تطورات إيجابية متسارعة شهدتها أروقة السياسة الأمريكية، من شأنها أن تمّهد الطريق أمام إلغاء كامل وغير مشروط للعقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر“، فبعد تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي برايان ماست، التي أكدّ فيها دعمه إلغاء القانون، أعلن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور كريس فان هولن، بدوره موافقته على الإلغاء الكامل للعقوبات ودون أي آلية أو شروط.
موقف هولن هذا جاء خلال لقائه الليلة الماضية وفداً من الجالية السورية الأمريكية من ولاية ميريلاند، وفقاً لما قاله رئيس المجلس السوري الأمريكي محمد علاء غانم في تدوينة على منصة “إكس”، مبيناً أن هولن كان أحد أبرز المعارضين لإلغاء “قانون قيصر” دون شروط، والراعي الأساسي لمشروع قانون طرحهُ بالتعاون مع السيناتور لينزي غراهام لإعادة فرض العقوبات بشكل فوري وآلي.
خطوات مفصلية مبشرة
وتعتبر موافقة ماست وهولن على إلغاء “قانون قيصر” بشكل كامل، من الخطوات المفصلّية التي تفتح الباب أمام تصويت مجلس النواب الأمريكي على رفع القانون المفروض على سوريا بسبب جرائم النظام البائد، بعد أن صوّت مجلس الشيوخ بالأغلبية في العاشر من تشرين الأول الماضي لصالح مادة ضمن مشروع ميزانية وزارة الدفاع، تنصّ على إلغاء “قانون قيصر” بحلول نهاية العام الجاري.
ويكتسب موقف “ماست” أهميةً من كونه يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، ويملك بالتالي سلطةً حاسمةً في تمرير أو تعطيل أي تعديل على قانون الدفاع السنوي الذي يتضمن اقتراحاً بإلغاء “قانون قيصر”.
جهود حثيثة
ولعبت الدبلوماسية السورية دوراً محورياً في إلغاء “قانون قيصر”، مستندة إلى استراتيجية سياسية متدرجة هدفت إلى إعادة بناء الثقة الدولية وتفكيك منظومة العقوبات المفروضة على البلاد، كما عملت الدبلوماسية السورية بالتنسيق مع الجالية السورية في الولايات المتحدة، وخصوصاً من خلال المجلس السوري-الأمريكي، الذي قدّم للكونغرس تقارير توضح الأثر الإنساني للعقوبات على الشعب السوري، وعدم جدوى استمرارها بعد التحرير والخلاص من النظام البائد، ما ساهم في تغيير المزاج السياسي داخل واشنطن.
وسيفتح إلغاء “قانون قيصر” الباب أمام إعادة إعمار سوريا وعودة المستثمرين الأجانب، وإنهاء سنوات العزلة التي عانت السوق السورية تحت وطأتها.
ما هو قانون قيصر؟
أقر الكونغرس الأمريكي “قانون قيصر” في كانون الأول 2019 لمعاقبة النظام البائد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا، ودخل القانون حيز التنفيذ في حزيران عام 2020.
واستند القانون إلى شهادات وصور مسرّبة من داخل معتقلات النظام البائد، وثقت جرائم ضد الإنسانية بحق المعتقلين، وفجّرت موجة غضب دولية واسعة، وأدت إلى فرض عقوبات صارمة على النظام المخلوع وداعميه، وخاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتمويل، ما أدى إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي عانى منها المجرم بشار الأسد وساهم بتقليل الدعم الذي يقدمه له حلفاؤه.
وقيصر لقب أطلق على المساعد أول فريد المذهان رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، والذي انشق عن النظام البائد وغادر سوريا وسرّب أكثر من 27 ألف صورة لمعتقلين سوريين قتلوا تحت التعذيب، اعتمدت عليها لجنة التحقيق الدولية المكلفة بحث جرائم الحرب في سوريا لإثبات وقوع انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان على يد النظام البائد.
رفع العقوبات عن سوريا
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الـ 13 من أيار الماضي رفع العقوبات عن سوريا، ولكن إلغاء “قانون قيصر” يتطلب موافقة مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين.
وفي العاشر من تشرين الأول الماضي صوت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح إلغاء “قانون قيصر” كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني، لكن إلغاء القانون يحتاج إلى موافقة مجلس النواب الأمريكي، ليرفع بعدها إلى الرئيس ترامب ليوقّعه حتى يصبح نافذاً.