على خشبة دار الأوبرا بدمشق، انطلقت عروض العمل المسرحي الموسيقي الراقص “وردة إشبيلية.. تاج العروس” من تأليف الكاتب محمد عمر وإخراج أحمد زهير، ضمن تعاون بين الدار وفرقة دانس للرقص المسرحي ومنظمة موزاييك السورية، في تجربة تجمع بين الدراما والرقص والغناء والموسيقا الحية.
بين الأندلس ودمشق.. حكاية “وجيدة” وضياع المدن

يسرد العمل قصة “وجيدة” حسناء إشبيلية، التي تجد نفسها وسط دوامة الانهيار بعد سقوط المدينة الأندلسية، ويتشابك مصيرها بين ألفونسو الغازي الذي أحبها، وخابيرو الغجري الذي خطف قلبها، لتقف أمام تراجيديا تعكس ضياع المدن والهوية.
ومن خلال لوحات راقصة وسينوغرافيا بصرية غنية، ينتقل العرض من أجواء الأندلس إلى الزمن الحاضر عبر مشاهد معاصرة تحاكي الهجرات غير الشرعية نحو السواحل الإسبانية، ليختتم بلوحة رمزية عن دمشق بوصفها الامتداد الحضاري لإشبيلية، والدعوة إلى استعادة دورها الثقافي المشرق.
موسيقا تعبّر ورقص يحكي القصة

الموسيقا التي ألفها المؤلف الموسيقي محمد هباش جاءت بتوليفة من الألحان العربية والأندلسية والغجرية، ومزجت بين الإيقاع الحي والغناء المسرحي لترافق مجريات القصة بحس درامي عميق.
أما تصميم الرقصات الذي وضعته الكريوغراف رنيم ملط فتنوع بين الرقصات الإسبانية والغجرية والعربية والتعبيرية، في تتابع أضفى على العرض حيوية وإيقاعاً بصرياً متصاعداً.
أداء يعكس التمازج الفني

شارك في أداء الشخصيات الرئيسية كل من الفنانين نوار بلبل بدور “ألفونسو”، وناهد الحلبي التي جسدت شخصية “الأم الحكيمة”، ووليد الدبس في دور “المغني الغجري”، وغسان الدبس بدور “والد وجيدة” إلى جانب مجموعة من الراقصين والممثلين الشباب من خريجي المعاهد الفنية.
وجاء أداء الممثلين متناغماً مع بقية العناصر الفنية، حيث نجحوا في نقل التحولات الشعورية للشخصيات بلغة جسدية متقنة.
سينوغرافيا وإضاءة تحاكي روح الأندلس
اعتمدت السينوغرافيا على كتل ديكور متحركة وستائر هابطة عكست روح المكان وتنوع المشاهد، في حين أسهمت الإضاءة التي صممها ماهر هربش في إبراز الطبقات البصرية للمشهد وتكثيف الحالة الدرامية، كما استخدمت شاشة عرض خلفية لإظهار مؤثرات بصرية واسقاطات تاريخية زادت من جمالية التكوين العام.
رسالة جمالية وإنسانية

العمل قدّم نموذجاً متكاملاً للميوزيكال العربي من حيث الأداء والانسجام بين الرقص والموسيقا والتمثيل، في رسالة حضارية وإنسانية.
وأكد المخرج زهير في تصريح لمراسل سانا أن وردة إشبيلية هو مشروع فني يتحدى الصعوبات الإنتاجية لإعادة إحياء المسرح الموسيقي الراقص في سوريا وفتح باب التواصل الثقافي مع العالم.
وتستمر العروض على مدى ثلاثة أيام في قاعة الأوبرا بدمشق.