تحية الصباح … عيناها خضراوان

بعد عدة طرقات على باب منزلي هرعت لأفتحه و أنا في حالة من الاستياء فقد أخرجني صاحب أو صاحبة هذه الزيارة الصباحية من عالم الكتابة و التفكير بنهاية مناسبة لإحدى قصصي و من عادتي أن أترك العنان لأفكاري و خيالي و أنا أكتب أو أفكر في الكتابة قبل البدء بها.

عندما فتحت الباب ناسياً أن أنظر من العين السحرية كما يقال وجدت امرأة بارعة الجمال التقت عيناي بعينيها لم تقل شيئاً و أنا لم أقل شيئاً و بعد صمت ثوان نطقت و قالت ( صباح الخير ..آسفة أشد الأسف يبدو أنني جئت في وقت غير مناسب لعلني أرى زوجتك أو ابنتك قليلاً فما أحمله من مواد يخص النساء)  و كانت تحمل حقيبة سوداء استمهلتها في الدخول و ناديت زوجتي للتفاهم معها و لم أعد أذكر ما الذي حصل ..

حصل هذا منذ أشهر و قبل أيام قليلة و أنا ألبي دعوة صديق لي إلى تناول فنجان قهوة في إحدى الكافيتريات جاءت نادلة ووضعت فنجان القهوة مع كأسين من الماء و تفرست بي و التقت عيناي بعينيها أدركت أنني شاهدت هذا الوجه من قبل و لكن لم أعد أذكر و في مثل هذه الحالة اعتدت بعدما تجاوزت الستين من العمر أن أقول إنني أنسى و أن العمر هو السبب معترفاً بأنني لم أعد شاباً و هذا اعتراف خطير أمام الآخرين و هذا ما حصل لي مع النادلة التي سألتني ” عمو ألست فلاناً ؟ألا تسكن في البناية كذا و الحي كذا و الطابق كذا و زوجتك أم كذا ”

أذهلتني لدقة معلوماتها و عرفت أنها هي مندوبة المبيعات التي طرقت باب بيتنا ذات صباح قبل أشهر عديدة .

كان لا بد أن أسألها كيف عرفت هذه المعلومات عني لكن سؤالي بدا ساذجا فلم أبح به و كأنها عرفت ما يدور بخلدي فقالت إنها قرأت اللوحة النحاسية على الباب..”

و كان لا بد لي أن أستدرجها بالكلام لأنها أذهلتني و شعرت بعدم الارتياح لأنها تعرف أشياء كثيرة عن مكان سكني و عدم الارتياح لا استطيع تفسيره ”

و ما أدهشني أكثر أنها تعرف ماذا كنت أعمل قبل تقاعدي و ماذا أعمل الآن و كم ولد عندي ” و أكدت أنها في كل بيت كانت تزوره لتعرض بضاعتها كانت تسأل صاحبة البيت و تعرف أشياء كثيرة عن أهله ..!!

عندما رجعت إلى البيت و أخبرت سيدته عما حصل معي هزت رأسها و قالت :نعم تذكرتها عيناها خضراوان  صبية فائقة الجمال .. طالبة في الجامعة في السنة الأخيرة ” توقفت عن الكلام و قالت ” لكن والله نسيت أن أسألها في أية كلية تدرس !! و قالت لي أنها من بلدة كذا و سكن أهلها المدينة منذ عام كذا ووالدها متوف..!!”…. و كأنما تذكرت أمراً فسألتني ” و لكن ما علاقتك بها  أين رأيتها ”

هززت رأسي و لم اقل شيئا …

عيسى إسماعيل

 

 

المزيد...
آخر الأخبار