تشكل المعسكرات الإنتاجية في حياة الطلبة محطة هامة ، لأنها تزودهم بالخبرات والمعارف حيث تصقل المعلومات التي يتلقونها خلال الدراسة الجامعية ، إضافة إلى تواصلهم مع زملائهم من باقي الكليات .
طلاب كلية الهندسة المعمارية بجامعة البعث عاشوا تجربة رائعة ومميزة في معسكرهم الإنتاجي هذه السنة الذي كان مختلفاً بكافة المقاييس بالنسبة لهم .
تأهيل مقبرة الشهداء
راما سمرة وهي طالبة هندسة عمارة سنة رابعة تقول : فكرة المعسكر هذه السنة كنت متحمسة لها جداً ، وخاصة أنها خارج المألوف ، فنحن كل سنة نقيم المعسكر الإنتاجي ضمن حرم الجامعة ، لكن هذه المرة معسكرنا ضمن مقبرة الشهداء ، حيث قمنا بإعادة تدوير المواد القديمة ليستفيد منها زوار المقبرة والفكرة كانت من قبل قائد المعسكر الدكتور عهد موسى ، بأن يكون معسكرنا هذه السنة خارج حرم الجامعة ، وذلك بالذهاب إلى مقبرة الشهداء ، وإعادة تأهيلها من جديد .
ففي السنوات الماضية كنا نستخدم المواد القديمة بعد إعادة تدويرها في تحسين بعض الأمور ضمن الجامعة ،كإستخدام دواليب السيارة القديمة ، وتحويلها إلى طاولات والبلاستيك استخدمناه في صنع ( الثريات ) وزجاجات الكولا في صنع ( لوغو الجامعة).
ويتابع محمد عزو من طلبة المعسكر الإنتاجي : استفدنا من الزجاج والحديد التالف وأعدنا تدويرها ، وتحويلها إلى مظلات شمسية ، ومقاعد استخدمناها لتوضع في المقبرة من أجل الزوار ، فالعمل كان جماعياً ما بين الطلبة والدكاترة والمعيدين وقائد المعسكر حيث كان له متعة رائعة وقيمة عظيمة وخاصة أن العمل كان محوره مقابر الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم وبدمائهم من أجلنا .
يضيف حسن عبد الكريم من طلبة المعسكر أيضاً : المعسكر هذه السنة كان استثنائياً بامتياز ، ففي اليوم الأول عند دخولنا مقبرة الشهداء ، كان مؤثراً في نفوسنا جميعاً ، وخاصة عند رؤيتنا لصورهم ، وتحديداً صور الأطفال ، أخذنا المواد الأولية ( حديد – زجاج – خشب ) إلى مكان الموقع ( مقبرة الشهداء ) وتم العمل هناك على أرض الواقع ، بإعادة تدوير هذه المواد ، بالإضافة إلى بعض المظلات والمقاعد التالفة في الجامعة ، والتي تم ترحيلها إلى المقبرة ، والعمل على إعادة صيانتها ودعمها بالمواد الأولية ، وعلى مدار أسبوع كامل ، لم نشعر بأي جهد أو تعب ، بفضل روح الجماعة والمشاركة ، والدعم من قائد المعسكر .
أما غدير ديب من طلبة المعسكر يقول: المعسكرات في السنوات السابقة كانت عبارة عن دراسة عملية ضمن الجامعة ، أما هذه السنة كسرنا الروتين – وذلك بخوض الحياة العملية على أرض الواقع خارج حرم الجامعة ، وذلك بدعم دراستنا النظرية بالتطبيق العملي ، فالعمل في المعسكر كان ذاتياً وطوعياً ، ونحن بفضل روح العمل الجماعي بين الطلبة ، وقائد المعسكر قمنا بعمل جبار وفني بنفس الوقت خلال الرسم على جدران المقبرة ومدخلها بما يعبر عن الشهادة والشهداء ، كما استفدنا من الزجاج بتشكيل العلم السوري ، بالإضافة إلى بعض اللوحات التي تروي قصة الشهداء الذين هم رمز العنفوان والكرامة والشهادة .
نصب تذكاري
عماد النجار وهو طالب سنة رابعة هندسة عمارة كانت له مشاركة مميزة في المعسكر قال : تم تقسيم العمل بين الطلبة إلى فئات بإشراف قائد المعسكر والمعيدين ، فمنهم من رسم لوحات جدارية ، ولوحات فسيفساء بالزجاج من خلال إعادة تدوير المواد التالفة ، وكراسي ومظلات تمت إعادة تصنيعها ، بالإستفادة من بعض المواد التي تم إعادة تدويرها ، أما عن مشاركتي ، فكانت عبارة عن نصب تذكاري قمت بصنعه ، وهو منزل صغير للشهيد والذي يحمل بمعانيه خوذة الجندي وبندقيته ، والنصب التذكاري مكون من الفلين ( ستيروبور ) ومن الخارج تم تلبيسه بمادة القنب أو ( القش ) والجبص ، وذلك لعزله وحمايته من العوامل الخارجية ، بالإضافة إلى طبقة من الدهان الأبيض ، وبذلك نضمن حماية كاملة له من أي تلف ، وسيوضع عند باب المقبرة الخارجي بمحاذاة اللوحات الجدارية ، وما يميز عملنا الجماعي روح المشاركة مع بعضنا البعض ، وخاصة أنه عربون محبة ووفاء وتقدير للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل أن تحيا سورية .
معسكراً استثنائياً
ويتحدث قائد المعسكر الدكتور عهد موسى عن التجربة الرائعة هذه السنة : إنه معسكر استثنائي والهدف منه تقديم عمل مميز للشهداء وخاصة في بداية الحرب فالعمل كان عبارة عن تجميل مقبرة الفردوس للشهداء حيث لهم ركن خاص بهم ضمن المقبرة العامة فالطلبة قاموا برسم اللوحات الجدارية والاستعانة بالزجاج الذي تم اعادة تدويره فالرسومات تحكي عن بطولات الجندي السوري وتحديداً حرب الثماني سنوات بالإضافة الى رسم العلم السوري الذي هو رمز للانتماء والكرامة كما أقمنا ركناً لذوي الشهداء عند زيارة أضرحة أبنائهم من خلال وضع مقاعد ومظلات قام الطلبة بإعادة تصنيعها من خلال إعادة تدوير بعض المواد التالفة ويضيف الدكتور عهد : رغم الأيام القليلة للمعسكر التي كان فيها الكثير من العمل والجهد والتعب وظروف الطقس الصعبة ( حرارة وشمس ) لكن الطلبة قاموا بعمل جبار ورائع من خلال جمع الزجاج من الأماكن المهدمة ( جورة الشياح – الوعر – جب الجندلي ) والمعدن من ضمن حرم الجامعة وما قمنا به جزء بسيط لنعبر عن حبنا وفخرنا بالشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل نصرة سورية وبعد انتهاء المعسكر أقمنا عدة لقاءات ومحاضرات للمعسكرات الإنتاجية المقامة في جامعة البعث وكانت ثلاث محاضرات ثقافية هي : أضرار المخدرات وقضايا الشباب – الجرائم الالكترونية – الجمعية العلمية للمعلوماتية وآفاقها المستقبلية .
طلبة المعلوماتية
أما طلبة المعسكر الإنتاجي للهندسة المعلوماتية أخذ منحى آخر مختلف عن طلبة كلية العمارة .
يقول الطالب وليد الجرف سنة رابعة : قسمنا الى ( 7 مجموعات ) كل مجموعة لها مهام موكلة إليها وتفرز الى كلية معينة وأنا كنت مشرفاً على مجموعة البتروكيما وعملنا كان قائماً على مساعدة الموظفين في قسم شؤون الطلاب والامتحانات من خلال ادخال البيانات لطلاب الكلية المعنية على برنامج ( الآكسل) ومساعدتهم بقواعد البيانات بإدخال العلامات الى الـ ( DATA) وفرز الطلبة الناجحين عن الراسبين .
وتتابع الطالبة رهف المحمد سنة رابعة أيضاً : أنا ضمن المجموعة التي فرزت الى كلية التربية وعملنا كان يعتمد على (إعادة الفرمتة ) لبعض أجهزة الحواسيب بالإضافة الى مساعدة الموظفين في شؤون الطلاب والامتحانات والاطلاع على برنامج تصحيح المواد المؤتمتة كآلية عمل ( برمجياً وميكانيكياً ) .
ويضيف قائد المعسكر الدكتور ناصر أبو صالح عن عمل الطلبة لمعسكر هذه السنة : كان عمل الطلبة هو أتمتة سجلات شؤون الطلاب في معظم الكليات التي هي بحاجة لذلك بالإضافة الى صيانة وفرمتة بعض أجهزة الحواسيب .
فالفائدة من هذا العمل هو روح العمل الجماعي والمشاركة بين الطلبة وتحقيق الفائدة العلمية وتم تقسيم الطلاب الى مجموعات وكل مجموعة لها مشرف على عملها والأهم من ذلك هو مساعدة الموظفين في أتمتة سجلات شؤون الطلبة . فالمعسكرات مهمة جداً بالنسبة للطلبة من أجل تفعيل المبادرات الجماعية والتطوعية لديهم وخاصة بعد حرب الثماني سنوات التي مرت بها بلدنا سورية .
رهف قمشري