تكثر مظاهر الانحراف بين أبناء المجتمعات التي تعاني ظروفاً قاسية بسبب الحروب وتبعاتها ،والأطفال عادة هم الحلقة الأضعف في هذه المجتمعات ، حيث يتحولون إلى ضحايا للتشرد ، والتفكك الاسري والفقر وكل ما تتركه فوضى الحروب من أمراض اجتماعية أخرى ، والدافع الأول للسلوكيات غير الإيجابية لدى الأطفال والمراهقين في مثل هذه الظروف ، هو غياب الوعي والتوعية وانتشار العنف وتردي الظروف الاقتصادية التي تدفع الأهل في كثير من الأحيان الى تشغيل أبنائهم في أعمال لا تليق بطفولتهم وتؤثر في نشأتهم ، فيتحولون الى متسولين أو يتجهون نحو السرقة بعد احتكاكهم بأقران السوء في الشوارع والأزقة ، وبعد امتناع الأهل عن إرسالهم الى المدارس ودفعهم الى سوق العمل ، بما ينتج الأمية والجهل وينعكس سلوكاً منحرفاً لدى هؤلاء الأطفال ، وكم سمعنا عن جرائم كاملة كان يقوم بها بعض المنحرفين من المراهقين الذين فقدوا مسكنهم وتشردوا بفعل الإرهاب وفقدوا الرعاية الأسرية وعانوا الفقر الذي يعد المحرك الأول للأعمال الخارجة عن القانون ، وكم كثرت حالات تعاطي المخدرات بين المراهقين الذين يتم توريطهم من قبل مروجي المخدرات لتشغيلهم لاحقاً في هذا المجال .
انتشار مثل هذه السلوكيات بين الأطفال والمراهقين يشكل خطراً حقيقياً يهدد مستقبل المجتمعات التي تطمح للاستقرار والبناء ، لأن الاطفال هم اللبنة الأولى في هذا البناء ، لذلك يجب إعادة المتسربين الى مدارسهم ، وتشديد العقوبات بحق مشغلي الأطفال ومستغليهم ودعم مراكز الإصلاح ومكافحة التسول وتحسين بيئة الطفل التي ينشأ فيها والبحث عن حلول للأسر التي تعاني الفقر والتشرد .
سمر المحمد
المزيد...