ثقافة معظم المواطنين السوريين تحاكي عبارات «الشكوى لغير الله مذلة» أو «حسبي الله ونعم الوكيل» وغيرها من عبارات ينقل المواطن فيها شكواه إلى رب العالمين ،كونه على أرض الواقع لا استجابة لمعاناته وقهره سوى تنظير بتنظير …
فأصحاب القرار يريدون من المواطن التحلي بثقافة الشكوى بمعنى مشاركته في ضبط إيقاع السوق وتوعيته بدوره في السيطرة على جماح السوق الذي ساده الغلاء والبلاء والعداء لقوت المواطن ولكل بارقة أمل تدفع بعجلته المعيشية إلى الأمام .
نعود إلى ثقافة الشكوى التي يطالب المسؤولون المواطن بالتحلي بها فمن خلال تجربة شخصية حدثت تفاصيلها منذ حوالي الثلاث سنوات وبعد حضور اجتماع لبعض مسؤولي التموين وحماة المستهلك في جريدتنا الغراء حثوا فينا روح المسؤولية وضرورة أن يكون كل منا رقيباً على السوق ومشاركاً في كشف المتلاعبين وفضح الأساليب الملتوية وأكد «المعني» وقتها بأنه يوجد سرية لأي متصل بمعنى لا يتم الكشف عن اسمه للجهة التي اشتكى عليها ،لأن الغاية هي معالجة الخطأ وإيصال الحق إلى أصحابه ،وهذا الكلام شجعني – وقتها – وقمت بالاتصال بالتموين لاطلاعهم على شكوى تدين تجاوزات إحدى المؤسسات الحكومية التي اتبعت «الخيار والفقوس » في توزيع مادة السكر والزيت، علّ وعسى يتم التواصل مع القائمين عليها فتردعهم عن عملهم هذا و تحقق الهدف من تواجد مواد تموينية ضمن أزمة أحرقت الأخضر واليابس ..وبلا طول سيرة وبعد الشكوى أفاجأ بالمسؤول عن توزيع المادة يتصل بي معاتباً ويستحلفني بالله العظيم أن أقول له اسم من اشتكى عليه من موظفات المؤسسة ولا تسأل كيف عرف اسمي ورقم الهاتف ..وهذه كانت نتائج ثقافة و «سرية الشكوى » التي أتحفنا بها مسؤولو التموين وحماة المستهلك وقت ذاك ..ومع هذا وذاك وحتى لو علم المعني بأنك الشاكي لا يهم لأنه لا يدفع لك من جيبه ،وأنت تريد حقك فقط …لنكن مشاركين في ضبط السوق ولنقم بواجبنا في ضبط المحتكرين والمتلاعبين بالأسعار فهذا التاجر آخر همه أن يعرف مآسيك المعيشية والمعاشية ولن تتعطل حواسه إذا اشتكيت عليه ولم تصبه التخمة بعد أن بلع ما استطاعت يداه لها سبيلاً دون أن يرف له جفن … وستبقى أنت المواطن الأشد تمسكاً بالحياة …ستبقى كطائر الفينيق تخرج من تحت الركام وأنت أكثر تحدياً ولتحاول بكل ما أوتيت من قوة الاحتفاظ بمكتسبات جاءت بعد طول عناء وصبر …فلا تقل عوجا….ابق على أمل … الاستقامة ولتشعل شمعة خير من لعن الظلام .
العروبة –حلم شدود