في إحدى لحظات بوح نسائم الروح المحتضنة في خلجات النفس الإنسانية يقف المرء محتارا مما تستحضره منارات نبض القلوب المتعبة من رنين وصخب التساؤلات ولاسيما التي مازالت بلا أجوبة مقنعة .. وهنا تتبادل لحظات البوح المتناغمة مع حاجات الجسد بعيدا عن تداعيات القيل والقال وعن البحث الممض عن توفير لقمة العيش الصالحة للاستهلاك في كل زمان ومكان والتي لم تستطع الجهات المعنية بحماية المستهلك أيجاد حلول جذرية لتوفيرها لأن مشجب الدولار مازال يتحمل حتى اللحظة الكثير من الذرائع, ذرائع الاحتكار و الغش والتدليس رغم محاولات هذه الجهات المتكررة لضبط حركة الأسعار .. وإزاء هذا البوح القابع في ثنايا أرواح شريحة ذوي الدخل المحدود يرتجف الحلم لضيق ذات اليد وتغص الكلمات عندما يطلب الأطفال حقهم في ملامسة أفراح العيد فهم لا يعرفون الأعذار ولا يقتنعون بترتيب الأولويات الاقتصادية لأهلهم ويقرنون أنفسهم بما يلبسه أقرانهم هكذا هم الأطفال يظنون أن آباءهم يجنون رواتبهم من أشجار أيامهم التي تئن بأوجاع الحاجات .. فالأطفال لا يتعرفون على العيد إلا من خلال اللباس الجديد ومعايدات الأقرباء والحلوى واللهو على شواطىء اختصارات أحلام ذويهم .. ورغم أن أغلبنا انطلق في دروب الحياة كالشهب في السماء آملا أن يجني ذهب السنابل ولكن هناك أمكنة تعيش في الذاكرة مختبئة ولكنها مرشحة دوماً للظهور في أي لحظة وكأن الزمان لم يمر عليها.. وهكذا تستدعيك مع قدوم مناسبات الأعياد دوماً لأنها حية دون أن تدري.. ونجتهد نحن الأهل لتلبية رغبات أطفالنا مستذكرين أيام طفولتنا .. فالمكان الأول المتلبس بالطفولة يبقى عالقا في شغاف القلب يصاحبنا في كل الأمكنة التي نزورها ولا يبرحنا وإن وجدنا ما هو أجمل منه فلا نقوى أن نتخلص أو نشفى من حنينه وذكراه لذلك ستظل مناسبات الأعياد تمتلك وميضا خاصا بها طبعت في الذاكرة نداءات حنين تصاحبنا أينما حللنا ومهما تقدم بنا العمر واشتعل الرأس شيبا .. هكذا هي أطياف ذاكرة الطفولة تعيش معنا رغم اختبائها عن العيون المكحلة بماء الزهر وعبير الحبق وشذى الياسمين .. وكل عام وانتم بألف خير ووطننا منارة وأسطورة الحضارات الإنسانية.
العروبة – بسام عمران