في كل مصيبة تطال الوطن العربي ، فتش عن أمريكا محراك الشر ومصنع الإرهاب والمستفيد الأول من حركات التخريب التي رافقت مواسم الربيع العربي المزعوم فالنزعة الاستعمارية والجشع الأمريكي والرغبة الدائمة في السيطرة على ثروات البلدان العربية ومقدراتها تدفع الأمريكي دائماً إلى العبث في المنطقة العربية تحقيقاً لأطماعه وخدمة للكيان الصهيوني الذي يستمد قوته من ضعف البنيان العربي ، وانشغال العرب بحلّ مشكلاتهم الداخلية ومحاربة إرهاب عالمي زرعته أمريكا وربّته طويلاً وأطلقته ليعيث دماراً وخراباً في البلدان العربية المقاومة لإلهائها عن قضية العرب الأولى وهي القضية الفلسطينية ، والوجود الأمريكي في المنطقة سواء كان بلبوس عسكري عبر قواعد عسكرية له في سورية والعراق وغيرهما من البلدان العربية أو كان بطابع استثماري واقتصادي في بعض بلدان الخليج العربي، هذا الوجود يعبّر بكافة أشكاله عن رغبة الأمريكي بملء سلال أطماعه من المنطقة العربية والاستفادة من النفط العربي والمال الخليجي وإيجاد أسواق خليجية لتصريف أسلحته المتطورة لذلك تستمر أمريكا بإرسال قوافل جنودها ومعداتها وبناء القواعد العسكرية ولا سيما في الشمال السوري للسيطرة على النفط السوري بعد مزاعم وأكاذيب مكشوفة حول انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية وإنهاء مهام قواتها المحتلة ، لكننا نرى اليوم عكس ذلك ، وهذا ليس غريباً على الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي كانت تقول الشيء وتفعل نقيضه وإذا كان الرئيس الأمريكي ترامب قد ادعى فيما سبق أن احتلاله للأراضي السورية قد تم بذريعة مكافحة الإرهاب فإننا ندرك جيداً أن أمريكا استثمرت في الإرهاب طويلاً واستخدمته ورقة سياسية وعسكرية لاستنزاف القوى العربية وإضعاف المقاومة العربية وزعزعة الاستقرار في سورية والعراق ولنشر الفوضى في ليبيا وكل ذلك يصب في المصلحة الإسرائيلية بعد محاولات تمزيق وتفتيت دول المنطقة وإضعافها .
تدعي أمريكا حرصها على حرية الشعوب واستقرارها ونشر السلام في المنطقة والدفاع عن المستضعفين والأبرياء ، لكنها تمارس كل أنواع البلطجة والنهب لسرقة مقدرات الشعوب وإفقارها وبقائها تحت رحمة الأمريكي المستبد ، والسياسة الأمريكية الخبيثة تجاه دول المنطقة العربية ، واستغلالها لحلفائها وشركائها وأدواتها لتحصيل أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية ، وهي غافلة دائماً عن التحولات والتطورات التي تشكل خطراً على المشروع الأمريكي برمته ، فالنصر العظيم الذي حققه الجيش العربي السوري خلال سنوات الحرب على الإرهاب ، ومحور المقاومة القادر بقوته وصموده على تغيير الكثير من المعادلات السياسية والعسكرية على الأرض وخيار المقاومة الذي اختارته البلدان العربية المناضلة كل ذلك يهدد المحتل الأمريكي وأطماعه في المنطقة وسورية لا خيار لها سوى تحرير أرضها المحتلة وإعادة الثروات السورية إلى مستحقيها ولا مكان لمحتل أو طامع على أرضها مهما كان حجم التضحيات ، ولا يمكن لقوة عسكرية مهما بلغت أن تقف في وجه إرادة الشعوب ورغبتها في نيل حريتها وتحقيق استقلالها وإعادة الأمان والسلام إلى ربوعها
محمود الشاعر