الفريق الوطني لتقييم الموارد الطبيعية..«العلم» مساهم أساسي في إعادة الإعمار… الأساليب العلمية المدروسة تمكّن من إنقاذ ما تبقى
تعرضت الموارد الطبيعية السورية للكثير من الخسائر والتي وصلت إلى حد الاستنزاف في البعض منها و بشكل خاص المياه الجوفية نتيجة الاستهلاك غير المرشد لها على مر عشرات السنين , و ساهمت التغيرات المناخية و ظروف الحرب بتفاقم الخسارات ,ولايخفى على أحد مقدار التدمير الكبير والممنهج لأغلب القطاعات الاقتصادية والبنى التحتية…
ولمواجهة ظروف الحرب و البدء بإعادة الإعمار بعد تقييم علمي للموارد الطبيعية، كان لابد من ان تشارك كل من وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية ووزارة الإدارة المحلية والبيئة وكل من الهيئة العامة للبحوث الزراعية والهيئة العامة للاستشعار عن بعد في دراسة الواقع الراهن للموارد الطبيعية وتقييمها.
و في تصريح لـ العروبة أشارت الدكتور بشرى خزام مديرة مركز البحوث العلمية الزراعية بحمص أن منظمة الفاو قامت بتنظيم برنامج تدريبي للخبراء السوريين حول المنهجيات الجديدة والأدوات والوحدات المتقدمة التي أنشأتها منظمة الأغذية والزراعة لرصد وتقييم الموارد الطبيعية وذلك في المقر الرئيسي للمنظمة في روما(3-14 أيلول 2018).
و بناء عليه تم تشكيل فريق وطني متعدد الاختصاصات بقرار من وزير الزراعة والإصلاح الزراعي من جميع الوزارات المعنية وهي وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، و وزارة الموارد المائية، و وزارة الإدارة المحلية والبيئة، والخبراء من مراكز البحوث، والاستشعار عن بعد… مهمته رصد وتقييم الموارد الطبيعية في سورية، وقد تم تحديد مناطق الدراسة والقيام بجولات ميدانية إلى هذه المناطق.
و أضافت خزام : تندرج دورة تقييم الموارد الطبيعية والتي بدأت في مدينة حمص بتاريخ 7 تشرين الأول الحالي وانتهت يوم أمس ضمن نشاطات التعاون بين الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، حيث يقوم بالتدريب الفريق الوطني لتقييم الموارد الطبيعية, و تتضمن المواد التدريبية المنهجيات والأدوات العلمية الحديثة لتقييم الموارد الطبيعية من المياه والتربة والحراج والمراعي بهدف استدامتها وعدم تدهورها.
تحديد الاحتياج الفعلي
و أشارت إلى أن هذه الدورة تجمع جهات مختلفة تعمل في مجال الموارد الطبيعية التي تتضمن كل المكونات الأساسية للطبيعة من هواء وماء و تربة و شمس و ثروات معدنية على سطح الأرض أو في باطنها , وتهدف لتسليط الضوء على أهمية هذه الموارد وضرورة الحفاظ عليها, إذ تتضمن عدة محاور أساسية و هي عن الاحتياجات الأساسية لحياة الإنسان و النبات أو الحيوان, و التركيز على التقنيات الحديثة التي يجب علينا العمل عليها لنحافظ على الموارد الطبيعية خاصة بعد وصولنا إلى حالة من الاستنزاف لهذه الموارد نتيجة الاستخدام غير الرشيد من قبل الإنسان ومحاولته استنزاف بعض الموارد وأهمها المياه الجوفية وتسببه بتلوث البيئة و التربة و الأرض و استنزاف الثروات الباطنية سواء من الغاز أو من النفط و المعادن الثمينة .
و أوضحت خزام أن الدورة تسلط الضوء على ضرورة إيجاد حلول للاتجاه نحو الطاقة البديلة سواء لتسخين الماء أو لتوليد الطاقة الكهربائية, والتي بدأت بالفعل بإشراف من مركز البحوث العلمية و لكن على نطاق ضيق من حيث عدد الأفراد ..
و أشارت إلى أن الخطوة الثانية هي إقامة مشاريع على أرض الواقع للاستفادة من الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية وفي المجال الزراعي هي عبارة عن الطاقة اللازمة لتشغيل المضخات لري المحاصيل الزراعية بتدوير محركات الضخ عن طريق الطاقة الكهربائية المولَّدَة من الطاقة الشمسية و نسعى أن يكون تطبيقها على نطاق أوسع و بمساحات أكبر..
للوصول إلى قيم دقيقة
و أضافت خزام أن المجال الثاني الذي يتم العمل عليه حالياً هو تحديد الاحتياجات الفعلية من كميات المياه لمختلف أنواع النباتات و بكافة المراحل وذلك بالتعاون بين البحوث الزراعية والاستشعار عن بعد..و ذلك انطلاقاً من فكرة أن80% من الواردات المائية تستهلكها الزراعة , والهدف معرفة كمية المياه اللازمة بدون زيادة أو نقصان حيث نتعاون مع الاستشعار عن بعد عن طريق صور الأقمار الصناعية بتنفيذ مشاريع مشتركة , فكوادر البحوث الزراعية تزرع على أرض الواقع و تقيس رطوبة التربة و احتياجات النبات المائية عن طريق الأجهزة الخاصة أو عن طريق القياسات اليدوية , وتحدد من المحطات المناخية و الأجهزة الأرضية الكميات الفعلية التي استهلكها النبات , وبالوقت ذاته تقوم كوادر الاستشعار عن بعد بأخذ صور فضائية لتحديد الاحتياج الحقيقي, ويتم تسجيل قيم واضحة تغني عن التجارب الحقلية في كل الأراضي السورية , و بعد سنتين أو ثلاثة تصبح النتائج معروفة , بذلك نتمكن من تزويد كل مزارع بالمعلومات التي يحتاجها عن نوعية المحاصيل المناسبة و كميات المياه اللازمة …
مازال العمل مستمراً
و نوهت خزام إلى أن العمل مازال مستمراً على موضوع الزراعة العضوية وهو أمر من الصعب الوصول إليه بنسبة تصل إلى 100% و ذكرت بأن العمل حالياً مستمر (على نطاق ضيق) للوصول إلى تربة نظيفة تماماً من المواد الكيميائية و بالتالي الوصول إلى منتج زراعي و حيواني أقل تلوثاً بالأسمدة و الميبدات..
من الجدير ذكره أن المتدربين في الدورة آنفة الذكر هم من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ووزارة الموارد المائية ووزارة الإدارة المحلية والبيئة ووزارة الاتصالات والتقانة.
مع المتدربين
“العروبة” التقت بعدد منهم وذكرت المتدربة رنا حمشو من الهيئة العامة للاستشعار عن بعد اختصاص هندسة معلوماتية أنه تم طرح الكثير من الأمور المبشرة فيما لو تم تطبيقها بشكل عملي على كل مؤسسات الدولة… ومن جهته ذكر الجيولوجي نمير إبراهيم أن الغاية من الدورة تفعيل العمل المؤسساتي و الجماعي و العمل على تطبيق أساليب علمية جديدة تمكن من الحفاظ على ما تبقى من الموارد الطبيعية و الحفاظ عليها من الاستنزاف بشكل كامل ..
هنادي سلامة