نقطة على السطر ..من قلب المعاناة…

لعروة “ابن أختي” نوادر ونهفات في فن السخرية وله صولات في انتزاع الضحك من الأفواه الواجمة يتحفنا بها حتى في أصعب اللحظات ضيقا، فبينما كنا ننتظر في هدوء واسترخاء وجبة الغداء فاجأنا ( عروة) حاملا أسطوانة الغاز على كتفيه مشيعا إياها إلى مثواها الأخير قائلاً: (انتقلت جرة الغاز إلى رحمته تعالى) ما جعلنا نشعر بخيبة أمل بتناول وجبة غداء ساخنة و المشكلة أن الجرة لم تدخل في حالة غيبوبة ولا أنبأتنا بقرب انتهائها  و الطبخة الموعودة لم تصل إلى ذروة نضوجها و لابد من انتظار موعد وصل الكهرباء و هذه لها حكاية أخرى إذ تتجاوز ساعات التقنين  السبع ساعات  ولا تتعدى فترة الوصل النصف ساعة و هكذا تمر يوميات المواطن…و حين تأتي رسالة الغاز يهرع لاستلام أسطوانته و يشعر بالرضا المؤقت، ولأن رحلة الصراع بين نفاد جرة الغاز ووصول الرسالة طويلة…

تعلم المواطن الصبر رغم لدغة الجوع و اختلت مواعيد طعامه والتي لم ينفع معها خبرات الأكثرية باستعادة الحياة البدائية في الطبخ والنفخ على الحطب وما يتبعه من دخان متأجج لكن دون تلبية المراد… دخان يعشش في صدور الطباخات مع تقلبات الطقس وموجات الهواء المتسارعة التي انتصرت على كل المصدات  ، وأفشل التجربة الطعام الذي يخرج ملوثا بالشحار، فطباخات اليوم تعودن حياة الرفاهية والراحة ودخلن( حيز التنبلة) بعد دخول التكنولوجيا التي لا تستوي فيها أحلامهم بالثراء مع ما يحصل من تحول في الحياة الجديدة والتي حولت الكثير من الآلات الكهربائية إلى قطع زينة أو تراثية بسبب تباعد المدة إن كان في رسائل الغاز أو في ساعات وصل الكهرباء التي تتناسب عكسا مع تصاعد أصوات الشكاوى في وقت لم نعد نجيد التفاؤل ولم تعد تهب رياحنا كي نغتنمها …

للأسف لجأ  البعض لمواجهة صعوبة الحياة على نحو أخرق فامتهنوا السرقة وتطورت أساليبهم في اقتحام البيوت لحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه، فالاستيلاء على أسطوانات الغاز في بهيم الليل أيسر سبيلا بطقوسه المناسبة بسرقة البيوت الهاجعة بسكانها تحت جنح البرد و بلمح البصر يكنسون البيت عن بكرة أبيه من قبل لصوص هواة قادرين كما تقول العامة على( سرقة الكحل من العين)  ومن هنا تطور فن السرد لأحداث السرقة لدى الباحثين عن كسر الرتابة والروتين، ولكل صورة من صور سردهم تخيلاتها وحكاياتها، لتنطلق الألسنة من أعنتها بهدف بث الخوف في النفوس المكوية بنار الواقع المعاش.

عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار