تحية الصباح .. الدكتوراه الفخرية

أذكر أن تعبير الدكتوراه الفخرية ناسم سمعي لأول مرة في جامعة دمشق في مطلع السبعينيات، إذ كان العلامة الشيخ سعيد الأفغاني يدرّس مادة النحو في الجامعة وكان لا يحمل شهادات عليا وعلى الرغم من ذلك كان يدرّس في ثلاث جامعات : جامعة بيروت العربية والجامعة الأمريكية في بيروت بالإضافة الى جامعة دمشق، وكان أستاذاً جامعياً مثيراً لإعجاب كل من عرفه وهو علامة في اللغة وآدابها يجلس مرتاحاً على أكثر من خمسين مؤلفاً , وعندما استغرب بعضنا وتساءل : كيف يدرّس في ثلاث جامعات معروفة وهو لا يحمل شهادة الدكتوراه ؟!
كان الجواب الذي سمعته لأول مرة : إن جامعات كثيرة سارعت الى منحه درجة الدكتوراه الفخرية لأن إنتاجه اللغوي والأدبي يستحق ذلك ، وبعدها حدثنا أستاذنا الدكتور حسام الخطيب – أطال الله عمره – عن حالات كثيرة أذكر منها حديثه عن المفكر العربي الفلسطيني إدوارد سعيد صاحب الكتب الهامة عن الاستشراق والثقافة والامبريالية وصاحب كتاب – خارج المكان – الذي أثار غضب الصهاينة , كيف منحته أكثر من جامعة أمريكية عريقة شهادة الدكتوراه الفخرية معتزة بمنحها لهذه الشخصية , وأردف أن هذه الشهادة شهادة الدكتوراه الفخرية تمنح لمن قدّم إبداعات أو اختراعات أو خدمات للإنسانية أو لوطنه من وجهة نظر الجهة المانحة ولذلك منحت للأديب الايرلندي الساخر – جورج برناردشو – والكلام لأستاذنا الدكتور حسام الخطيب الذي تخرج في جامعة كمبردج- العريقة – .
أعتقد أن هذا الكلام كان في زمن يعطي الأهمية للصورة لا للإطار أو – البرواظ – فالصورة هي الجوهر الثمين أما الإطار فتحصيل حاصل أو من سقط الكلام، واليوم فالغالب أن الإطار صار أهم من الصورة ونحت الناس من لفظ – البرواظ – فلان يتبروظ .
فصارت قيمة الإنسان – عند بعض الناس – بقيمة جهاز الهاتف الجوال الذي يحمله وصار ثمنه ثمن السيارة التي يمتطيها وصار بحاجة الى تكبير الإطار وتلميع – البرواظ – بلقب أوصفة ولو كانت خلبية فكيف إذا كانت رنانة وذات تاريخ وهنا لبت مواقع التواصل الاجتماعي على الشابكة الرغبات وأخذ من لا شغل لهم إلا إقامة مواقع ولو كانت وهمية في أسمائها ينشئون هذه المواقع تحت عناوين براقة، موقع الجامعة العالمية ،موقع الجامعة الدولية للدراسات العالية , موقع الثقافة العليا .. وعبر هذه المواقع أخذوا ينشرون قراراتهم بمنح فلان أو فلانة شهادة الدكتوراه الفخرية والحجة إبداع أدبي أو تفوق علمي أو مكانة ثقافية أو فنية مزعومة، والطريف في الأمر أن من يمنحه قرار الموقع» الدكتوراه الفخرية «يغدو متمسكاً بها يزم شفتيه ويقطب جبينه وقد يصاب بالقرحة المعدية أو الجلطة الدماغية إذا سلبتها منه في مخاطبتك إياه وكأنه جحا الذي كذب الكذبة وصدقها .
ومن أطرف ماسمعت أن موهبة عبقرية تجاوزت وادي عبقر بمسافات شاسعة أصبحت في جعبتها ست شهادات دكتوراه فخرية من مواقع وهمية وهي متمسكة بها على الرغم من أنها لا تزال تفك الحرف بالكماشة !! فتصور يارعاك الله .. لقد غابت الصورة الجوهر وبقي الإطار ..!!

د. غسان لافي طعمة

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...