستثمر جرارات الجمعية و ذلك لأن حالتها الفنية سيئة و بحاجة لأعمال صيانة مكلفة جداً و بالتالي استثمارها غير مجد من الناحية المادية.. و عملياً يجب أن يتم بيعها و شراء أخرى جديدة و حديثة أو على الأقل صيانتها بشكل جيد يسهل عملية استثمارها من قبل الفلاحين ..
الأرض ضائعة
و تساءل فلاحون منتسبون لجمعية الشيخ حميد عن مكان الأرض التابعة للجمعية و حدودها علماً أنها تصل إلى 60 دونماً ولكنها غير معروفة الحدود و المعالم , والأمر ذاته ينطبق على أرض جمعية الأشرفية..
لامزادات و لارسوم
يبدو أنه و من خلال ما ذكره عدد من الفلاحين ينتسبون لجمعيات مختلفة بأن أغلب الجمعيات إن لم نقل جميعها تقوم باستثمار أراضيها بدون إجراء مزاد علني و بالتالي ضياع رسم المزاد البالغ 5% من قيمة الاستثمار ,و هذا حق ضائع من الستينيات يجب أن يتم دفعه للبلدية ..
18 عاماً بلا استثمار
ولن يفوتنا هنا الحديث عن معصرة شين والتي كان للعروبة إضاءة سابقة عليها
حيث تبلغ مساحة العقار الذي بنيت عليه منشأة تابعة للجمعية الفلاحية في بلدة شين خمسة دونمات على أن تكون معصرة زيتون يستفيد منها فلاحو المنطقة ويعود ريعها للجمعية و الرابطة…هذا ما كان مقرراً أما الذي حصل على أرض الواقع أن البناء مساحته 500 متر مربع و أنجز بمواصفات بنائية جيدة وتبلغ مساحة العقار خمسة دونمات وهي مصممة كبناء لمعصرة زيتون ..
و بقي دون أي استثمار لا من القطاع الخاص و لا من القطاع العام و بقي مكاناً تصفر فيه الريح لمدة تجاوزت 18 عاماً , ومنذ خمس سنوات فقط سمح باستثماره كمعصرة من قبل مستثمر خاص وفق عقد ينتهي في الشهر السادس من عام 2021
من جهتهم تساءل فلاحون عن الفائدة من إهمال منشأة بهذا الحجم و وبهذه الأهمية و عدم دعمها بالآلات اللازمة لتكون علامة فارقة في المنطقة خاصة مع وجود عدد من معاصر الزيتون للقطاع الخاص وتحكمهم بالمزارعين علماً أن المنطقة فيها عدد كبير من أشجار الزيتون.
647 جمعية في حمص
من جهته ذكر خالد مشلب رئيس مكتب التنظيم في اتحاد الفلاحين بحمص أنه يبلغ عدد الجمعيات الفلاحية على مستوى محافظة حمص 647 جمعية 355 منها متعددة الأغراض (شاملة) , و الباقي لغايات متخصصة و هي تربية و تحسين و تربية أغنام و تسمين أغنام و تربية دواجن و تربية نحل و تربية أبقار و تسمين عجول و تربية خيول وتربية إبل وأخرى متخصصة نوعية نباتية وجمعيات متخصصة نوعية حيوانية و أكد أن كل قرية فيها جمعية على الأقل وممكن أن تضم أكثر من جمعية ..
و أضاف :يتم عن طريق الجمعيات تخديم الفلاح بتأمين مستلزمات الإنتاج من بذار و أسمدة و قروض عن طريق المصرف الزراعي أي أنها وسيط بين الفلاح و المصرف الزراعي على أنها شخصية اعتبارية مستقلة مادياً و اعتبارياً..
و أضاف :تشكل الجمعیات التعاونیة الفلاحیة وسیلة فعالة للنهوض بواقع القطاع الزراعي، نظراً لكونها إحدى عناصر السیاسة الزراعیة التي تؤدي دورا مهما في تنمیة وتطویر الإنتاج الزراعي بشقیه النباتي والحیواني، فضلا عما تؤدیه في مسیرة التنمیة الریفیة، فمن خلالها یمكن تنظیم العمل و زیادة الإنتاج الزراعي، ومن ثم تحسین دخل الفلاح ووضعه الاجتماعي ,وتخدم الجمعية العضو التعاوني المنتسب لها مقابل حسومات تعاونية …
و أشار إلى أن العدد الإجمالي للفلاحين التعاونيين بالمحافظة 93 ألفاً و642 فلاحاً و فلاحة و أكبر جمعية من حيث عدد الأعضاء التعاونيين هي جمعية الرستن التي تضم 1400 عضو وجمعية تلبيسة تضم بحدود 1200فلاح , و هي أرقام لا تعتبر ثابتة خاصة في ظل الظروف الراهنة إلا أنها قريبة من الدقة..
و أكد أن إيرادات أي جمعية يستفيد منها الأعضاء على أنها ادخار للأعضاء ويمكن أن يقام مشروع إنتاجي لتخديم القرية و الأهالي ..
46 مشروعاً
و أوضح مشلب أن العام المنصرم شهد انعقاد مؤتمرات 461 جمعية على مستوى المحافظة , وفشلت 186 جمعية و لم تعقد مؤتمراتها السنوية و ذلك لأسباب خارجة عن إرادة القائمين على العمل تتلخص بعدم تواجد السكان في قراهم حيث أشار إلى أن أغلب الجمعيات التي لم تعقد مؤتمراتها هي جمعيات متخصصة بمواضيع التربية و التحسين و تربية الأغنام و هي متوقفة عن العمل حالياً كونها تقع في المنطقة الشرقية و في البادية و هي مناطق لم يعد أهلها بشكل كاف إليها بعد…
تمتلك عدد من الجمعيات مشاريع خاصة بها تعود بالفائدة على أعضائها كالمخازن الاستهلاكية ، ومراكز بيع الأدوية الزراعية والغاز وغيرها ..
و أضاف : يوجد على مستوى محافظة حمص 46 مشروعاً تعاونياً كلها تابعة للشخصية الاعتبارية للجمعية منها 26 مشروعاً مستثمراً بشكل جيد ومستمر و عشرين مشروعاً غير مستثمر حالياً بسبب الظروف التي فرضتها الحرب خلال السنوات الثمان الماضية ..
و أشار إلى أن كل المشاريع غير المستثمرة هي قيد إعادة التأهيل حالياً…
و أكد أن الجمعية تستثمر مشاريعها بشخصيتها الاعتبارية المستقلة, و الإيرادات كلها لصندوق الجمعية كونها مستقلة مالياً و إدارياً و الاتحاد يأخذ حصة منظمات تصل إلى 10% توزع على الرابطة الفلاحية و الاتحاد الفرعي و الاتحاد العام, منوهاً أن المشروع معفى من هذه النسبة في حالة الخسارة ..
مشاريع متنوعة للاستثمار
أما أنواع المشاريع فذكر مشلب أنها في الغالب مشاريع إنتاجية أي أنها أراض زراعية مستملكة من قبل الجمعيات و كلها مشجرة لوز و كرمة وزيتون حسب المنطقة ,فعلى سبيل المثال تبلغ مساحة أرض الجمعية في قرية أبو دالي 725 دونماً مزروعة باللوز و الكرمة وبحاجة للكثير من العمل و بالتالي تؤمن فرص عمل لفلاحين سواء في موسم أعمال الخدمة من تعشيب و تقليم و غيرها أو في موسم الجني ..
و أشار مشلب أن مساحة أرض جمعية الروضة تبلغ 200 دونم و كلها مزروعة لوز و كرمة و مردودها جيد و الدليل أن الجمعية تمكنت من إنشاء ملعب طرح للاستثمار لصالحها و أقيمت عليه عدة مباريات ,مؤكداً أن الريع يعود بالكامل للجمعية لتتمكن من تطوير ذاتها و إقامة مشاريع أخرى..
و أوضح أن عدداً من الجمعيات تمتلك جرارات زراعية و أخرى عندها مستودعات تخزين, ويوجد بناء معصرة مؤجر في شين لصالح الجمعية.
و أكد على أن إيرادات الجمعية محققة من عدة مصادر سواء رسوم الاشتراكات أو عمولة تسويق المحاصيل كالقمح مثلاً أو كل ما يتم تسويقه عن طريقها أو عن طريق المشروع التابع لها أومن خلال الجرارات الزراعية التي تستثمرها الجمعية بشخصيتها الاعتبارية بأسعار مشجعة و مغايرة لأسعار القطاع الخاص ..
و أضاف : يتم اكتتاب الفلاحين الأعضاء التعاونيين لدى الجمعيات على مستلزمات الإنتاج و تقوم الجمعية بتحصيل هذه المواد بالتعاون مع مديرية الزراعة عن طريق ترخيص جماعي حسب مساحة الحيازة و تقوم بدورها بتأمين كافة مستلزمات الإنتاج من مازوت و بذار و أسمدة و قروض و أي شيء يخص الفلاح حيث يحل رئيس الجمعية محل الفلاحين ..
و أكد أن آلية الاستثمار تتم عن طريق قرارات محاضر جلسات لمجلس إدارة الجمعية ويوجد مجلس إدارة يجتمع و يقرر ما هي الأعمال التي يتوجب القيام بها مع تحديد الأسعار ثم يتم إجراء مناقصة بشكل نظامي , و كل ما يتم دفعه يجب أن يكون من إيرادات الجمعية ..
و يتم حساب ربح الجمعية بعد حسم أجرة أعمال الخدمة و الجني و كل الصرفيات و يعتبر الباقي أرباحاً صافية لصالحها ..
و أوضح مشلب أن إجمالي ايرادات الأرباح للجمعيات للعام الماضي على مستوى المشاريع المستثمرة وصلت إلى 17 مليوناً و 486 ألفاً و 710 ل.س و توضع القيم المالية في الحساب الجاري لكل جمعية .
و أشار إلى أن نسبة 10% من إيرادات الاستثمار يتم حسمها من المشاريع الرابحة توزع على الرابطة الفلاحية و للاتحاد الفرعي و للاتحاد العام
و أكد أن كل المشاريع كانت رابحة بالمطلق قبل سنوات الحرب إلا أن التحديات و صعوبات العمل و توقفه في بعض القرى قلص عدد المشاريع العاملة إلى 26 و فرض توقف عشرين مشروعاً أخرى و منها المشاريع في قرى القصير و هي متوقفة لعدم عودة السكان و تحريك عجلة الإنتاج من جديد.
تسهيل تحصيل الديون
و أشار مشلب إلى أن القانون 46 مكرمة من السيد الرئيس ومن خلاله يمكن استيفاء ديون مستحقة منذ زمن على الفلاحين و بعض الجمعيات المدانة بالشخصية الاعتبارية و أغلبها تربية وتحسين ، وذكر أن العمل جار حالياً بالتنسيق مع المصرف الزراعي لتحصيل الديون المتراكمة على الفلاحين و دفع قيمة مالية بمثابة حسن نية تقدر بقيمة 5% من المبلغ الإجمالي ..
و أوضح أن التحصيل على مستوى المركز الشرقي ضعيف كما أن أغلب الجمعيات المدانة خارج سياق العمل حالياً بسبب ظروف الحرب , و لكن بعض الجمعيات تمكنت من تحقيق نسب تحصيل تتراوح بين 60-70%
عينة للدراسة
و من خلال التقارير السنوية لبعض الروابط الفلاحية تعرض العروبة عينة للمقارنة و على سبيل المثال لا الحصر فإن رابطة المركز الشرقي – و بحسب تقريرها السنوي – تمكنت من تحصيل الديون المستحقة على الجمعيات الفلاحية التابعة لها لقاء رواتب و أجور العاملين المثبتين و البالغة قيمتها مليونين و 698 ألف ل.س
و بلغت قيمة الأرباح الصافية لمراكز الغاز البالغ عددها 26 مركزاً مبلغاً و قدره مليون و 86 ألف ل.س أما الأرباح الصافية لاستثمار الجرارات و عددها 35 جراراً وصلت قيمتها إلى مليون و 601 ألف ل.س بينما وصلت قيمة الإيرادات الصافية من تأجير المستودعات 354 ألف ل.س في حين بلغت الإيرادات من أراضي الجمعيات بشخصيتها الاعتبارية 650 ألف ل.س …
و أكد فلاحون بأن كل عمليات الإيجار و الاستثمار تتم بدون مزاد علني علماً أنه لو كانت تتم بطريقة المزاد العلني لكان حجم الإيرادات مضروباً بضعفين أو ثلاثة على الأقل
هذا كان استعراض لإيرادات رابطة واحدة خلال العام المنصرم, و هي أرقام نأمل من الجهات المختصة أن تعيد النظر بها و بغيرها من تقارير الروابط و الجمعيات الفلاحية للوقوف على مكامن الخلل و تصويبها و تدارك الأخطاء القائمة منذ عشرات السنين , بهدف إعادة النبض للجمعيات الفلاحية و إعادتها إلى مهمتها الأساسية في دعم الفلاح و الاستثمار لمصلحته هو دون غيره من الأشخاص و بعيداً عن المحسوبيات التي أثقلت كاهل المواطن عموماً و الفلاح على وجه الخصوص..
هنادي سلامة