إن استخدام البطاقات الالكترونية في العديد من مناحي الحياة ، لا بد أنه يساهم في تقديم الخدمات المتوفرة لدى الحكومة ، بشكل سلس و سريع و أكثر دقة تفاديا للهدر و الفساد .. هذا ما يجب أن يكون عليه الحال ، لكن للأسف غالبا تكون النتائج عكسية ، و تكون وبالا على المواطنين بدلا من تسهيل و تسريع إيصال الخدمات إليهم ، و هذا ما يحدث تماما ، بعد اعتماد البطاقة الالكترونية ، لاستلام مخصصات المازوت للمحركات المشغلة لآبار المياه ، حيث يحرم أهالي الكثير من البلدات و المناطق من مياه الشرب ، لمدة تتجاوز عشرة أيام شهريا ، بسبب تأخر استلام المازوت أو تحويله عبر البطاقة الالكترونية ، و لا داعي لتصور معاناة المواطنين من انقطاع مياه الشرب ، فهو أمر واقع و مرير ، و ماثل أمام أعين الجهات المعنية عن كل هذه العملية ، من شركة المحروقات إلى المكتب التنفيذي إلى مؤسسة المياه مرورا بكل المفاصل.
بكل تأكيد لسنا ضد تطوير العمل ، و استخدام التكنولوجيا الرقمية ، بشرط أن تهدف لتوفير و تحسين و رفع مستوى الخدمات ، بالتوازي مع الحفاظ على الموارد و روافع الطاقة من محروقات و غيرها ، و ليس بهدف زيادة التقنين و تأخير تسليم المخصصات ، كما يحدث الآن على حساب معاناة المواطنين ، و الشيء بالشيء يذكر فبعد توطين رواتب العاملين بمؤسسات الحكومة في المصارف العامة ، بدأت معاناة الكثير منهم لأسباب كثيرة ، ممكن أن نجملها بعدم توفير البنية التحتية اللازمة لقيام الموظف باستلام راتبه عن طريق البطاقة المصرفية ، علما أن العديد من المصارف كالتجاري و العقاري تجد صعوبات بالغة بتوفير البطاقات المصرفية للعمال و الموظفين الجدد ، دون أن ينتهي الأمر عند هذا الحد فمشاكل و عوائق العمل لدى المصارف لا تعد و لا تحصى ، و منها انقطاع التيار الكهربائي ، و قلة المحروقات ، و النقص بعدد الموظفين لديها ، و قدم الصرافات الآلية ، و تعطلها المستمر مع فقدان قطع التبديل و غلاء أسعارها ، و سوء الشبكة المعروف لدى الجميع و و و …. إلى ما هنالك من مشاكل و صعوبات ، وبالنتيجة يتحمل المواطن جميع النتائج السلبية لهذه القرارات ، بالتحول إلى الرقمية مع غياب البنى التحتية اللازمة لهذا التحول ، و غياب الحلول لجميع هذه المشاكل الناتجة عنه ، و طبعا نستطيع أن نسوق الكثير من الأمثلة بهذا الإطار ، لكن سنكتفي بهذا القدر كي لا نطيل أكثر من ذلك ، و كل ما نأمله أن لا تستمر هذه النتائج السلبية لاستخدام التكنولوجيا ، خاصة أن الحكومة جادة و تسير بخطوات حثيثة لاستخدام البطاقة الالكترونية ، بتوزيع الدعم على مستحقيه ، ورغم عدم توفر معلومات عن الآلية التي سيتم إتباعها بهذا الخصوص ، إلا أن جميع تجارب التحول الرقمي السابقة ، تجعلنا نضع أيادينا على قلوبنا و نقول ربنا يستر !!.
يحيى مدلج