أعمدة إلى السماء… رؤية تشكيلية توثق جراح سوريا وصمودها بمعرض الفنان محمد الشبيب بالرياض

يحتضن غاليري مهد الفنون بالعاصمة السعودية الرياض حالياً المعرض الفردي بعنوان “أعمدة إلى السماء” للفنان التشكيلي السوري الدكتور محمد الشبيب.

ويضم المعرض 14 لوحة تنوعت بين ثماني ثنائيات عمودية كبيرة الحجم تراوحت مقاساتها بين 240×120 سم و220×110 سم، وست لوحات خشبية بمقاسات 190×30 سم، منفذة بتقنيات متعددة جمعت بين الأكريليك، والأصباغ، والزيوت، والأحبار، والفحم، والرمل، والكولاج، لتقدم تجربة بصرية مفعمة بالرموز والدلالات الإنسانية والسياسية.

يقول الفنان الشبيب في حديث لـ سانا: “إن المرحلة التي تمثلها أعمال المعرض الحالي تختلف جذرياً عن مراحله السابقة، فهي شاهد على واحدة من أبشع حالات القمع في العصر الحديث، لكنها في الوقت ذاته شهادة على انتصار إرادة البقاء والصمود للشعب السوري على النظام البائد”.

ويشير الشبيب إلى أن هذه التجربة الفنية بدأت عنده عام 2018 عقب معرضه الفردي في صالة السيد للفنون بدمشق، والذي حمل عنوان “جراح ملحها الألوان”، موضحاً أن تلك التجربة كانت مفعمة بالأمل والنبض الثوري، بينما جاءت أعمال المرحلة التي بعدها معبرةً عن حالة الانكسار واليأس التي غلبت على المشهد العام بعد انحسار آمال التغيير قبل انتصار الثورة.

استلهم الشبيب فكرة المعرض من أعمدة الدخان المتصاعدة في مدن سورية، فرأى فيها رمزاً للصعود والرجاء، ويقول: “كانت أعمدة الدخان رسائل من الأرض إلى السماء، دعوات الثكالى وأرواح الشهداء تعرج في مشهد كوني عمودي الحركة، من هنا جاءت فكرة الثنائية العمودية في التكوين الفني، لتجسد حركتي المعراج والهبوط، الحياة والموت، الألم والرجاء”.

ويضيف: إن هذا التكوين العمودي الجديد أتاح لي ابتكار رؤية تشكيلية معاصرة، تجمع بين التجريب في الشكل والحمولة الرمزية للفكرة، بما يعكس العلاقة الجدلية بين الأرض والسماء، العدم والإحياء.

يصف الفنان السوري معرضه بأنه خطاب بصري وإنساني يوثق جراح السنين وإرادة البقاء، مضيفاً: “أردت من خلال (أعمدة إلى السماء) أن أخلق جسراً بين الأمل واليأس، الأرض والسماء، الفن والذاكرة، هذه اللوحات ليست مجرد توثيق للدمار، بل محاولة لرسم الطريق نحو النور، مهما طال الليل”.

ويعتبر الشبيب أن اختيار الرياض لاحتضان المعرض يحمل دلالة ثقافية وإنسانية عميقة، ويقول: “فتحت السعودية أبوابها أمام الإبداع السوري، لتغدو منصة يلتقي فيها الفن العربي على قاعدة الاحترام والإخاء”.

الدكتور محمد الشبيب فنان تشكيلي وأكاديمي سوري، من مواليد عام 1970، حاصل على دكتوراه في فلسفة الفن بتقدير ممتاز من جامعة دمشق، يشغل منذ عام 2010 عضوية الهيئة التدريسية في الجامعة العربية الدولية الخاصة (AIU) في سوريا، وظل لمدة ثماني سنوات يشغل منصب نائب عميد كلية الفنون فيها، وسبق أن درّس في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق بين عامي 2010 و2012.

له أبحاث علمية تتناول أثر المنمنمات الإسلامية على الفن الحديث، وشارك في العديد من المعارض الجماعية داخل سوريا وخارجها منذ عام 1994، أبرزها: معارض اتحاد الفنانين التشكيليين في دمشق وحلب، ومعارض في بيروت، وعمّان، والقاهرة، ووارسو، والرياض، إضافة إلى معارض مشتركة في غاليري نايلا وصالة خزامى في الرياض.

أما معارضه الفردية فأقامها في صالة السيد للفنون بدمشق وغاليري حمورابي بعمّان، إضافة إلى معرض فردي في غاليري بيكاسو بدبي هذا العام.

ويعد الشبيب من الفنانين السوريين الذين جمعوا بين التجربة الأكاديمية والرؤية الفلسفية للفن التشكيلي العربي المعاصر.

المزيد...
آخر الأخبار