الحرب تستدعي استنفار كل الطاقات و العقول المبدعة ضرورة تعزيز الثقافة الوطنية و تعميق التمسك بالأرض و المبادئ
يواجه المواطن السوري حرباً قاسية استهدفت كل مقومات حياته خاصة بعد أن فشل الأعداء في تحقيق مآربهم العسكرية في السيطرة على الأراضي السورية بكل مقدراتها , ويقوم أعداء الوطن ومنذ بداية الحرب باستخدام كافة السبل لتحقيق غاياتهم ، ومن تلك الأساليب احكام الحصار الاقتصادي على كافة القطاعات في بلدنا علهم يتمكنون من تحقيق ماعجزوا عن تحقيقه ميدانياً..
انطلاقا من أهمية تعزيز الثقافة الوطنية بين المواطنين وتعريفهم بمسؤوليتهم تجاه وطنهم خاصة في ظل ما نتعرض له من ظرف قاسية .. كان لا بد من بعض اللقاءات للحديث عن هذا الدور وضرورة تعزيز الصمود السوري بكل مقوماته..
شهداؤنا جسدوا المواطنة بأبهى صورها
مدير مدرسة الإعداد الحزبي بحمص فؤاد عاصي أشار إلى أن ظروف الحرب تستدعي استنفار كل الطاقات المخلصة و العقول المبدعة وشحذ الهمم أكثر من أي وقت مضى لمواجهة الحرب الأقسى و الأشد ضراوة و التي تستهدف اقتصاد الشعب السوري و مقدراته ..
و أضاف:الوطنية حالة ثقافية و حضارية و لها دور كبير في تقدم و تطور المجتمعات وهذا الانتماء ،لا يأتي من فراغ و إنما بحاجة إلى وعي وثقافة ، و لا يمكن أن يكون تعبيراً شاعرياً و روحياً فحسب و إنما بحاجة إلى رفع مستوى الثقافة التي ندرك فيها أهمية المكان وكيف لنا أن نحافظ على وجوده و تطوره.. و المواطنة الحقيقية تتجلى من خلال مشاركة كل أبناء الشعب في جميع الميادين شريطة أن تكون مؤطرة بالحقوق و الواجبات و التي كفلها الدستور , و في الحرب التي شنت على سورية لاحظنا حقيقة بأن هذه المواطنة ليست مكتملة الصورة لدى البعض منا ، خاصة فيما يتعلق بالوعي لكيفية تجسيدها سلوكاً و فعلاً ، ولكن شاهدنا بواسل الجيش العربي السوري كيف ارتقوا بانتمائهم إلى أبهى الصور و بذلوا أرواحهم فداء لتراب هذا الوطن ..
و أضاف :المؤامرة قائمة و موجودة, لذلك من الضروري وضع منظومة قانونية و تشريعية مناسبة ، بالإضافة إلى المنظومة القيمية و الأخلاقية التي نستطيع من خلالها أن نؤسس لمرحلة قادرة على أن تستجيب لمعطيات إنسانية حقيقية حضارية ترتقي إلى غنى الحضارة السورية بتاريخها ومنجزاتها و بما تمثله على الصعيد العالمي منذ التاريخ..
الجميع في موقع المسؤولية
وأشار عاصي إلى أنه يمكننا القول أن المواطنة الحقة بحاجة إلى فعل و سلوك ضمن قوانين و أنظمة دستورية حقيقية متفق عليها ملبية لمعطيات الحاضر, و بالتالي نستطيع من خلالها أن نشارك و نسهم جميعاً في إعادة بناء هذا الوطن و نؤدي ماعلينا من واجبات لنحصل عما هو حق لنا وبذلك نطمئن لحاضر الوطن و مستقبله…
وأضاف : نراهن على الأخلاق و نخاطب القيم و نؤكد على إعادة النظر بالمنظومة القيمية و هذا جميل …لكن الرهان عليها فقط هو رهان غير مكتمل ,وبصراحة نحن بحاجة لمنظومة تشريعية و قانونية تحصن هذه القيمة و تجعلنا نمارسها بأطر واضحة و صريحة ..و نوه عاصي أن أحد أهم السبل لمكافحة الفساد على جميع الصعد هو تطبيق الحكومة الالكترونية …
ويمكننا القول أننا اليوم في خضم الحرب الاقتصادية بعد أن فشل الأعداء في تحقيق مآربهم سياسياً و ميدانياً و إعلامياً …و أن المرحلة الحالية هي الأكثر قساوة و ضراوة على المواطنين, و أضاف: لاشك بأن الغالبية من أبناء الشعب السوري تحمل و صبر و صمد واستطاع بإيمانه و صموده وجسارته و التزامه بالوطن إفشال المشروع العدواني الكبير بالبعد العسكري ,و الميدان أقوى شاهد.. و لكن المحاولات الآن مستمرة من خلال البعد الاقتصادي الخطير بهدف التـأثير على معنويات المواطن.
و أشار عاصي إلى أن هذا الأمر خطير خاصة مع وجود بعض الأخطاء وانتشار الفساد بأساليبه المختلفة , ونحن اليوم بحاجة إلى إدارة متفهمة تلبي احتياجات الناس و أن تكون شفافة في التعاطي مع همومهم ومتطلباتهم وأن تضعهم في حقيقة الواقع كما هو بدون تجميل , ومن المهم التعامل بشفافية مع مجريات الأمور و الأحداث وعدم تغييب المواطن عما يحدث تحت عناوين الواقع الصعب و المشكلات الكبيرة , مؤكداً أن الشعب السوري شعب واع وقادر عندما يفهم الواقع كما هو على حقيقته أن يتفهم و يصبر و يتعاطى مع ظروف الحصار بشكل أكثر مسؤولية ..
ونوه إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد تحدث في أكثر من مرة و خاصة خلال لقائه بالحكومة عن ضرورة التعامل بشفافية و بصدق مع المواطنين, للوصول إلى حالة من التشارك في تحمل المسؤولية بين المواطن و حكومته ..
وتحدث عاصي عن وجود تقصير في التعاطي بشفافية مع المواطنين وهذا من السلبيات التي تضعف مواجهة الحصار الاقتصادي, و أنه يوجد تقصير حقيقي وواضح في طريقة معالجة الأزمات اليومية بشكل أو بآخر مؤكداً أن السبب الجوهري في نقص بعض المواد الأساسية هو الحصار الاقتصادي بدون أدنى شك و لكن ضعف بعض الإدارات في إيجاد الحلول المناسبة يزيد من سوء الواقع. خاصة فيما يتعلق بالخدمات و الدخل الوطني و التحصيل الضريبي وغيرها من الأمور الحياتية التي تخص المواطن بشكل مباشر …
وأوضح أن المسؤولية تقع على عاتق كل من هو في موقع مسؤولية سواء أكانت قضية خدمية ذات بعد اقتصادي أوخدمية بحتة , و للأسف فإننا نشاهد الكثير منهم إما أداؤه ضعيف أو لديه ثقافة لم ترتق بسلوكه وفعله إلى الواقع الذي يعانيه المواطن في حين يجب التعاطي مع الأزمات بشفافية و بتحقيق عدالة التوزيع ما أمكن..
وأضاف عاصي : ما زلنا في بعض المفاصل نعاني من خلل في حالة الوعي , وفي امتلاك المقومات الحقيقية للتصدي للواقع المجتمعي و الاقتصادي القائم ، ومن المفروض أن لا يتم التعاطي معه بتجاهل الهموم و المشكلات الحاضرة و القائمة ….ونأمل ممن هو في موقع المسؤولية أن يتحملها بصدق و انتماء و سلوك وتصرف وأن يكون شفافاً صادقاً موضوعياً فالوطن بحاجة للمزيد من الوفاء و العطاء و التضحية ..
و أكد عاصي انه بالإضافة لأهمية القوانين و التشريعات و تعزيز حالة الأداء الوطني السليم, نحن بحاجة لغرس روح الانتماء والولاء للوطن وتعزيز الإحساس بمشكلات المجتمع والمساهمة ومشاركة الناس في حلها وتنمية احترام النظم والتعليمات والواجبات الوطنية أي احترام القانون , و الحفاظ على الاستقرار وتعزيز المواقف الوطنية والتأكيد على التعاون و تنمية المهارات و التواصل و الحوار و اتخاذ القرارات والابتعاد عن الشائعات بكل أشكالها وعدم الترويج لها .. وغيرها من القضايا الأساسية و التي نشهد فيها – للأسف – ضعفاً لا يمكن تبريره…
إجراءات واضحة المعالم
و تحدث عاصي عن الحالة الوطنية التي نشهدها في حملات دعم الليرة السورية و التي تقوم بها بعض الجهات و لها دور في إسهام المواطنين بدعم الاقتصاد , لكن بصراحة ما نحتاج إليه أكبر، فنحن اليوم بحاجة لإجراءات اقتصادية حكومية كبيرة تعمل علـى تطوير الإنتاج المحلي , ويفترض أن تأخذ العملية الإنتاجية بعدها بشكل أكبر و خاصة بإلزام أصحاب رؤوس الأموال بتوظيفها بما فيه تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني و تأمين احتياجاته و الحد من الاستيراد لتوفير القطع الأجنبي..
والسؤال الأهم هو كيف يمكننا الحد من موضوع الفساد الإداري و المالي وهو حديث الناس والحكومة و المجتمع لكن على أرض الواقع فيه من التوصيف و التشويه أكثر من السلوك أي أن هناك أسساً وإجراءات واضحة المعالم تحارب من خلالها الفساد الذي ما زلنا نراه ونعيشه للأسف في أغلب مفاصل حياتنا و سلوكياتنا اليومية ..
و أكد عاصي أن القضية الأهم تكمن في كيفية التعامل مع التفاصيل الخدمية و اليومية , و أن يعي كل من هو في موقع المسؤولية سواء كان مواطناً أو مكلفاً بعمل ما ضرورة أن يكون التعامل بما يحقق التعاون ليقوم كل بدوره لتعزيز صمود سورية و إعادة إعمارها و التحضير لمستقبل يليق بها و بشعبها ..هذا الشعب الذي احتضن جيشاً أسطورياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى, و جسد أبطاله بعد الانتماء بالفعل و بالتضحية و بالدماء الطاهرة واستطاع أن ينتصر في الميدان على قوى البغي و الهيمنة و القتل و الإرهاب …
تعزيز الثقافة الوطنية
و في السياق ذاته تحدث أيمن سليمان «علوم سياسية» عن أهمية تعزيز الثقافة الوطنية ومعرفة تاريخ البلد المشرف ليتمكن المواطن من تشكيل مخزون ثقافي يعينه لوضع أرضية ثقافية يواجه من خلالها الصعوبات.. وأضاف : كما يقوم الجيش بعمليات التثبيت على الأرض نقوم نحن في خندق المواجهة الفكري بتعزيز التعبئة الثقافية و الفكرية لنتمكن من مواجهة الصعوبات و تعميق التمسك بالأرض و بالمبادئ, انطلاقاً من أهمية دور كل مواطن في المجابهة و تعزيز الصمود السوري الأسطوري خلف القيادة الحكيمة و الجيش العقائدي المغوار…
وأشار إلى أننا نعاني من حالة الفساد المنتشر في بعض المفاصل و حرص القائمين عليه على استمراره وهنا يبرز دور كل مواطن حريص على وطنه بأن يشير إلى مواقع الخلل ليتم تعريتها و محاربتها بالفعل الجماعي..
ونوه إلى أن المشاركة الفعالة بالانتخابات على كل المستويات هي من أهم السبل التي يستطيع المواطن من خلالها محاربة الفساد و تحقيق مستقبل أفضل , و العزوف عن الترشح أو التصويت هو السماح للفساد بالبقاء و الاستشراء ..
وأكد أن الوطن و الحفاظ عليه مسؤولية الجميع كل من موقعه .. و يجب على كل إدارة في أي مؤسسة أن تسعى للإصلاح الداخلي و بذلك ينتشر هذا المفهوم إلى الإدارات الأوسع و لابد من إعطاء الكفاءات العلمية دورها في المجتمع بالإضافة إلى أهمية العمل على موضوع الأخلاق , و عدم المساهمة في نشر الإشاعات الكاذبة و البعيدة عن الواقع , و علينا دوماً الرجوع في معلوماتنا إلى الإعلام الوطني الملامس لهموم المواطنين على أن يكون هو صوت المواطن المسموع دائما ..
وعلينا العمل على توجيه الطاقات الشابة إلى السبل الصحيحة والتعامل بشكل فعال مع العقول , واحترام مقدرات القطاع العام كونه الضمان الحقيقي للمواطنين جميعاً..
أجرت اللقاءات : هنادي سلامة