الحكاية التدمرية… صفحات من آلام وقهر المعتقلين في محاضرة لمعتقل سابق

احتضنت المكتبة الوطنية بدمشق بدعوة من رابطة الناجين من سجن تدمر محاضرة بعنوان “الحكاية التدمرية”، ألقاها الدكتور والناشط الحقوقي والمعتقل السابق محمود عاشور، بحضور عدد من المعتقلين السابقين وأهالي المغيّبين والمهتمين بالشأن الحقوقي.

2L3A0782 الحكاية التدمرية… صفحات من آلام وقهر المعتقلين في محاضرة لمعتقل سابق بالمكتبة الوطنية

المحاضرة التي عرضت صفحات من معاناة المعتقلين في سجن تدمر، تناولت ثلاثة محاور رئيسية: الأول المحنة وأثرها، والثاني صبر المعتقلين ووسائل صمودهم، والثالث الدروس المستفادة لبناء الدولة السورية القادمة.

روى الدكتور عاشور في بداية المحاضرة جانباً من معاناته الشخصية ومعاناة والدته التي استمرت ربع قرن وانتهت بوفاتها وهي تنتظر عودته، حالها كحال جميع أمهات وأهالي المعتقلين، التي مثلت جزءاً من المشهد السوري العام على مدى ستة عقود من الألم والغياب بسبب النظام البائد.

2L3A0801 الحكاية التدمرية… صفحات من آلام وقهر المعتقلين في محاضرة لمعتقل سابق بالمكتبة الوطنية

وأشار عاشور إلى أن سنوات اعتقاله، التي امتدت 21 عاماً، تفنن فيها النظام البائد بأساليب التعذيب، والتي شملت الحرمان من الطعام والشراب والهواء واللباس والتواصل مع الأهل والعلم وقراءة المصحف الشريف، في محاولة لانتزاع الإرادة والكرامة من المعتقلين، ما تسبب بوفاة عشرات آلاف الأشخاص تحت التعذيب، بينما نجا عدد محدود منهم.

الظروف القاسية التي أحاطت بسجن تدمر واجهها المعتقلون وفقاً لعاشور بالتماسك الجماعي والصبر، مضيفاً: الفرد يضعف لكن الجماعة تبقى قوية، وما جعلنا نتحمل كل هذا القهر يقيننا الثابت أننا على حق وتطلعنا لحسن الخاتمة، ووجدنا في استحفاظ سور القرآن الكريم والدعاء دعامة ساعدتنا للصمود بأحلك اللحظات، وتحولت هذه الظروف إلى فرص للابتكار، فاستخدمنا الخيط والإبرة والكيس لصنع الملابس، ولوح الصابون كقلم، والمسمار لمعالجة الجرحى وتعليق الملابس وحفر الجدران.

2L3A0869 الحكاية التدمرية… صفحات من آلام وقهر المعتقلين في محاضرة لمعتقل سابق بالمكتبة الوطنية

وتطرق عاشور أيضاً لسعي النظام البائد إلى إبعاد كل أدوات المعرفة عن المعتقلين، والتي فشلت وفق تأكيده في منعهم من التعلم، والتزود من بعضهم بمعلومات شتى في الطب والهندسة والأدب، مؤكداً أن الإرادة المشتركة كانت سبباً رئيسياً في عدم هزيمتهم.

أما عن المحور الثالث، فشدد عاشور على أهمية الانتقال من الفردية إلى العمل الجماعي، وتحقيق العدالة الانتقالية وتحويل الألم والمعاناة إلى أمل لبناء الشخصية الوطنية السورية القادرة على مواجهة الظلم، مستشهداً بحكايات أهالي المعتقلين الذين ما زالوا يبحثون عن أحبائهم.

2L3A0895 الحكاية التدمرية… صفحات من آلام وقهر المعتقلين في محاضرة لمعتقل سابق بالمكتبة الوطنية

وختم عاشور محاضرته بالقول: “التجربة المريرة وصمود الشعب السوري خلال أكثر من نصف قرن من الظلم يجب أن تكون دروساً لبناء دولة قائمة على العدالة وحقوق الإنسان، وأساساً لبناء سوريا الجديدة”، داعياً الجميع وكل قوى المجتمع إلى أن يكونوا بمثابة الجنود والقادة.

وفقاً لتأكيدات رابطة الناجين من سجن تدمر، فقد شهد السجن أحد أكثر الفصول مأساوية في تاريخ الاعتقال السياسي السوري، إذ توفي نحو 40 ألف معتقل، نتيجة التعذيب والإعدامات، بينما نجا حوالي 5 آلاف شخص أصيب معظمهم بأمراض نفسية واضطرابات جمة نتيجة الظروف القاسية داخل المعتقل، وما يزال 5 آلاف آخرون في عداد المفقودين، ولم يُعرف مصيرهم حتى اليوم.

المزيد...
آخر الأخبار