تحية الصباح ..هذه المكتبة .. إلى أين ؟!

ألقت نظرة فاحصة على الكتب المعبأة في صناديق من الكرتون والتي تأخذ جزءاً كبيراً من الغرفة ، ثم حدقت ملياً في رفوف الكتب وبعد ذلك رمقتني بنظرة أدركت معناها .

لم تعد الرفوف تتسع لمزيد من الكتب وقلّما يمضي شهر إلا  وآتي ببعض الكتب بعضها هدايا من الأدباء والكتاب  وبعضها الآخر أبتاعه من مكتبات اتحاد الكتاب العرب  ووزارة الثقافة من المركز الثقافي العربي وقليل جداً ابتاعه من دور النشر بسبب الغلاء الكبير الذي طال كل شيء ومنها الكتب .

غير أنني تجاهلت نظرتها التي تقول ( وماذا بعد ؟! إلى متى تشتري الكتب وتكدسها ولا قارئ في البيت  سوانا نحن – أنا وأنت – وماذا بعد عمر مديد سيكون مصير هذه الكتب ؟!

غير أن الحديث الذي أجرته إحدى الفضائيات مع الأديب  عيسى فتوح ، أثار شجني فهو يتساءل – ما مصير العشرة آلاف كتاب .. التي سأتركها وأرحل ؟!).

وهذه المشكلة  ليست وليدة الحاضر بل هي قديمة قدم الكتاب والقراءة ، ومن أقدم ما قرأناه أن رفوف الكتب التي لم تعد تحتمل المزيد ، قد  انهارت دفعة واحدة ، وأودت بحياة الجاحظ الأديب العباسي الكبير الساخر الذي لا نزال نتمتع بقراءة كتبه ( البخلاء) و ( البيان والتبيين ) و ( الحيوان ) وغيرها .

ومن خلال قراءاتي وأحاديثي مع عدد من المثقفين والأدباء والمؤلفين ، لاحظت أن أكثر هؤلاء يعيبون  على أبنائهم البعد عن الكتاب وعن القراءة ، ومن يقرأ من الأبناء ، فإنه يقرأ الكتاب الالكتروني وهؤلاء قلّة.

لقد درجت العادة منذ خمسين سنة ونيف ، أن تكرم وزارة الثقافة من يهدي مكتبته بعد الوفاة أو قبلها إلى مراكزها بتقديم شهادة تقدير له ووضع لوحة تشير إلى كتبه في مكتبة المركز الثقافي الذي تصير إليه المكتبة.

وأخذت جامعاتنا عن الوزارة هذه المبادرة الكريمة تشجيعاً لإهداء الكتب إلى مكتباتها.

لم يستطع الكتاب الالكتروني أن ينسي المغرمون بالقراءة  الكتاب الورقي  ولأنه على قول المتنبي ( لكل امرئ من دهره ما تعودا) فإن عادة شراء الكتب ، ولو أنها أصبحت نادرة ، لا تزال  تعيش معنا ،  نحن الذين اعتدنا في مراحل الدراسة الإعدادية  والثانوية ، أن نشتري بثمن  (سندويشة ) المدرسة كتاباً أو أن نستأجر كتاباً نقرؤه بشغف ومتعة لا يحسّ بها إلا من عشق القراءة … وهو يردد : ( اقرأ وربك الأكرم …!!).

عيسى إسماعيل

 

 

المزيد...
آخر الأخبار