لأشقائنا المصريين مقولة تعجبني كثيراً وهي : الكبير كبير والنصف نصف والصغير لا نعرفه ، كما أضافوا إلى المقولة في واحد من مسلسلاتهم عبارة الكبير أوي لتمييزه عن الكبير فقط .
وهذه المقولة القيّمة تريح الإنسان من عناء متابعة الصغار أو الانشغال بهم فلا أقوالهم تهمنا ولا أفعالهم أفعال ، فالصغير لا نعرفه أي لا نسمح له بالدخول إلى ذاكرتنا ، ولا نتيح له أن يشغل ولو مساحة بحجم ثقب الإبرة مهما صرّح وجرّح شبّط ولبّط كما فعل وزير سعودي – قشقوش – يصلح صبياً للسلطان أيام زمان فمنذ أربع سنوات هدد وتوعّد باستخدام القوة ليسقط سورية واليوم يهدد ويتوعد إيران بالخيار العسكري ، وغداً قد يهدد روسيا باستخدام القوة لتكفّ عن دعم محور المقاومة !!!وهو أعجز من أن يهزم يمنياً خبزه أقل من كفاف يومه . فوا عجبي من هذا الصغير !!!
ورئيس وزارء لبناني أسبق انجقم حنكه من كثرة القبلات التي سعى إلى التقاطها من خذّ – غونداليزا رايس – الوزيرة الأمريكية السابقة المروجة الشرسة للشرق الأوسط الجديد . هذا المعالي الذي كان في إحدى المرّات جدّ مسرع لتقبيل – الأفعى – فوقعاً منبطحاً وكاد ثغره يلامس حذاءها هذا المعالي الصغير الذي أشبعنا تهديداً ووعيداً خلال سنوات العدوان على وطني سورية ، ها هو اليوم يهدد ويتوعد الجمهورية الإيرانية قائلاً : إن هجوم اليمنيين على أرامكو ، اعتداء إيراني على السعودية بل هو أسوأ من عدوان الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني …يا لطيف !!! هذا بعض من الصغير الذي لا نعرفه ، ومن النصف نصف ذاك الشاعر الذي أحببنا كلماته يصدح بها وديع الصافي وتصدح بها فيروز ، وإذ به يفجعنا بوقوفه صغيراً على المنبر ليمدح ملكاً مهترئاً بكل ما في الكلمة من معنى وخلفه جميع المنتفعين بدينارٍ أو صحن حساء وما كاد يختم كلماته المشبعة بالنفط ومخرجات عصر زيت الكاز حتى سقط سقوطاً مدوياً ، ويا ليته تذكر مواقف الكبار الذين يعرفهم منذ زمن بعيد ، يا ليته تذكر موقف الكبيرة فيروز حين طلب منها أن تحيي حفلاً غنائياً للرئيس الحبيب بورقيبه في تونس – وكان الرئيس التونسي قد دعا مبكراً إلى المصالحة مع الكيان الصهيوني – فرفضت رفضاً باتاً وقالت يومها : من غنت لفلسطين : يا جسر الأحزان أنا سميتك جسر العودة ، سنرجع يوماً إلى حيّنا ، شوارع القدس العتيقة …. لا تغنّي للحبيب بورقيبة .
الكبير كبير ، والكبير أوي وزير خارجية دولتنا سورية الذي حذف أوروبا من خارطتنا السياسية وكان يعني ما يقول ، ويومها فهمه الكثيرون فهماً خاطئاً ، وأثبتت الأيام ما قاله ، وها هو اليوم ، وفي مقر الأمم المتحدة في نيويورك يسأل عن وزير الخارجية الأمريكية – مايك بومبيو – وتصريحاته ، فيقول : لا أعرف وزيراً بهذا الإسم … حقاً : الكبير كبير والنصف نصف والصغير لانعرفه !!.
د. غسان لافي طعمة