يربط علماء النفس بين اكتئاب الأشخاص في الخريف وحالة الطقس المتغيرة في هذا الفصل ،حيث يشحب وجه السماء ،وتتساقط أوراق الأشجار ،وتصدر الرياح صفيراً حزيناً ،مما ينعكس سلباً على النفس البشرية ،لكن ما غفل عنه العلماء أن الأسباب الحقيقية لحالات الاكتئاب السائدة لدينا في هذا الفصل هو ارتباطه بإعداد المؤونة والاستعداد للمدارس ،والضغوط المادية التي ترهق المواطن وتؤرقه وخصوصاً أن كل شيء مرتبط بالدولار حتى بات المواطن يهتم بسعر صرف الدولار مقابل الليرة أكثر من الخبراء الاقتصاديين أنفسهم ،لأن كل ارتفاع فاحش للأسعار يرجعه التجار إلى ارتفاع الدولار وبذلك يبررون لأنفسهم حالات الجشع والاستغلال التي تمارس ضد المواطن المعدم ،ويسرحون ويمرحون دونما رادع أخلاقي أو إجراء قانوني يضع حدّاً لجشعهم أو يحد من فوضى الأسواق التي تكوي المواطن بأسعارها وهو عاجز عن فعل أيّ شيء وغير قادر على مجاراتها لأن الراتب الشهري محدود ،والحاجة لشراء بعض السلع الأساسية تجبره على الرضوخ للأمر الواقع وإنْ اضطر آسفاً للاستدانة أو البحث عن السلع ذات المواصفات الرديئة لأنها أرخص ثمناً من غيرها .
نعلم أن الحصار الاقتصادي يلقي بكاهله على البلاد ،لكن ما يؤلمنا أن تكون التصريحات من قبل الجهات المعنية في واد ،والواقع في واد آخر ،إذ ليس من المعقول أن يصرح أصحاب الشأن بأن الأسعار مستقرة والمواد متوفرة بما يناسب دخل المواطن وأن تكون الحقيقة خلافاً لذلك ،فحيتان الأسواق يفعلون ما يحلو لهم دون إجراء قطعي يوقف تحكمهم بالأسعار .
إنّ ما يحتاجه المواطن الفقير اليوم هو تدخل سريع من قبل المعنيين لإعادة ضبط صرف الدولار مقابل الليرة ،وتثبيت الأسعار ومحاسبة من يحتكر المواد الأساسية ويستغل حاجة المواطن ويرفع الأسعار كما يحلو له .
سمر المحمد