أسعار مرتفعة وأساليب جديدة لغش الألبان والأجبان…الصليبي : ضبوط بحق المخالفين وعلى المواطن الإبتعاد عن شراء المواد الغذائيــة مجهولة المصدر

غش الحليب سلوك يتبعه بعض الباعة منذ سنوات طويلة , وقصته تتجدد في كل يوم في عدد كبير من المعامل الخاصة والورش غير المرخصة التي تبدأ عملها ليلا, وتنتهي في ساعات الصباح الباكر ولأسباب تتعلق في الابتعاد عن عين الرقابة , وفقاً لكلام الجهات المعنية في تلك الرقابة بالرغم من وجود لجان تعمل على كشف حقيقة المواد «المالئة» التي تضاف إلى تصنيع الحليب بغية الغش والتي تستعملها بعض معامل الألبان والأجبان وغيرها من المواد المجهولة .
‏ وخفايا تصنيع الجبنة لا تزال سراً يحتكره أصحاب الورش أو المعامل وغيرهم ممن يعرفون «خلطة» تلك المواد التي يصعب على التحاليل كشفها و معرفة ماهيتها وكل ما استطعنا معرفته أن بعض تلك المواد تتطاير بعد الانتهاء من عملية التصنيع ومنها بعض المواد الحافظة التي لم يعد مسموحاً باستخدامها في هذه الصناعة وحتى الآن تعمل مديرية التجارة الداخلية وفقاً لنظام التحليل وليس بقراءة النتيجة. ‏

في مادتنا هذه سنتناول غش الألبان و الأجبان والتي تعتبر من العناصر الغذائية المهمة للإنسان, ومن المؤسف التلاعب بقوت المواطن من قبل بعض ضعاف النفوس ممن يسمون أنفسهم «أصحاب مصلحة»، فهناك العديد من الطرق التي يتم استخدامها لغش هذه المواد التي تسمى بالألبان والأجبان .
استطلعنا آراء المواطنين باعتبارهم العنصر الأهم و المستهلك الأول لتلك المنتجات حول درايتهم بمدى جودة المنتجات التي يأكلونها , والإجراءات المتخذة من الجهات الرقابية للحد من طمع البعض في تحصيل ربح زائد على حساب صحة المستهلك…

غش واضح
معظم المواطنين يسمعون أن مادة السبيداج بات بعض الباعة يستخدمونها من ضمن المواد التي تتم بها صناعة اللبنة، ولكن مالا يعمله الأكثرية منهم مدى ضرر هذه المادة والتي يمكن القول أنها غير صالحة للاستهلاك البشري
قبل الحرب كانت المواد الغذائية التي توضع على مائدة الفطور أو العشاء مشتركة على مائدة الغني والفقير وذلك لعدم ارتفاع أسعارها ولتواجدها الدائم وبأنواع مختلفة ومتعددة جداً إبتداءاً من اللبنة والبيض والجبنة بجميع أنواعها وصولاً إلى المكدوس والمربيات والمرتديلا، لكن في الوقت الحالي باتت تلك المواد التي ماتسمى «بالحواضر» ليست تشترى إلا بكميات ضئيلة كالعينات ويعود ذلك لأسعارها المشتعلة،لذلك  اليوم في ظل هذه الحالة الجنونية لإرتفاع أسعار المواد الغذائية، بات الغش هو الوسيلة الضرورية والملحة لأغلب التجار ليستطيعوا أن يسرقوا من المواطن ربحاً أكثر دون أي شعور بالرحمة تجاه من ليس له مقدرة مادية على تحمل هذه الأسعار التي تلهب جيوب المواطنين جميعاً، ومما يجب ذكره أن معرفة طرق غش البائعين ليست بالشيء السهل،  فأصحاب المحال رفضوا الاعتراف بحقيقة بضائعهم المغشوشة وقالوا إنها بضاعة ذات مواصفات قانونية ومصنوعة من حليب البقر ومغلية بشكل ممتاز على الرغم من التأكيد أن سعر كيلو الجبن أو اللبن إذا ما حسبنا تكلفته سيكون أغلى من سعر البيع، ولكي نكون حياديين أخذنا عينة لبنة وعينة جبنة إلى مختص بصناعة هذه المواد «في أحد المعامل» وقام بتحليلها بطرق علمية وشرح لنا طريقة الغش، حيث يتم وضع حليب مجفف بدلاً من حليب البقر أو الماعز وأكد وجود كميات كبيرة من مادة النشاء في الجبن، وهناك طريقة أخرى للغش كما أكد لنا المختص بصناعة الألبان والأجبان بوضع مادة (السبيداج) التي تدخل في صناعة بودرة الأطفال عادة وتستخدم في الدهانات، وتعطي للبنة أشكالا جيدة أكثر من اللبنة المصنوعة بشكل قانوني ..

الغلاء سيد الموقف
وفي جولة على محال بيع هذه المنتجات لفت انتباهنا واجهاتها الممتلئة بأنواع هذه المنتجات وأشكالها وأسمائها المختلفة واختلاف الأسعار «حسب الجودة» على حد قول البائعين , إلا أن الغلاء هو سيد الموقف وعلى الرغم من توافر هذه المنتجات في الأسواق إلا أن ارتفاع الأسعار الجنوني أثر بشكل كبير على القوة الشرائية للمواطن الذي بات يكتفي بكميات قليلة منها وهناك أصناف بات محروما ً منها وبعيدة المنال بالنسبة له ، ما يدفعه لشراء أصناف رخيصة الثمن وقد تكون مضرة بالصحة نظرا ً لاحتوائها على مواد غير صحية طمعا بربح زائد ..
ولدى سؤالنا بعض أصحاب المحال عن أسباب ارتفاع أسعار هذه المنتجات ومدى جودتها ومطابقتها للمواصفات القانونية ، أكدوا لنا أن منتجاتهم ذات مواصفات قانونية وفرق السعر بين محل وآخر يعود إلى اختلاف جودة المنتج ,ويتعلق أيضا بتقيد صاحب المحل بالشروط الصحية كالإلتزام بوجود الترخيص للمحل ونظافته ودفع الرسوم الضريبية , وأضافوا إلى أن الأرباح التي يجنوها لا تعوضهم عن أتعابهم وكتلة المبالغ المرصودة , مستاءين من ظاهرة انتشار نوعيات من الألبان والأجبان المجهولة المصدر وغير معروف صلاحيتها وانتشار بعض الورش الصغيرة بعيدا عن أعين الرقابة …
ضعف القدرة الشرائية
فيما أشار بعض العاملين في مجال صناعة الألبان والأجبان إلى أن غلاء أسعار هذه المنتجات ناتج عن ارتفاع أسعار الأعلاف وانعكاس ذلك على أجور النقل وأسعار مادة الحليب , وبالتالي التأثير على القدرة الشرائية للمواطن وتمنوا دعم الجهات المعنية للصناعيين وتقديم التسهيلات اللازمة كتأمين مادة المازوت وتخفيض قيمة الكهرباء المستهلكة من قبل المعامل المنتجة .
كسب ثقة المواطن
السيد أبو عماد صاحب محل قال : نسعى من خلال عملنا على اكتساب ثقة الزبون ورضاه عن المنتج , وبرأيي أن صاحب المحل الذي تهمه سمعته يجب أن يحرص على بيع منتجات ذات جودة عالية بعيدأ عن كل أساليب الغش ، ومن الضروري حفظ هذه المنتجات بطريقة صحية خوفا ً من فسادها لأن معرفة طريقة تخزين اللبن الصحيحة مهمة جدا ً للحفاظ على جودة مشتقات الألبان الناتجة عنه .
غير مرخصة
السيد أبو يزن قال : قيام بعض الباعة بغش منتجات الألبان قديم ولكن تتجدد في ظل وجود عدد كبير من المعامل والورش غير المرخصة التي تستخدم أساليب غير قانونية وهمها الوحيد تحقيق الربح فهناك الكثير ممن لا يهتمون بتوفر مواصفات الجودة المطلوبة لمحالهم سواء من ناحية الحفاظ على النظافة أو تخزين المنتج بطريقة صحية .
مادة أساسية أسعارها كاوية
السيدة أم محمود قالت : تعد الألبان مادة أساسية لا غنى عنها في وجبة الإفطار إلا أن ارتفاع أسعار منتجاتها أثر على القوة الشرائية لكل الأسر حيث يضطر المواطن إلى شراء كميات قليلة منها ولكن من الصعب التخلي عنها ، وبالنسبة لي ففي كل مرة أذهب بها للتسوق وشراء هذه المنتجات أقوم باختيار نوع واحد منها لأن السعر الإجمالي لها يفوق قدرتي المادية, بل هناك أصناف من أنواع الجبنة بتنا محرومين منها فأسعارها لا تقارب، وفي ظل هذا الارتفاع الكبير للأسعار لم يعد يهمنا التركيز على جودة المنتج , بل أصبحنا نبحث عن السعر الأرخص خاصة بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال ، رغم أننا ندرك قيام معظم الباعة بالغش , ورغم ذلك نقوم بشرائها أحيانا , لأن أسعارها أرحم بكثير من الأسعار الكاوية في المحال الأخرى..
التلاعب بقوت المواطن
أما أبو فادي فقال : أنا أستغرب كثيرا ً من المواطنين الذين يشترون موادا غذائية تباع في محال صغيرة و غير مرخصة ومن الواضح للعيان أن هناك غشا ً فيها، وبالنسبة لي فلا أقوم بشراء منتجات غذائية لست متأكدا ً من صحتها وجودتها وتاريخ صلاحيتها .
لأن هذا يتعلق بالصحة لذلك لابد من الحرص ,لأنه من الممكن استخدام مواد في صناعة بعض هذه المنتجات تؤذي بالصحة وتضر بنا مستقبلا .
وبرأيي أن أصحاب المحال التي تبيع هذه المنتجات يجب أن تتم مخالفتهم ومعاقبتهم ونحن لا نقبل أن يصل الغش والتلاعب لطعام أولادنا .. لذلك نتمنى تكثيف جولات عناصر التجارة الداخلية وحماية المستهلك على الأسواق , واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين وتشديد العقوبات منعا لاستهتار البعض بصحة المواطن دون رقيب أو حسيب..
صناعة منزلية
فيما أكدت لنا العديد من ربات البيوت أنهن يقمن بصناعة الألبان ومشتقاتها في منازلهن وأشرن إلى أهمية هذه المادة وفوائدها لصحة الأطفال واحتوائها على عناصر غذائية مهمة لا توجد في أصناف غذائية أخرى ، وأكدن أن هذه المنتجات لا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل كان حتى لو كلفهم ذلك الوقت والجهد ..
مطابقتها للمواصفات
وبدوره أفادنا المهندس محمد الحماد مدير شركة ألبان حمص :أن الشركة تعتمد في إنتاجها بشكل رئيسي على الحليب البقري الطازج الخام الذي يتم تأمينه من القطاع العام (مباقر الدولة )والجمعيات التعاونية الفلاحية والقطاع الخاص ويتم استلام الحليب حسب المواصفة القياسية السورية الخاصة بالحليب الخام ,حيث تجرى عليه عدة اختبارات للتأكد من سلامته وحموضته , بالإضافة لمواد رئيسية أخرى «الحليب المجفف» بنوعيه الكامل والمسحوب , والسمنة البقرية والزبدة البقرية وهي مواد ذات منشأ خارجي يتم تأمينها من السوق المحلية و تخضع هذه المواد لجميع التحاليل اللازمة للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية السورية .
ضعف الإستجرار
وفيما يخص التسويق قال :السبب الرئيسي لانخفاض استجرار القطاع الخاص لمنتجات الشركة وجود أعداد كبيرة من الورش التقليدية المنافسة والتي تقوم بتصنيع منتجات الألبان في أماكن مخفية وبعيدة عن الرقابة وبشكل مخالف للمواصفات والشروط الصحية عن طريق الغش سواء الحليب الخام أو منتجاته والتي تتمثل بإضافة الماء للحليب الخام وسحب دسمه أو إضافة مواد لتحسين القوام ,لذلك نرى أن المنتجات اللبنية خالية من الدسم تماما ويتم بيع هذا الدسم (كزبدة او سمنة )أيضا غير مطابقة لأي مواصفات أو شروط صحية وذات رطوبة عالية .
ضعف القوة الشرائية
وبالنسبة للصعوبات التي تواجههم أثناء العمل أشار إلى أن ضعف القوة الشرائية للمواطن (نتيجة ارتفاع الأسعار )أدت إلى انخفاض الطلب على الكثير من المنتجات مما انعكس سلبا على الإنتاج والتسويق بالإضافة لتأثير الحرب على حركة بعض الأسواق .
وبرأيه أن الحل يكون بالسعي وبشكل دائم لخفض التكاليف ما أمكن للبقاء في إطار المنافسة في السوق من خلال الاستخدام الأمثل للطاقة (كهرباء ومازوت )وزيادة الإنتاج بغية تخفيض التكاليف الثابتة , والجاهزية الفنية للآلات بشكل مستمر, ساعد في تقليل من نسب الهدر المسموح بها والسعي لتأمين المواد الأولية بأقل الأسعار الممكنة ,مع المحافظة على المواصفات المطلوبة وتأمين مخزون مناسب في المستودعات , والسعي لإيجاد أسواق جديدة وخاصة في الأماكن التي عاد لها الأمان , حيث يتم إبرام عقود مع بعض الموزعين في المحافظات والقيام بجولات ميدانية تسويقية من قبل اللجنة المشكلة لهذه الغاية, والمتابعة الدائمة لأسعار الأسواق للمواد المماثلة لمنتجاتنا بغية الوقوف على أنسب الأسعار
عدم الإعلان عن الأسعار
أفادنا محمود الصليبي مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن عناصر المديرية تتابع جولاتها اليومية والدورية حيث تم تنظيم 47 ضبطا ً تموينيا ً فيما يخص الألبان والأجبان من بداية العام و حتى نهاية شهر آب الماضي وتنوعت المخالفات بين عدم الإعلان عن الأسعار وعدم إبراز الفواتير إضافة إلى نقل الألبان بسيارات غبر مبردة .
وأضاف : تنظم الضبوط أيضا ً بناء على الشكاوى والإجراءات التي يتم اتخاذها بحق أصحاب هذه المخالفات إما غرامات مادية أو ضبوط تحال للقضاء للمعالجة حسب نوع المخالفة .
وبلغ عدد العينات المسحوبة 85 عينة والمخالفة منها للمواصفات 51 عينة .
تحقيق الشروط الصحية
الدكتور محمد علي غالي مدير الشؤون الصحية في مجلس المدينة قال: قمنا بإنذار جميع أصحاب المحال بضرورة التقيد بوجود التراخيص النظامية وتوفر الشروط الصحية , وخلال جولاتنا المستمرة على المحال تم مؤخرا تنظيم 5 ضبوط لمواد منتهية الصلاحية (غذائية متنوعة ) وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ..
هيا العلي

المزيد...
آخر الأخبار