ليس سوء تدبير من مسؤولينا ضياع هوية الأرصفة و إشغالاتها وإنما تأكيد على اقتدار أصحاب المحال بالوصول إلى مبتغاهم رغم أنف القانون والقائمين على تطبيقه ، يعني العملية ليست نظيفة إلى درجة أن يأكل القائمون على قمع إشغالات الأرصفة بعقلنا حلاوة بصولات وجولات ليست صارمة ولا رادعة ولا تضبط من تعدى على حرمة الرصيف وشوه معالم الطريق باستثمار عدة أمتار أمام محله التجاري وإحاطته بمظلة لا ظل لقانون يحددها وافتراشه «كل» بما يتوافق مع تجارته ، فبائع الشاورما وضع معظم عدته كراسي وطاولات للزبائن بما يشبه مطعماً مصغراً ، وقس على ذلك بقية المحال التي عرضت بضاعتها على الأرصفة والتعدي بحكم القدم ، وعدم المساءلة والمحاسبة جعل مرتكبيها يظنون أن هذه المسافة « الرصيف « هي من حقهم و«طوبت » لأشغالهم وبما يخدم تجارتهم الخاصة، ..فأينما يممت شطر وجهك في أسواقنا وشوارع حاراتنا الشعبية التعديات تغزو الأرصفة وهذا يعبر عن تقصير وعجز وخلل تعانيه جهاتنا المعنية في بتر تلك الظاهرة التي لم تترك للمشاة موطىء قدم على رصيف قيل أنه « للمشاة » … والمشي على تلك الأرصفة بات نوعاً من القفز والمراوحة في المكان و «النط» بالتناوب بين الرصيف والشارع وبالعكس ..
واستشراء الحالة وتفاقمها شوه جمالية شوارعنا، وأسواقنا مع أنه لو حسبت « صح» لذهب إيجار تلك الأرصفة وريع إشغالاتها إلى الجهات الخدمية « إذا افترضنا أن قمع تلك التعديات أمر لا طائل منه وخارج سيطرة جهاتنا المعنية « فكل شبر وله سعره ، وحاراتنا بحاجة لتخديم « شوارع وحدائق ومدارس» و .. وريع استثمار تلك الإشغالات يخدم المصلحة العامة أفضل من تركه لتاجر نهم وموظف مرتش و نقول ذلك لشكنا و» بعض الشك إثم «بأن هناك تواطؤاً بين المعنيين و التجار بمعنى «طعمي التم بتستحي العين» و فهمكم كفاية فتلبية غريزة الربح لدى تاجر لا يشبع و يتمدمد كأن الطريق ملك له أبا عن جد تضع مئة علامة استفهام و تعجب جراء السكوت على تجاوزاته .. في وقت تحوط المواطن ذو الدخل المحدود مشاكل لا تحصى و لا يجد هذا المواطن جهة تدعمه خدمياً أو مادياً و قد يقول قائل بأن جهاتنا الرسمية ليست جمعية خيرية للمواطن لكن في الجهة المقابلة تجد بأنها تدعم التاجر و تغض النظر عن تجاوزاته التي تقلع العين بتواجدها غير القانوني و المنطقي و الحضاري.
وشوارع مدينتنا ليست رقعة شطرنج و ليست لأربعة لاعبين فقط و من اعتاد القفزات المريبة من مربع إلى آخر يحتاج إلى إيقاف ووضع حد لتجاوزاته التي تزداد بنقلة إثر نقلة .
العروبة – حلم شدود