عنوان عريض جدير أن يكتب الإنسان تحته ، فالمسؤولية مصدر صناعي من المسؤول والمسؤول اسم مفعول من الفعل : سئل ، أي الذي يقع عليه فعل السؤال ، فمن إذاً هو المسؤول ؟! وهل هناك في الوطن من هو غير مسؤول وخصوصاً أننا نصف المسؤولية أنها وطنية ، مما يوحي أن المسؤول مسؤول أمام وطنه أولاً وأخيراً وإن كان يعتقد واهماً أنه مسؤول فقط أمام من هو أعلى منه . ولذلك –وفي سعينا لبناء المواطنة الحقيقية – علينا أن ننشر مفهوم المسؤولية الوطنية ، وأن نصلح الإعوجاع في فهم كثير من الناس لكلمتي مسؤول ومسؤولية .
فالمعلم الذي يظن أنه مسؤول امام مدير مدرسته وموجهه التربوي فحسب وعليه يتوجب إرضاؤهما فقط ، يفهم المسؤولية فهماً ناقصاً مشوها لأنه مسؤول أمام وطنه قبل هذا وذاك ، ووطنه يتجسد أمامه في كل لحظة براعم حياة جديدة .
والمدير التربوي الذي يعتقد أن إدارته امتياز له فهبشة من هنا ، وكمشة من هناك ، وهدية من هذا وعطية من ذاك عليه أن يدرك أيضاً أن الإدارة مسؤولية ، ومسؤولية وطنية، فهو ليس مسؤولاً أمام مديره الأكبر أو وزيره فحسب وإنما مسؤول أمام وطنه أولاً وأخيراً .
والتاجر الذي يعتقد انه مسؤول أمام مديرية التموين ودورياتها فقط يرتكب خطأ كبيراً وخصوصاً عندما يظهر ذكاءه الخارق برفع أثمان السلع عند هبوط طارىء لقوة الليرة الشرائية ولايخفض هذه الأثمان عند ارتفاع قوتها ، إنه لايدرك أنه مسؤول أمام من هو أكبر من مراقب تمويني أو مدير تموين ، إنه مسؤول أمام وطنه مسؤولية وطنية شاء أم أبى ، أدرك أم لم يدرك !!
تذكرت شخصية جوهرفي مسلسل الخربة ، إن جوهر لاهم له ولاهدف إلا التقاط الصور مع المسؤولين ، ولذلك عليه أن يدوزن ربطة العنق ، وما أكثر –الجواهر –في حياتنا الذين يدوزنون ربطات أعناقهم مسرعين إلى التقاط الصور التذكارية مع مسؤول قد تنكر زوجته أنه مسؤول عن بيته وأولاده أو قد يكون رئيس وزراء انشق عن وطنه نصفين أو وزيراً انشق أربعة أرباع ، وتذكرت أن القادة الإيرانيين رفضوا التفاوض مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب . قائلين : لا نريد التفاوض من أجل التقاط الصور التذكارية ، لقد أثار هذا الموقف إعجابي وقلت : إنهم يتحملون المسؤولية الوطنية ، فعلينا جميعاً أن نسارع إلى التقاط الصور التذكارية مع وطننا وأن نكون مسؤولين أمامه وليس أمام الآخرين ولو كانت كعاب أحذيتهم من فضة ومفاتيح بيوتهم من ذهب.
د.غسان لافي طعمة