دعا الأدباء المشاركون في الحفل الذي أقامه فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب العرب في سورية تحت عنوان (الدور الثقافي للاتحاد في دعم الهوية القومية العربية).دعوا لجعل الكتابة مهنة للأديب ,وتحدثوا جميعا عن دور اتحاد الكتاب العرب في نشر الثقافة الوطنية والقومية ونشر الوعي والمعرفة في المجتمع من خلال المحاضرات والأمسيات الشعرية والقصصية والندوات النقدية التي تقام في فروع الاتحاد في المحافظات ومن خلال منشورات اتحاد الكتاب عبر مطبوعاته.
كما تم الحديث عن أهداف الاتحاد وجمعياته والظروف التي رافقت مرحلة التأسيس وشروط الإنتساب وفوائده المعنوية والمادية على الاعضاء.
محاربة التيارات الظلامية
رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص الدكتور عبد الرحمن بيطار ,بين أن اتحاد الكتاب العرب في سورية ومنذ تأسيسه عمل على دعم أي كاتب عربي من أبناء الامة العربية بما فيهم العرب المغتربين وبإمكانهم ان ينتسبوا لاتحاد الكتاب العرب في سورية وأوضح أن اثنين من أدباء حمص كانوا من المؤسسين لإتحاد الكتاب العرب في سورية وهما الشاعران ممدوح سكاف ونصوح فاخوري وبين ان اهداف الاتحاد جميعها تصب في دعم الكتاب من الوطن العربي كله واستلهام التراث العربي وإذكاء روح المقاومة والصمود ومحاربة التيارات الفكرية الظلامية وأكد ان الدور التاريخي للإتحاد هو الحفاظ على الهوية العربية وبين أن فرع الإتحاد يقوم ببيع المطبوعات الصادرة عن الإتحاد كما يتعاون مع الهيئات والمؤسسات المختلفة لتنفيذ نشاطات متنوعة وجاذبة للجمهور المثقف .
*محمد بري العواني الذي أدار الجلسة بين أن مطبوعات الإتحاد الشعرية من حيث العدد أكثر من غيرها من الأنواع الاخرى , وأقلها في المسرح ولكن على الرغم من ذلك فإن منشورات الإتحاد من المسرح تضاهي كل ما نشر في الوطن العربي على الإطلاق.
محمد راتب الحلاق تحدث عن بداية انتسابه للإتحاد وصعوبة البدايات في أي عمل مركزا على ضرورة دعم الكتاب وتحويل الكتابة إلى مهنة للأديب .
المسرحي العتيق فرحان بلبل عضو اتحاد الكتاب العرب منذ عام 1975 قارن في ورقة العمل التي قدمها بين شروط الانتساب لإتحاد الكتاب العرب في السابق «مرحلة التأسيس «وبين الشروط الحالية ,ووجد أن السابقة أصعب كونها كانت تشترط على المتقدم لنيل العضوية أن يكون قد نشر العديد من الإبداعات في الجرائد والمجلات حيث لم يكن حينها النشر متاحاً إلا في الجرائد ,فكانت تمر سنون حتى يتسنى للكاتب أن ينشر بعض إبداعه عكس ما هو متوفر اليوم حيث دوريات الإتحاد تأخذ بيد الكاتب وتنشر له نتاجه .كما تحدث عن معاناة الكتاب الجدد في الانتساب للإتحاد حيث البيروقراطية تجعل معالجة طلب المتقدم للانتساب تأخذ سنوات وسنوات وطالب بإعادة النظر في الأساليب الإدارية التي يتعامل من خلالها المسؤولون الثقافيون في مكاتب الاتحاد مع الأعضاء الراغبين بالانتساب أو حتى المنتسبين ,وبين أن إتحاد الكتاب العرب في سورية نشر وطبع لأعضائه ولغير الأعضاء أيضا كما نشر للكتاب العرب في الأقطار العربية كافة , فقد نشرت أغلب مسرحيات المغرب العربي في اتحاد الكتاب العرب في سورية.
محمد الفهد رئيس جمعية الشعر في فرع الإتحاد ,طالب ألا تكون علاقة المشرفين على المكاتب الإدارية بالأعضاء علاقة الحاجب بالبواب ,لأن الأديب له خصوصيته و يجب ان يحظى بالإحترام والتقدير موضحاً أن العولمة تحاول تنميط الثقافة ضمن نوع واحد ومن هنا يكون الاحتفال بالعيد الذهبي لتأسيس اتحاد الكتاب العرب هو احتفاء بكل أديب له صوته الأدبي المعبر عن تجربة خاصة به .
إبعاد المتطفلين
في حين رأى الفهد أن وضع شروط للإنتساب من شأنه أن يبعد المتطفلين على عالم الأدب مبيناً أنه من شروط الموافقة على قبول العضوية أن تكون المجموعتان الشعريتان مكتوبتين باللغة العربية الفصحى ويجب أن تمر على قارئين وإن اختلفا بالحكم تعاد القراءة ثانية مطالباً بضرورة بقاء تقرير الكتابة سرياً وضرورة أن تتمتع لجان القراءة بذائقة جمالية ومعرفية دون أي تعصب أو إلغاء لأي جنس أدبي .
وختمت الفعالية مع الشاعر العتيق عبد الكريم الناعم الذي ألقى خمرية صوفية من قصائده روى فيها بعضاً من سيرته الشعرية هذا نصها :
ماذَا أنا الآنَ والأحلامُ غارِبةٌ
قَوْسٌ على لَحْنِهِ الفضيِّ يَنْكَسِرُ
نايٌ تَدَفَّقَ في آياتِهِ شَجَناً
أقامَ فيه إلى أَنْ حَنَّتِ السُّوَرُ
_ أَسْتَرْجِعُ الآنَ ما قَدْ مَرَّ وَالَهَفَا
فَيُدْخِلُ الجُرْحَ في آلاَمِهِ الخَدَرُ
لولَا العِنايَةُ في نسيانِ ما ازدحمتْ
ما كان في سُوقِها يُسْتَسْهَلُ الوَعِرُ
لو كانَ للنّهرِ في مجراهُ ذاكِرَةٌ
لَمَا تَدَفَّقَ في أمدائِهِ النَّهَرُ .
_ قِفْ بالمحطّاتِ يا طيرَ المَدَى غَرِداً
فَلَسْتَ تَدري متى لا يَرْحَلُ الغَجَرُ
وآتْرُكْ أغانيكَ ألْواناً مُفَوَّفَةً
فَقَدْ يُباركُها أنْ يُفْتَنَ الزَّهَرُ
ماذا على الشَطِّ ؟ أنَّ الماءَ ذو غِيَرٍ
وكانَ أجْمَلَ ما في وَعْدِهِ الغِيَرُ ؟!
هذي المَحطّاتُ حتّى حينَ نَتْرُكُهُا
يَظَلُّ أَرْوَعَ ما في صَمْتِها السِّيَرُ
_ تَقَلَّبَتْ بِدمي الأحوالُ راعفةً
في رِيّقِ الصَّفْوِ شيءٌ إِسْمُهُ العَكَرُ
وكانَ لي نُعْمَيَاتُ الشَّهْدِ ذاتَ مَدَىً
فَظَلَّ مِن شَهْدِها الإطراقُ ، والإبَرُ .
قَدْ لا يكونُ لهذا القَوْلِ مِنْ أَثَرٍ
ولَسْتُ أزْعُمُ أَنْ قَدْ يَنْفَعُ الأَثَرُ
لكِنَّها وَرْدَةٌ في باقةٍ عَبِقَتْ
فَكُنْ أَنيساً إلى أنْ يَنْفَدَ العَطِرُ
وقَدْ يكونُ منَ الأجدى وقَدْ سَرَحَتْ
أَنْ تُكْمِلَ الشَّوْطَ في تسيارِها الغُدُرُ
وأَنْ تَرى ما تَرى في حُرِّ رِحْلَتِهِا
حتّى كأَنَّ الذي تَخْتَارُهُ قَدَرُ .
_ أُشرِبْتُ سُمّاً من الأهلينَ ذاتَ ضُحىً
وحينَ لا نَفْعَ في مَغناهُموآعتَذَروا .
وَالَيْتُ أرضي بِما شَعَّتْ ومَا بَذَرَتْ
خيراً ، وأَنْكَرْتُ ما يأتي بهِ الكَدَرُ
اَلنّورُ والخيرُ أُفْقَا ما أدينُ بهِ
وكُلُّ شيءٍ لهُ مِنْ طَبْعِهِ صُوَرُ
أُحِبُّ قَومي وَلَا أُعْليُهم سَفَهاً
تَبَارَكَ الحقُّ مِعياراً إذا عَبَروا .
_ أبْقَيْتُ في دفتري بعضَ الذي حَمَلَتْ
مني الضّلوعُ ولي مِن رِيِّها سَكَرُ
وَنُحْتُ في كلِّ أرْضٍ أُهْدِرَتْ فَبَكَتْ
كَأَنَّ لي كلَّ ما عاثوا وما هَدروا
وكلُّ غَصَّةِ قهرٍ أينما وُجِدَتْ
على فؤادي لَها من جُرْحِها أَثَرُ
وكنتُ أَنحو إلى الأبهى فإنْ زَلَقَتْ
أقدامُها راهَنَتْ أنْ يَنْفَعَ الحَذَرُ
وهَا أنَا أدخُلُ الستّينَ ،أَعْزِقُها
وكلُّ قَوْمٍ معَ الدّنيا ومَا بَذروا
ما مَرَّ حُلْمٌ ، ومَا يأتيكَ مُكْتَنَفٌ بالغيبِ
فآشرَبْ مِنَ العُنقودِ ما عَصروا
فَ « نُوحُ » ما زالَ إمَّا رِحْلَةٌ بَدَأَتْ
تَراهُ يَذوي بما يُسقى ، ويَعْتَمِرُ
_ « ( يا نوحُ ) ماذا «؟
_ « هُما بابانِ يا وَلَدي »
يا مَنْ يُعَلِّلُ أَهْلَ السِّرِّ إنْ جَهَروا .
_ آناً هيَ النّفْسُ مِشكَاةٌ تَشِعُّ بما
أَشاعَ فيها السَّنى فَالكَوْنُ مُزْدَهِرُ
وآنةً ،/ ما الّذي لِلنّورِ في حَجَرٍ ؟!
يا طيبَ ما كانَ لَوْ أنَّ الفتى حَجَرُ
وبينَ هذي وهذي كُلّما خَطَرَتْ
في بازغٍ شَعَّ في أعماقِها قمَرُ
_ وَقَفْتُ بالبابِ يا رَّباهُ منكَسْراً
هذي صلاتيَ أنّي جِئْتُ أَنْكَسِرُ
أدعوكَ فآحفَظْ بلادي إنَّ عِزَّتَها
ضُوءُ المناراتِ إمّا آستَرْشَدَتْ عُصُرُ
إنْ لَاثَها طامِعٌ مِن أَهْلِ جِلْدَتِها
أَوْ خَضَّها غاشِمٌ في رَاْيِهِ قِصَرُ
فَقَدْ تَفَتَّحَ فيها منذُ خُطْوتِها الأولى
الذي دُونَهُ قَدْ قَصَّرَ البَشَرُ
وكانَ فيها رسالاتٌ وحَشْدُ رؤىً
وكانَ فيها الصِّبا ، والصّنْجُ ، والوَتَرُ
وكَمْ تَحَرَّفَ عَنْ سَمْتِ الضِّياءِ هَوَىً
مَنْ هَمُّهُ السُّلْطَةُ العمياءُ والبَطَرُ .
_ وَقَفْتُ بالبابِ يا رَّباهُ مُنْكَسِراً
هذا دعائيَ أَنّي جئتُ أَنْكَسِرُ
أُقيمُ جُدرانَ أيّامٍ مُصَدَّعَةٍ
وليسَ تَمْنَعُنا عن قَفْزِها الجُدُرُ
رفاقيَ البعضُ قد صاروا إلى جَدَثٍ
وثَمَّ بَعْضٌ على الأيامِ يَنْتَظِرُ
كُلُّ المحطاتِ كانتُ عِبْرَةً ومَدىً
لَوْ كانَ تَنْفَعُ في أمثالِنا العِبَرُ
رُحْنَا على الدّربِ تَيَّاهينَ نَسْبِقُهُ
وغَرَّنَا ، آنَ لَمْ تَصْفُ الرّؤىَ ، السَّفَرُ
وها أَنَا الآنَ قَشٌّ مُفْعَمٌ أَرَقاً
يكادُ يَيْبَسُ في أَحنَائِهِ الشَّرَرُ
إذا تَذَكَّرْتُ أهوالَ السَّفَارِ وما
بي من جراحٍ على الشّطيْنِ تَنْشَطَرُ
أَكادُ أحْنُو على روحي أُهَدْهِدُها
كَيلا تُشَظّي بَقايا الرِّحْلَةِ الذِّكَرُ
في اليمِّ ألقَيْتُ يا ربَّاهُ أشْرِعتي
فَصَفَّقَتْ لِبياضِ الرّحْلَةِ الجُزُرُ
وأنْتَ أدرى بما في الرّوحِ منْ لَهَفٍ
فاحفَظْ سفاري فإنَّ القَوْمَ قَدْ بَكَروا .
ميمونة العلي
المزيد...