وعود كثيرة سبقت عودة تجار سوق الهال إلى مكان عملهم الأصلي و إنعاش السوق مجدداً و فتح محالهم وممارسة تجارتهم اليومية فيه..
و منذ الشهر العاشر عام 2014 والتسويفات هي سيدة الموقف و لا أفعال على أرض الواقع , ولغاية تاريخه ينتظر التجار الذين التزموا بالعودة الوفاء بالوعود التي قطعتها الجهات المعنية لتخديم السوق ..إلا أن الحال على ماهو عليه دون أي تحسن يذكر..
( العروبة ) جالت في شوارع سوق الهال و التقت بعدد كبير من تجاره الذين أكدوا افتقار السوق لأهم الخدمات فالطرق غير معبدة بشكل جيد وبحاجة فعلية للترميم , ومدخل السوق فيه الكثير من الحفر التي تعيق دخول وخروج السيارات وتتحول في فصل الشتاء إلى (رامات) مياه تعرقل الحركة ..
قصة معاناة بكافة الخدمات تبدأ ولاتنتهي و تزيدها قلة الاهتمام وعدم الوفاء بالوعود و أكدوا أن السوق كله ليس فيه أي هاتف أرضي وليس فيه إلا أربعة حمامات و بسبب الضغط الكبير فاثنان منهما بحالة صيانة وتتم صيانتها بشكل دوري إلا أنه يجب تسليمها لمستثمر لتتم الاستفادة منها بشكل أفضل.
المدخل الشرقي مغلق!
وأوضح أبو همام و هو أحد تجار السوق بأن العودة للسوق فيها الكثير من الإيجابيات لكن غياب الخدمات الأساسية يعيق سير العمل و يقيد حركة البيع و الشراء بأوقات محددة ..
وأضاف : يوجد عدد من المحال ما زالت مغلقة و أغلبها لتسويق المواد الغذائية و أكد أن سبب إغلاق عدد يصل إلى الخمسين محلاً هو استمرار إغلاق المدخل الشرقي للسوق و الواصل مع حي القصور والصناعة , مؤكداً بأن فتح هذا المدخل سينشط الحركة بالسوق بشكل حقيقي..
وأضاف: حبذا لو يتم تشغيل القبان الثاني لأن عمليات البيع تكون خلال فترة قصيرة من النهار (أربع أو خمس ساعات) و الازدحام شديد على القبان الوحيد المفعل في السوق..
وأشار إلى أن الأسواق الخارجية لابد أن يتم إيجاد حل لها لأنها تؤثر على عمل السوق الأم بشكل سلبي , خاصة و أن تكلفة المحال غالية و ليس لها أي أفضلية سواء في الخدمات أو بحصرية البيع أو بأي امتياز آخر ..
خسارتنا تتجاوز الربع
أما المشكلة الأكبر التي تواجه التجار والفلاحين الذين يقومون بتسويق محاصيلهم للسوق بشكل يومي فهي عدم وجود الكهرباء و بالتالي فإن عمليات التسويق وخاصة في فصل الصيف يجب أن تتم بالسرعة القصوى و بين الساعة الرابعة فجراً والتاسعة صباحاً , وعلى حد قول أحد الفلاحين إن أي كميات من الخضار و بخاصة الحشائش تبقى لبعد الوقت المذكور مصيرها (القمامة) أو تستعمل كعلف للحيوانات و تباع (بتراب المصاري) على حد تعبيره وبذلك فإن خسارته تتجاوز الربع والسبب عدم وجود مراوح داخل المحلات تقوم بتهوية المنتجات ريثما يتم بيعها..
أحد الفلاحين ذكر بأنه أحضر للسوق 3 أطنان من الملوخية سعر الطن 60 ألف ليرة تمكن من بيع ثلثي الكمية و لم يحالفه الحظ ببيع ما تبقى و بالتالي خسارته تصل إلى الثلث بأفضل الأحوال متسائلاً عن السبب في عدم تخديم السوق بالكهرباء علماً أنها منطقة تجارية بامتياز وتعتبر العصب الرئيسي في المدينة ..
تاجر في السوق ذكر بأن كيلو الفاصولياء بسعر 400 ليرة و لم يتمكن من تصريف إلا نصف الكمية و النصف الباقي مصيره الإتلاف كونه لن يتحمل درجة الحرارة العالية و المحل ليس فيه أي وسيلة لتبريد (الرزق) و تخفيض درجة الحرارة داخل المحل, أما الليمون فيروي لنا تاجر آخر قصته المؤلمة وعرض عشرات (الكراتين) المعبأة والتي يتلف فيها الليمون خلال ساعات بسبب الحرارة العالية و عدم وجود أي مروحة للتهوية على الأقل .
خسارته مضاعفة
وعرض تاجر آخر كميات البطيخ الأصفر التي يقوم بإتلافها بشكل يومي بسبب عدم وجود أي وسيلة للتبريد كما نوه إلى أن حركة البيع و الشراء ضعيفة و أصبحنا نضطر لتعبئة كميات و لو بسيطة في سيارات (سوزوكي ) و البيع بالمفرق حتى نتمكن من كسب رزقنا ..
أبو محمد تحدث للعروبة قائلا :إن واقع الكهرباء منذ خمس سنوات يراوح مكانه بين البلدية و المحافظة و شركة الكهرباء و لانعرف متى سيتم حل هذه المعضلة , ولمصلحة من كل هذا التأخير وأكد أن الوعود منذ خمس سنوات بترميم الطرق و تعبيدها و لكن لا حياة لمن تنادي علماً أننا خاطبنا مجلس المدينة بعشرات الشكاوي وما من مجيب ..
و أضاف مع صباح كل يوم نحمل معنا الميزان و البطارية و عدة شحن كاملة و نعتمد في الإضاءة على الطاقة الشمسية و لا نجد حيلة إلا و نحاول الاستفادة منها لتأمين الإضاءة لعدم وجود الكهرباء و هو عبء إضافي فوق أعبائنا ..
وأكد من إلتقتهم العروبة أن الشوارع ليس فيها أي عمود إنارة سواء على الكهرباء أو على الطاقة الشمسية و هو أمر يعرض الأرزاق للسرقة في ساعات الليل المتأخرة , كما أن عدم وجود إنارة يعيق عمليات البيع في المساء …
فهل يعقل أن يكون شريان حمص المركزي و متوسط المحافظات السورية بدون كهرباء و بدون إنارة للشوارع؟؟
غبن طال الجميع!!
أما بالنسبة لبدل الإيجار الذي يدفعه التجار لمجلس المدينة فأشار جميع من التقيناهم أن القصة بدأت مع إعادة افتتاح السوق , ففي الفترة التي سبقت عام 2014 كان بدل الإيجار السنوي يتراوح بين 215- 250 ألف ل.س و بسبب الحرب أغلق السوق لثلاث سنوات وبقرار من مجلس قضاء الدولة تم إعطاء التجار القدماء الأفضلية بالبقاء في محالهم لثلاث سنوات مقابلة و ذلك بالتراضي, ومجلس المدينة جعل القرار غير قابل للتجديد وفي عام 2017 أقيم مزاد علني سريع وبمهلة إخلاء (إنذار) 3 أيام فقط و ليس شهراً أو 15 يوماً كما هو المعتاد..
ودخل أشخاص جدد بالمزاد و ليسوا من أبناء الكار ورفعت بالأسعار لأرقام خيالية و بدل 250 ألف أصبح بدل الإيجار السنوي أربعة ملايين و نصف بالحد الأدنى ولم يتمكن أغلب أصحاب الصنعة الحقيقيين من الفوز بالمزاد و بذلك رسا عدد من المحال على هؤلاء الأشخاص و الذين لم يتمكنوا من الاستمرار بعملهم إلا لعدة أشهر و المحلات الآن مغلقة ؟؟؟ و لم نر أي فعل من قبل مجلس المدينة بحق المستنكفين…
ضرر و ضرار!
وأكدوا أن كل محل كان سابقاً مصدر رزق لأربع أو خمس عائلات و المزاد فاقت أسعاره كل التوقعات و الآن أبناء المصلحة الحقيقين خارج السوق و من استأجر بسعر غير منطقي خارج السوق أيضاً لأنه لن يتمكن من تسديد التزاماته؟؟
و أكدوا مجتمعين بأن المزادين اللذين أقيما بما يخص تأجير محال مجلس المدينة فيهما من الغبن الشيء الكثير , وأوضح أحد التجار أنه يستأجر محله بمبلغ 11 مليون ل.س و المحل يعيل 11 عائلة و البدل المالي المذكور غير منطقي إلا أننا اضطررنا للدخول بالمزاد و الدفع مهما بلغت الأثمان لأننا في هذا المحل منذ ثلاثة أجيال وورثنا المهنة أباً عن جد و لامصدر آخر للعائلات المذكورة إلا هذا المحل ,علماً أننا غير قادرين على التسديد دون خسارة مشيراً إلى أن كل يوم فيه مبلغ لايستهان به من الخسارة…
متسائلاً عن سبب رفع الأسعار بهذه الطريقة غير المدروسة و غير المنطقية و السماح لدخلاء على المهنة بالتسبب بضرر عشرات العائلات و قطع أرزاقها؟؟!
و أشار أحد التجار إلى أن الغبن طال الجميع في المزاد الأخير و أقمنا دعوى ليعاد النظر بأمر المزاد و حتى تاريخه لم يتم البت بالدعوى علماً أن عمرها تجاوز السنة فإلى متى سنبقى منتظرين و نعمل أجراء عند غيرنا بعد أن كنا نحن أصحاب العمل ؟؟
و أكد المتحدث أن هذا الكلام ينطبق على 170 عائلة فقدت مصدر رزقها لعدم تمكنها من النيل بمحل في السوق علماً أن التجار المذكورين من مزاولي المهنة منذ الخمسينيات ؟؟
و أضاف آخر إن الواقع الآن مبهم و لانعرف السبب و كل محل كان له مزاده الخاص و بسعر مخالف للآخر , ونحن على علم بأن السبب في هذا الخلل دخول أشخاص من خارج المصلحة قاموا بالمضاربة ورفعوا الأسعار بشكل غير منطقي , ولذلك نأمل من الجهات المعنية إعادة النظر بمزاد عام 2017 و بالمبالغ التي وصلت إليها الأرقام ومساعدتنا بالطرق القانونية الممكنة..
خلال شهرين
من جهته ذكر المهندس عبدالله البواب رئيس مجلس مدينة حمص: أن مساحة سوق الهال 50 دونماً تقريباً تضم مئتي محل منها 55 محلاً تعود ملكيتها لمجلس المدينة و البيع فيه يتم بالجملة و يوزع الخضار و الفواكه إلى مركز المدينة و عدد من المحافظات , وأكد قائلاً : منذ عام 2014 نسعى لإعادة الحياة إلى السوق و تمت منذ ذلك الحين إعادة التجار الذين كانوا متمركزين في كرم الشامي إلى محالهم الأساسية..
و أشار إلى أن الجهود لم تتوقف يوماً لتأمين مستلزمات المواطنين الخدمية في كل مكان إلا أن حجم العمل كبير جداً , و أكد أنه من المقرر أن يتم ترميم شوارع السوق الأساسية خلال شهرين , أما الترميم لكامل طرق السوق سيكون في العام القادم..
أما بالنسبة لموضوع الكهرباء أشار البواب إلى أنه تم تركيب مراكز التحويل داخل السوق و الآن المعاملة بين الوزارة و مجلس المدينة , و أوضح أن المجلس سدد ثمن مراكز التحويل و الشبكات رغم أن السوق لا تعود ملكيته للمجلس بشكل كامل ,إلا أنه تم الالتزام بكل التكاليف فيما يخص موضوع الكهرباء , وقمنا حالياً برصد 79 مليون ل.س قيمة تجهيزات كهربائية بدءاً من المحولة الكهربائية الخاصة بالسوق و خط التوتر المتوسط و الشبكات الداخلية كونها مخربة بشكل كامل ..
وأكد أن التنسيق دائم و متواصل مع شركة الكهرباء , وأنجزت المراحل المهمة التي ستختصر الكثير من الوقت بهدف تأمين الكهرباء للسوق خاصة أنها مؤمنة في المنطقة المحيطة ..
وأشار إلى أن التواصل مستمر مع الشركة السورية للاتصالات لتزويد السوق بخدمة الهاتف الثابت و أشار إلى أن المبالغ يتم رصدها من موازنة إعادة الإعمار.
وأكد أنه خلال الشهرين القادمين سيشهدان تصاعداً حقيقياً في وتيرة العمل وستكون الطرق جيدة بالحد المعقول و الكهرباء موصولة لكل محل..
وذكر البواب أن فتح الطريق الواصل بين السوق و حي القصور ستتم دراسته في القريب العاجل
المضاربات أضرت بالجميع
أما بالنسبة للمزاد العلني و الذي احتج عليه تجار السوق بالكامل ذكر البواب أن المزاد أعلن بشكل قانوني و بسبب المضاربات دفعت أرقام كبيرة , و أوضح أن المجلس فسخ عقود المستنكفين و البالغ عدد محلاتهم 12 محلاً و يقوم بملاحقتهم قضائياً , أما بالنسبة لمن التزم بالدفع من الممكن أن يلحظ المجلس وضعهم وتتم مساعدتهم بطريقة محددة..
ومن تعرض للغبن أو الظلم بسبب ارتفاع الأسعار بإمكانه التواصل مع مجلس المدينة ومن الممكن أن تتم إعادة النظر بالأرقام الكبيرة و البحث في سبل المساعدة في الحالة التي يتم فيها الالتزام بتسديد بدل الإيجار..
أخيراً
لاشك أن التخديم اللائق للسوق من جميع النواحي الخدمية سيخفف من معاناة تجار سوق الهال و الفلاحين الذين يسوقون محاصيلهم إليه , و سيكون له اليد الطولى في إنعاش الحركة التجارية على مدار الساعة لتعود الصفة المميزة للسوق هي النشاط و الحركة ولئلا يبدو كمملكة خاوية على عروشها عند تمام الثانية عشرة ظهراً ..
هنادي سلامة – محمد بلول