دمشق الحضارة ،دمشق العراقة ،دمشق الصمود في وجه العدوان الأشرس …وصفت عبر التاريخ بصفات كثيرة فهي واحة الصحراء ،مياه وخضرة، فهي مدينة السبعة أنهار التي أوجعت بحسنها الأزاميل كما قال ابنها البار نزار قباني ،وهي :الغناء ذات الأشجار الملتفّة الكثيفة وهي :الفيحاء ذات الرائحة الزكية وهي جنة الأرض جمة الحدائق غزيرة المياه …وإذا كانت قد ذكرت أكثر من عشرين رواية لتسميتها :دمشق فإنني سأختار رواية منها أعجبتني أكثر من غيرها .
روى أبو بكر محمد الفرضي ،وكان قد أسر وبقي في بلاد الروم مدة طويلة أنّ رجلاً من حكماء الروم قال له:إنها سميت دمشق بالرومية ،وإن أصل اسمها :دومسكس …دو :للمضاعفة ،و:مسكس .هو المسك أي العطر المضاعف ،ودومسكس هي التي أصبحت :دومسك ثم دومشك ثم :دمشق .فدمشق إذاً هي المدينة المضاعف عطرها .
وروى لي صديق يقيم في فرنسا منذ زمن ليس بالقليل أن لديهم مثلاً يقولون فيه عن شخص سيئ غيّر آراءه فجأة وأصبح رجلاً حسناً .وجد طريق دمشق –وفي المثل إشارة إلى القديس بولس الذي بهره النور الساطع على طريق دمشق .وليس وحده من بهره نور دمشق الحضاري ،وإنما العالم كله بهر بحضارتها بتاريخها بجمالها والآن يبهر بشجاعتها وصمودها ،ولذلك يأتي إلى معرضها الدولي منذ أكثر من ستين عاماً ،ليعاين حضارتها ويتأمل تاريخها ويستمتع بجمالها وضيافتها ،فأصبح معرض دمشق الدولي معلماً حضارياً بكل ما تعنيه الحضارة من فكر وفن وإبداع ،بكل ما تعنيه من إنتاج زراعي وصناعي وقد ارتبط هذا المعرض بكل ما هو جميل في أذهان الناس .
ارتبط بأجمل الأشعار وأرقها وما أكثرها !!ولكنني أقطف وروداً من بستان ،وردة الشاعر سعيد عقل :
شآم أهلوك أحبابي وموعدنا
أواخر الصيف آن الكرم يعتصر
هنا الفراشات من طيب ومن طرب وأين في غير شام ٍ يطرب الحجر ؟!
ووردة الشاعر نزار قباني ابن دمشق النبيل الجميل :
قل للذين بأرض الشام قد نزلوا
قتيلكم في الهوى ما زال مقتولا
شآم إن كنت أخفي ما أكابده
فأجمل الحب حبٌّ بعد ما قيلا
ولأن الرئيس الأمريكي التاجر النصاب دونالد ترامب لا يحب إلا الدولار ولا يعشق إلا صهيون فقد هدّد كل من يشارك في معرض دمشق الدولي بالعقوبات الاقتصادية ،ويبدو أنه بعقله التجاري الصهيوني عاجز عن فهم حضارة دمشق واستيعاب عزّتها وشموخها،فهو تلميذ كسول في مادتي التاريخ والجغرافيا !!
د.غسان لافي طعمة