دراسة دقيقة ضمن رؤية عمرانية هي عنوان البحث الذي قدمه المهندس توفيق عثمان خريج كلية العمارة بجامعة البعث حول إعادة الاعمار لحي جورة الشياح و ذلك من خلال إعداد استبيان قام به عن الحي قبل و بعد الحرب
شريان الحياة
عن سبب اختياره للحي يقول المهندس توفيق : اخترت في بحثي حي جورة الشياح لأنه شريان الحياة لمحافظة حمص تجارياً و ثقافياً و سكانيا وعمرانيا و تنبع أهميته من موقعه الجغرافي وسط المدينة لأنه صلة الوصل بأحياء المدينة ما بين حمص القديمة و السوق جنوباً و طريق حماة بالإضافة إلى أحياء القصور و القرابيص شمالا و حي الغوطة غرباً و المركز التجاري للمدينة
ففي السنة الماضية تم طرح المخطط التنظيمي للحي من قبل مجلس مدينة حمص و لكن الطرح لم يتضمن حلا مستداما لأهم المشكلات العمرانية و البيئية التي كان يعاني منها سكان الحي ما قبل الحرب
مضمون البحث
و يتابع عما يتضمنه البحث: يطرح أهم المشكلات البيئية و العمرانية ضمن المخطط التنظيمي الذي طرح العام الماضي و التي أهمها قلة تواجد مواقف للسيارات و المساحات الخضراء ضمن الحي و ندرة المراكز التعليمية و الثقافية حيث لم يكن فيه سوى مدرستين ثانوية شرعية وابتدائية و عدم وجود حلول لشبكة الطرق والمواصلات ومساحات مسقوفة للمشاة ولكن أهم مشكلة غياب الخصوصية للقطاعات السكنية ضمن الحي فالمخطط الذي طرح العام الماضي حافظ على الوضع السابق للحي دون مراعاة فصل القطاعات التجارية عن السكنية ففي البناء الواحد و بنفس الطابق نجد و على سبيل المثال « عيادة طبيب – مكتب هندسي – منزل سكني».
و يضيف بناء على ما سبق ذكره قمت بإجراء استبيان لاستطلاع رأي سكان الحي بهدف دعم مشاركتهم و رؤيتهم بإعادة اعمار حي جورة الشياح فكانت نتائج الاستبيان كالتالي “ 81% من الآراء عن ندرة وجود المساحات الخضراء و الحدائق و الأماكن الترفيهية ضمن الحي : 64 % قلة عدد مواقف السيارات و مشاكل الازدحام بالإضافة إلى قلة ممرات المشاة نتيجة إشغالها من قبل الفعاليات التجارية 74% كان رأيهم بالحفاظ على بعض القطاعات غير المتضررة و إعادة تخطيط و تنظيم القطاعات المتضررة ضمن الحي
و من أجل ذلك قمت بوضع رؤية عمرانية مقترحة من خلال بحثي لحي جورة الشياح وفقاً للمعطيات و الآراء التي قدمها أهالي الحي و القيام بالعديد من الجولات و المقابلات معهم و توثيق الأضرار ضمن الحي حيث تتضمن الرؤية لإعادة الاعمار
سبع نقاط هي : وضع مخطط زمني لخطة إعادة اعمار الحي مع الأخذ بعين الاعتبار التمهيد لذلك من خلال فتح أبواب الاستثمار الخارجي للشركات – المشاركة المجتمعية في وضع المخططات التنظيمية – تأمين السكن المؤقت البديل للعائدين إلى المنطقة والقاطنين في القطاعات المستهدفة ضمن المخطط – تأمين و تسهيل عودة النازحين – القيام بتنظيم فعاليات وورشات عمل مع الأهالي لاطلاعهم على المخططات التنظيمية والأخذ بعين الاعتبار ضمن العملية التخطيطية آراء أهالي الحي والعمل على نشر التوعية العمرانية فيما بينهم – إصدار المخططات التنظيمية مع التعديل عليها ، والالتزام المطلق بالحقوق والملكيات الخاصة والمشتركة – واخيراً دعم وبناء قدرات الجمعيات والمنظمات الأهلية لتشارك في إدارة العملية مع البلدية ولجنة الحي والجهات المعنية بإعادة الاعمار .
مزايا البحث
ويتابع المهندس توفيق : إن مزايا المخطط المقترح من قبل البحث هي خلق شريان استثماري سكني وتجاري وسياحي يسمح بتأمين مساحات مسقوفة للمشاة وتقديم الحلول للمشاكل البيئية التي كان يعاني منها أهالي الحي قبل الحرب سواء الأدراج أو القنوات المائية بهدف تعديل درجة الحرارة في فصل الصيف ، فصل الفعاليات والقطاعات التجارية عن السكنية ، توفير أمكنة للحصول على الاضاءة والتهوية الكافية ، وخلق شبكة من الطرق السليمة التي تربط مختلف القطاعات السكنية والتجارية ضمن الحي ببعضها البعض تغيير أنماط السير وإعادة توجيه حركة المرور بما يناسب القطاعات في الحي التجارية والسكنية .
دراسة تحليلية
ومن خلال البحث قدم المهندس توفيق دراسة تحليلية عن نقاط القوة والتي تتضمن : تموضع الحي جغرافياً – كسب مشاركة المجتمع الأهلي في التخطيط العمراني للحي – تخطيط الحي السابق يسمح بالحفاظ على شبكة الصرف الصحي والبنى التحتية للحي دون اضافة تكاليف حفر الشبكات الجديدة – وجود العديد من الشوارع التي لم تتضرر بشدة بل تحتاج الى أعمال ترميم . أما نقاط الضعف هي : التخطيط للمباني السكنية ضمن القطاعات التجارية وعدم امكانية ايجاد حل شامل لمشاكل الدمج بين القطاعات السكنية والتجارية في الحي بالإضافة الى وجود العديد من المباني والشوارع المدمرة بشكل كلي .
المخطط الزمني للتنفيذ
يقول : قمت بإعداد دراسة زمنية لتنفيذ مشروع اعادة الاعمار للحي وفق التالي : المدى القصير وتمتد من سنة الى ثلاثة سنوات تتضمن القيام بأعمال تأهيل البنى التحتية للمناطق المتضررة و غير المتأثرة بشدة ، والمدى المتوسط يستمر حتى 6 سنوات يتضمن القيام بإنشاء مجمعات سكن مؤقتة لأهالي الحي ، أما المدى الطويل يمتد من 9 سنوات الى 14 سنة وتشمل اعادة بناء النسيج العمراني والاقتصادي والاجتماعي في المدينة بالتوازي مع القيام بإعادة اعمار باقي الأحياء السكنية المجاورة ويتابع المهندس إن لمشاركة الشباب من طلاب وخريجين ومهندسين الدور الكبير والفاعل في إعادة الاعمار من خلال ورشات العمل بالاضافة الى ضرورة تعيين مجموعة من الشركات الهندسية المحلية التي تهتم بالعمل مع الشباب الهندسي بهدف تمكين قدراتهم للمشاركة في إعادة الاعمار ووضع رؤية اقتصادية تنموية للاستثمار الأمثل في الحي والاستفادة من موارده وموقعة جغرافياً.
التطلعات الجديدة
يضيف : أسعى الى استكمال الطروحات والأفكار الجديدة بالتنسيق مع مجلس مدينة حمص وطرح المزيد من الأبحاث المتعلقة بإعادة إعمار مدينة حمص مع مشاركة المجتمع الأهلي بكافة فئاته .
اشكالية البحث
تكمن اشكالية البحث بالاجابة عن السؤال هل المخططات التنظيمية المقترحة ستجد الحلول لأهم المشكلات العمرانية والبيئية التي كان يعاني منها سكان الحي قبل الحرب أم ستزيد من المشاكل ؟ ولكن من خلال الدراسة البحثية التي قام بها المهندس فإنه وضع رؤية عمرانية للحي من خلال المشاركة المجتمعية الفاعلة ، سيكون لها الدور الكبير في إعادة الإعمار لحي جورة الشياح وفتح أبواب وآفاق جديدة لإعادة إعمار ما دمر في مدينة حمص .
رهف قمشري