في الثامن من حزيران/يونيو 2019، رحل عبد الباسط الساروت تاركاً وراءه إرثاً متعدد الأوجه. عرفه العالم كرمز للثورة السورية، لكنه في الحقيقة كان لوحة إنسانية غنية تجمع بين الرياضة والفن والنضال والشجاعة .
قبل أن يصبح اسماً يتردد في ساحات القتال، كان الساروت حارس مرمى فريق الكرامة ومنتخب الشباب السوري. ولم تكن المهارة في التصدي للكرات هوايته الوحيدة، فقد تمتع بصوت عذب جعله يمتلك مع انطلاق الثورة السورية، سلاحا آخر في مواجهة النظام المجرم ، لم يعد يكتفي بحماية المرمى، بل صار يحمي الأحلام بالحرية، خطاباته الملتهبة التي جمعت بين بلاغة الخطيب وعذوبة المنشد، كانت تشحن همم الثوار وتوقد الأمل في قلوب المدنيين.
وراء صورة البطل الثوري، كان هناك شاب عادي يحب الضحك، يعشق كرة القدم، ويهوى الغناء. هذه الجوانب الإنسانية هي ما جعلت سيرته مختلفة. في أصعب أيام الحصار، كان يرفع معنويات رفاقه الثوار بأنغامه وصوته، مثبتاً أن المقاومة قبل ان تكون بالسلاح ، يجب ان تكون بالروح أيضاً.
اليوم، عندما نستذكر شهيد الثورة عبد الباسط الساروت، لا نستحضر فقط المقاتل الذي حمل السلاح، بل نستحضر الإنسان متعدد المواهب الذي حمل في قلبه حباً للفن والرياضة والوطن، رحل جسده، لكن بقي صوته ، صوتاً غنّى للحياة رغم الموت، وللأمل رغم اليأس.
يحيى مدلج
المزيد...