تحدث يوماً بمصارحة عفوية :لا أدري إذا فسح المجال يوماً أن أتبوأ منصباً مهماً فهل سأكون فاسداً أم لا ؟ أنا اليوم مجرد موظف عادي و ليس بين يدي أية فرصة للفساد كل ما يمكن أن أفسد به أشياء بسيطة مثل استغلال آلة التصوير في العمل لتصوير أسئلة امتحان لأبنائي أو ملخص ما أو صورة لهوية أو بيان قيد عقاري كما أنني أستخدم هاتف العمل لمكالمات خاصة إضافة إلى أنني ربما أمارس الكذب مع المراجعين لأخلص نفسي من عبء القال و القيل وربما أعمل تقريراً طبياً مزيفاً لي أو لزوجتي لتبرير غيابنا عن العمل
هل هذا النوع من الفساد عادي و متعارف عليه لدى الجميع ؟أقول في نفسي دائماً أن من يسرق ورقة تصوير سيسرق مليوناً و من يكذب مرة يكذب ألف مرة ، إذن الفساد يبدأ صغيراً ثم ينمو و يلد و يبيض كالوباء الذي يمشي على خط متعرج ،بدا حينها نموذجا لمياه بركة صافية عذبة يؤنب نفسه لأقل هفوة لأنه مد يده إلى ممتلكات لا تخصه لكن السؤال.. هل ستحركه إغراءات المال؟!! نعم فتمر الأيام و يتبوأ مركزاً مهما فتزداد ثروته و يقبض فمه على سيجار ثخين ليعود و يتحدث و بنفس جديد عن الفضيلة على مبدأ « طعمي التم بتستحي العين» فينقض على كافة اعترافاته السابقة ،إن أي حديث يزيد عن حده ينقلب ضده و يصبح الموقف باعثاً على الضحك الذي نتزود به لنقي أنفسنا شر أزمة نفسية سبّبها من يستخف بعقولنا
فاسدون و انتهازيون كثر يتسللون إلى حياتنا و يقدمون أنفسهم في ثياب الناصحين و يطالبون بالتطهير و التعقيم و من ثم يقدمون رؤى عميقة للمشكلات و حلولاً عبقرية للقبض على منابت الفساد ناسين أو متناسين نفوسهم المصابة بذات الداء و يطالبون بالدواء
عفاف حلاس