شكوى
قال، وهو بحالة هِياجٍ ومِياج: والله يا صاحبي، قد جهّزنا أحد الدوّارات، على حسابنا الخاص، الدوّار المعروف بـ «دوّار النّخلة»، اعتقدنا – واهِمِين – أننا نقدّم شيئاً حضارياً لمدينتنا الغالية، لكننا بعد فترة ليست طويلة، فوجئنا بأنّ أحد «المشلولِين عقلياً»، بمفرده، أو بمساعدة حفنة من أمثاله، قد سطا «سَطَوا» على أسلاك النّحاس، وعلى كشّافات الإنارة، فصارت النّخلة كابِية مُعتمة، كأنّها حزنت على سلوكياتٍ خاطئة، ارتكبها فرد أو أكثر من أفراد المجتمع المستهترين، لأنّهم بِسخف عقولهم المُطلسَمة، يخافون النّور والسّطوع، وكلّ ما له علاقة بالحضارة والتّمدن والجَمَال..
باسم القانون
شكا همّه، يكاد الرّجل أنْ يطقّ له بعض عروق رقبته، أنْ يخرج من ثيابه، لفرط انزعاجه وغضبه وثوران نفسه.. فحوى الشّكوى: أنّ أحد الموظفين، أراد من صاحب البقالية أنْ يدفع له «المعلوم»، أو «ثمن فنجان قهوة مُهَيَّلة»، وإلّا، فإنّ الضبط التمويني سيكون باهظاً؛ لمّا امتنع الرّجل عن دفع أية رشوة للموظف الفاسِد، كانت قيمة الضبط أكثر من عشرين ألفاً، لأنّ البقّال يعتبر الرّشوة حراماً وفساداً وخيانة لروح القانون..السؤال: «أبهذا الأسلوب المُدَان، نبني ما تهدّم منْ نفوس وعقول وآمال وحيطان، بسبب هذه الحرب الظالمة الضّروس، الواقعة علينا جميعاً»؟!
من النّافذة
إنه لموقف يدعو إلى التقزّز والغثيان، وأنت ترى سائق سيارة، خاصّة أو عامّة، وهو يرمي من نافذة سيارته، كيس «بطاطا – شِيبس» فارغاً، أو وأنت ترى شخصاً مارّاً بالطريق، يلقي بعلبة الدّخان الفارغة أرضاً، يلتقطها الهواء، يلعب بها، كأنّها كرة يتقاذفها أطفال الحيّ.. يفعل هذا منْ دون أيّ وازع من ضمير، أو أيّ خوف من قانون، وفي هذا ما فيه من تخلّف، واستهتار، وميوعة، الشارع «أيّها المارّون» الأشاوس، ليس مكبّاً لفضلاتكم.. على المقلب الآخر، في «سنغافورة»، بهذا البلد الآسيويّ النظيف جدّاً، بسبب تسيُّد القانون، وصرامته وتطبيقه فعليّاً، لا يجرؤ شخصٌ ما، على رمي عقب سيجارته بالطريق، وإذا كان ماشِياً، فإنّه ينفض البقايا بِعُلبةٍ خاصّة، يحملها بيده الثانية.. هل نتعلّم؟
إعجاب
ذهب الأب منذ أربع سنوات خَطفاً، هو وسيّارته «العمومي»، على يد جماعة إرهابية، .. ارتحلت زوجته، أمّ أولاده الثلاثة، بذاك المرض الخبيث، اغتالها هكذا بِليلة ليْلاء، بعد معاناة مريرة لأكثر من سنة، أضحت جِلداً وعظْماً.. لم يقصّر «أبو العيال»، بمسؤولية علاجها بالمشفى المختصّ، لأخذ الجرعات اللازمة، كانت زوجته كلّ حياته، يداريها، كما يدارِي المرء عينَه الرّمْداء.. اليوم، بعد اختطاف الأب، وموت الأمّ، أضحى عمّ الأولاد الثلاث ، والخالات، يرعون الأولاد، الذين ظلمتهم الحياة.. يتحمّلون المسؤولية كاملة، خوفاً على هؤلاء اليتامى من الضياع والتشتّت ورفاق السّوء..
رصاص
كم مرّة ناشدتْ «وزارة الداخلية»، وقيادات الشرطة بالمحافظات، المواطنينَ الكرام، بعدم إطلاق الرّصاص، بمناسبة وبغير مناسبة، خوفاً من وقوع حوادث، تلغي بهجة القلوب، ومَفارِيح الأعياد.. مع هذا وذاك، فقد ظلّت شرذمة من البُلهاء، تمارس هذا الفعل المُخالف لروح القانون، الذي كان من حصيلته، وفاة شاب بأوّل شبابه، أو موت شابة، وهي في ريّق العمر ونضارته، برصاصة طائشة، سقطت عليه / عليها من الجوّ.. السؤال السّاخن، كسخونة الحشوة السّاقطة على الأجساد والرّؤوس: هل تعدل الدولة نصّ القانون، بحيث تكون العقوبة شديدة، بالغرامة والسّجن، ليرتدع كلّ مَنْ تسوّل له نفسه، إطلاق الرّصاص، هكذا اعتباطاً، بدون أيّ رادع من خُلق، أو ذرّة من ضمير، خوفاً على أرْواح العباد، وحياة الناس؟
سؤال
كيف يتمّ عندنا اختيار مذيعة التلفزيون، أو المذيع؟ أليست الثقافة، وطريقة إدارة الحوار، والنّطق السّليم، والوجه الصّبوح، وإجادة فنّ التقديم، وإتقان إحدى اللغات الأجنبية، وسوى ذلك، شروطاً لازِمة لازِبة، لقبول هذا المذيع / هذه المذيعة، ليكون / لتكون، مقبولَين من المشاهدين الكرام؟ سؤال، ما من جواب عنه، بكلّ تأكيد.. لكنّني محكوم بالأمل..
لَهُم.. لأمثالهم تُرفَعُ القبّعات
من صبيحة أوّل أيام عيد الأضحى المبارك، رآهم عدد غفير من المارّة، وهم بلباسهم الموحّد، يجمعون فضلات وبقايا بيوم «وقفة العيد».. يعملون بهمّةٍ عالية، وتعبٍ مُقدَّر، وجهدٍ مشكور، يتحدّون كلّ هذه الرّوائح المُقزّزة، وهذه القاذُورات المرميّة من بعض السكّان، هكذا اعتباطاً، مع أنّ حاويات «مصلحة النظافة» الحديدية، موجودة بالأعمّ الأغْلب منْ شوارع الأحياء.. لكم أيّها السّادة، أيّها الشّرفاء، أيّها المُتعَبون المحترَمون، تُرفَعُ القبّعات، تقديراً لحبَّات العرق المُنداح على الجباه والأعناق، ولهذه الجهود المُضنية الغالية، أنتم يا مَنْ تمضغون خبزكم، بعرق الجبين، وكدّ اليمين..
وجيه حسن