الكتاب الذي ألفه الناس منذ القدم هو الكتاب الورقي ، فمنذ كان يكتب بخط اليد وصولاً إلى اختراع الطباعة تسيّد الكتاب الورقي المشهد الثقافي في كل البلدان ..
واليوم يواصل الكتاب الإلكتروني انتشاره متحدياً الحدود ، حيث لا رقابة ولا حذف ولا اختصار شيء منه ، عكس الكتاب الورقي الذي يحتاج إلى تصريح ويخضع لرقابة .. هل ينحسر الكتاب الورقي لصالح الكتاب الإلكتروني ؟! هل يبقى الكتاب الورقي مهوى أفئدة القراء كما يقولون ؟!
هل الكتاب الورقي كتاب محلي أو إقليمي .. وهل الكتاب الإلكتروني أضحى عالمياً ؟!
التقينا عدداً من الأدباء وطرحنا أسئلتنا عليهم حول مستقبل الكتاب الورقي وقدرته على المنافسة في ظل زخم الكتب الالكترونية .
الأديبة ميسون جنيات قالت: تداول الكتب الالكترونية عملية جيدة سهلت الاطلاع على الكثير من كتب الآخرين بإمكان أي شخص أن يدخل ويحمل كتاباً من أي موقع ثقافي وهذا شيء ايجابي إن أردنا الاطلاع على ثقافة الآخرين فنياً وتاريخياً وعلمياً .
أما بالنسبة لي شخصياً فأنا أجد المتعة في قراءة الكتاب الورقي لأن هناك حميمية خاصة بيني وبين الكتاب وحين أقرأ كتاباً ورقياً من عادتي أن أمسك قلم رصاص لأضع خطاً تحت فكرة أعجبتني أو صورة فنية أو حواراً ملفتاً وهناك سلبيات في قراءة الكتب الالكترونية فلها تأثير صحي سلبي بإحداث إشعاعات تضر بالعين والجلوس خلف الجهاز يضيف عزلة اجتماعية فرضها النت داخل البيت الواحد، إذاً هناك ايجابيات وسلبيات لتداول الكتاب الالكتروني. أهم ما في القراءة الالكترونية هو ضياع ملامح الجمال الإبداعي فالتركيز يتضاءل تدريجياً أما الكتابة على صفحة الشخص فهذا لايعول عليه أدبياً وفنياً . …
متعة الورق باقية
د. وليد العرفي قال: لقد فرضت حركة التطور في الحياة المعاصرة دخول التقنيات الالكترونية التي غزت كل جوانب حياة الإنسان في هذا العصر الذي يمكن أن نصفه بالعصر الآلي بكل ما تحيل عليه دلالة هذا التوصيف من معنى إيجابي وآخر سلبي ، وقد كان الكتاب الالكتروني من ضمن تلك الثورة التي حصلت في مجال التقنية بكل تسارعها وانتشارها الذي سبق سرعة الصوت ، فظهرت المنشورات الالكترونية على اختلاف تصنيفاتها من صحف يومية و ومجلات شهرية عامة ومتخصصة ، كما انتشرت المطبوعات الالكترونية للكتب في شتى أنواع العلوم والمعارف ، وقد أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز استقطاب الكتاب الالكتروني الذي وجد طريقه إلى الانتشار ، لسهولة الوصول إليه , فكبسة زر كفيلة بجلب أي مطبوعة الكترونية مهما بعدت المسافة ،وتباعدت الأزمنة ، وهذه السرعة ربما كانت أهم سبب لميل جمهور واسع إلى مثل هكذا نوع من المنشورات الالكترونية التي توفر الجهد والوقت والمال ، إلا أن هذا الأمر لم يستطع أن يسد فراغ وجود الكتاب الورقي ، أو يحد من انتشاره بين جمهور القراء الذين لا يجدون متعة تعادل متعة لمس الورقة ، ومرور سبابة اليد تحت الكلمات ، فيما العين تتابع تموضع الحروف ، وقد تشكلت كلمات ، وتخلقت جملا ومعاني تعبر عن حالات ومشاعر.تلك المتعة التي لا يشعر فيها إلا من تلذذ بالحرف واكتوى في أتون الكلمات ، وهي تبدع موقفا ، أو تصف مشهدا ، وخير شاهد , وأفضل دليل على مكانة الكتاب الورقي ما تشهده صالات المعارض للكتاب التي تقام بين الحين والآخر في بعض المناسبات , ومعرض الكتاب الذي انتهى قبل أيام خير صورة لتلك الحالة الجمالية التي عكست تفاعل القارىء مع الكتاب الورقي ، ومهما تطورت أساليب الكتابة ، والأنماط المستقبلية التي يمكن أن تستنسخ من صيغ لها سيبقى الكتاب الورقي كما وصفه المتنبي خير جليس.
فقد شيئاً من مكانته
الأديب سامر أنور الشمالي قال:لاشك في أن الكتاب الورقي فقد شيئاً من مكانته – التي احتكرها خلال قرون طويلة كأهم وسائل المعرفة – بعد ظهور الكتاب الالكتروني الذي حقق انتشارا واسعا على شبكة الانترنت ، وسهل الأمر مواقع التواصل الاجتماعي ، فيكفي الاشتراك في الصفحات المعنية بنشر هذه الكتب للحصول على مجموعة منها يوميا ويمكن قراءة أي كتاب عن طريق أجهزة الكمبيوتر والجوالات المتوفرة في أيدي الجميع .
الكتاب الورقي لم يختف في دول سبقتنا بمراحل في مجالات التقدم التكنولوجي ، أو انتشار وسائل الاتصال والنشر الالكتروني ، بل ساهمت في ترويج الكتاب الورقي بين مجموعة كبيرة من القراء الذين لا يزالون يفضلون الكتاب المطبوع ، فإحصائيات بيع الكتب غير مخيفة حتى الآن . ولكن بعض الصحف توقفت ورقيا ، وبعضها استمر الكترونيا ، وذلك بسبب عدم قدرة الصحافة الورقية اليومية على مواجهة الصحافة الالكترونية بسبب ارتفاع تكلفة الطباعة مع تناقص أعداد قراء تلك الصحف . مع العلم انه في الدول المتقدمة تكنولوجيا ليست كل الكتب الالكترونية مجانية ، لاسيما حديثة الصدور ، فهناك قانون يحفظ حقوق المؤلف والناشر .
هذا لا يعني أن السنوات القليلة القادمة ستبقي الكتاب الورقي على رفوف مكتباتنا للأجيال القادمة ، فالكتاب الالكتروني منافس لا يشق له غبار ، فهو غير مكلف لأنه لا يحتاج إلى أوراق وأحبار وآلات طباعة ، ولا يحتاج أيضا إلى تكلفة شحن كالكتاب الورقي ، إضافة إلى انه لا يأخذ حجما في المنزل ، فمكتبة ضخمة يمكن وضعها في شريحة صغيرة في حقيبة اليد
كتجربة شخصية أفضل استخدام الكتاب الورقي لأنه أكثر راحة أثناء القراءة ، ولكنني مضطر إلى التعامل مع الكتاب الالكتروني لأن الكثير من الكتب التي أحتاجها لا أستطيع الحصول عليها لأسباب عدة ، وقد صار عندي مكتبة الكترونية إلى جانب مكتبتي الورقية .
عيسى إسماعيل
المزيد...