رغم عودة الأهالي للقرية .. «الدمينة الغربية» تعيش في ظلام دامس…تسرب منصرفات الصرف الصحي إلى آبار المياه
الدمينة الغربية إحدى قرى ريف حمص الجنوبي التي طالتها يد الإرهاب الحاقد الذي عاث فيها خرابا وتدميرا وهجر أهلها و أصبحت لا حياة فيها ، خاصة بعد تدمير البنى التحتية فيها , و اليوم و رغم تشجيع الجهات المعنية لعودة المهجرين من أهل القرية لها، لكن لم تقدم لهم أية خدمات حتى الآن تساعدهم في تخطي الواقع الصعب ، و بالفعل عاد البعض من أهلها محاولين العيش رغم الظروف القاسية منتظرين اهتمام المعنيين بتحسين الواقع الخدمي وخاصة في القرى التي تعرضت للإرهاب …
و للاطلاع على الواقع الخدمي زارت العروبة القرية و التقت مع الأهالي و محمد الأحمد رئيس بلدية البويضة الشرقية و التي تتبع لها الدمينة الغربية …
يقول رئيس البلدية : بعد الحرب الضروس التي شنت على سورية و شعبها وبفضل تضحيات الجيش العربي السوري ودماء الشهداء تحررت قرية الدمينة الغربية من بطش الإرهاب الذي حاول تدمير البشر والحجر معاً و لم تسلم من حقده البنى التحتية من شبكات المياه و الهاتف و الصرف الصحي و الكهرباء و المدارس ، و قد بدأ الأهالي بالعودة إلى القرية بتاريخ 5/8/2019 و رغم قلة الخدمات المقدمة للعائدين فلا مدارس و لا كهرباء و لا مياه و هذه أبسط مقومات الحياة للاستمرار ، علما أنه لم يسلم منزل واحد في القرية من التدمير ،و مع ذلك قام الأهالي بترميم بسيط لمنازلهم بحيث يتمكنون من السكن فيها ، وعودة أطفالهم إلى مدارس القرى المجاورة لمتابعة دراستهم رغم عدم توفر الكهرباء في المنازل و لا مياه الشرب ، كون مياه الآبار الموجودة ضمن القرية مالحة و غير صالحة للشرب ،مع الإشارة إلى أن عدد العائلات التي عادت للقرية يبلغ 154 عائلة و قد كان عدد السكان الإجمالي قبل الحرب 2300 نسمة ، ويوجد مخطط تنظيمي للقرية صدر عام 2000 ..
بحاجة ماسة لمحولات
من خلال جولتنا في شوارع الدمينة لاحظنا أن معظم أعمدة الكهرباء الخشبية و الحديدية قد تم اقتلاعها من أساسها على يد العصابات الإرهابية المسلحة و بقي منها حوالي خمسة أعمدة و لكن بدون أسلاك كهربائية و القرية تعيش في ظلام دامس كما سرقت عدادات الكهرباء من المنازل كذلك المحولة التي كانت موجودة سرقت ..
و يعقب رئيس البلدية بالقول : خاطبت البلدية شركة كهرباء حمص و جاء الرد بعدم الموافقة و نتمنى رفد و تزويد القرية بمحولات استطاعة 400 ك.ف لضمان عودة الأهالي المهجرين ، ففي حال عودة الكهرباء تعود الحياة للقرية من جديد وبالتالي يتشجع باقي الأهالي على العودة ، ، و يذكر أنه قبل الحرب كانت القرية مزودة بشبكة كهرباء جيدة ، حتى المزارع الواقعة على أطراف القرية ، وحاليا يشتري الأهالي ليتر المازوت بمبلغ 400 ل.س لتشغيل المجموعات الاحتياطية مما يشكل عبئا ماديا كبيرا عليهم ..
القرية عطشى
شبكة المياه كانت موجودة قبل الحرب ، وتستجر الدمينة المياه من بئر قرية الغسانية – خط جر مياه حماة ،و يضيف رئيس البلدية أنه تم مخاطبة وحدة مياه القصير والتي قامت بالكشف على الشبكة و تبين أنها بحاجة إلى صمامات إغلاق إضافة إلى صيانة و إعادة تأهيل و حتى اليوم ما زالت الوعود قائمة
و يقول الأهالي إن قسماً منهم يقطن على أطراف القرية و يعتمدون على الآبار الموجودة هناك و قد قام المسلحون بردم كافة الآبار بالكامل مع الإشارة إلى أن مياهها صالحة للشرب
لذلك فهم يطالبون بمعالجة وضع الصمامات و إعادة المياه إلى سكان القرية ،و تجدر الإشارة إلى أن عددا من الآبار مرخص و هي على عمق 100 متر تقريباً و مياهها جوفية و عذبة في الوقت الذي نجد فيه الآبار ضمن القرية مالحة و غير صالحة للشرب و حبذا لو يتم ترميم شبكة المياه المغذية للقرية و صيانة الصمامات الخاصة بفتح و إغلاق قساطل المياه لشبكة القرية
الشبكة غير مستثمرة
يتابع رئيس البلدية قائلا : تم تزويد القرية قبل الحرب بشبكة صرف صحي و لكنها لم تستثمر مطلقاً لعدم وجود حفرة فنية خاصة بالقرية ، وحاليا سيدرج هذا الموضوع في خطة عمل البلدية ويعتمد الأهالي على الحفر الفنية و التي يتم تعزيلها على نفقتهم الخاصة و يضيف : حبذا لو يتم إعادة تأهيل و صيانة شبكة الصرف الصحي في كل من قريتي البويضة الشرقية و الدمينة الغربية ، علما أنه تم تعهيدها حالياً لمتعهد و ستتم المباشرة بالمشروع قريباً .. و أضاف : يوجد تسرب مياه من حفر الصرف الصحي باتجاه الآبار المنتشرة بين منازل القرية مما أدى إلى انبعاث روائح كريهة و تلوث المياه عدا عن التلوث المحيط بالمنطقة كونها بالقرب من معمل السماد الآزوتي.
الرخصة متوقفة
يذكر أحمد عبد الكريم المرعي معتمد الغاز بالقرية أنه يتم متابعة اجراءات الحصول على رخصة بيع مادة الغاز للمواطنين المتوقف منحها حاليا ،و يقول احد الأهالي أننا نشتري الاسطوانة الواحدة بقيمة 7000 ل.س ..
بانتظار الرد
يؤكد الأهالي أنه لم يتم توزيع ليتر واحد من مازوت التدفئة حتى الآن ، ولا المازوت المخصص للآلات الزراعية ، لذلك فهم يقومون بشراء ليتر المازوت بقيمة 400 ليرة للقيام بالأعمال الزراعية … ويستخدمون الحطب للتدفئة … يعقب رئيس البلدية بالقول : تمت مخاطبة الجهات ذات العلاقة فيما يخص ضرورة تأمين وتوزيع مازوت التدفئة وخاصة أننا بدأنا في فصل الشتاء ، لكن الرد جاء بضرورة الانتظار والتريث ..والى متى لا أحد يعلم حتى الآن ؟!
المدرسة موجودة ..ولكن ؟!
يشكو الأهالي معاناتهم جراء الخسائر التي منيت بها المؤسسات الخدمية جراء تعدي المجموعات الإرهابية المسلحة عليها ومن ضمنها المدارس التي تعرضت للنهب والسرقة ..فلا أبواب ولا نوافذ في مدرسة القرية الوحيدة ، ولكن البناء مازال جيدا وقابلا للاستثمار مجددا بمجرد تزويده بالنوافذ والأبواب ،والمدرسة تضم طلابا من الحلقتين الأولى و الثانية ، حيث كان عدد طلابها قبل الحرب 600 طالب وطالبة كما ذكر رئيس البلدية كونه كان مديراً للمدرسة في السابق ..وكان حينها أبناء القرية يتابعون تعليمهم الثانوي في قطينة .
ويضيف الأهالي : نقوم بإرسال أولادنا إلى مدارس القرى المجاورة ونضطر لاستئجار سرفيس لنقلهم ،حيث يدفع كل طالب 4000 ليرة أجرة شهرياً ..مؤكدين أهمية ترميم وإصلاح وصيانة المدرسة ، إذ أن كثيراً من أهل القرية تريثوا بالعودة لعدم وجود مدرسة قريبة منهم ولعدم توفر الخدمات كافة .
والجدير ذكره أن مدرسة القرية خرّجت الكثير من الطلاب الذين يحملون الشهادات الجامعية العليا إذ كان مستوى التعليم فيها قبل الحرب جيدا على حد قول الأهالي ..
لا يوجد مخبز ولا معتمد
لا يوجد مخبز و لا معتمد لتوزيع الخبز للمواطنين ، ويشكل الحصول على مادة الخبز هاجساً يوميا للأهالي وفي حال توفره تباع الربطة الواحدة بمبلغ مئة ليرة …ويقول رئيس البلدية سنقوم بإعداد قوائم بعدد أفراد كل عائلة موجودة ليتم مخاطبة مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك لزيادة مخصصات الدقيق لأحد مخابز القرى المجاورة لتزويد القرية بالخبز ..ويفضل أن يكون مخبز قرية الغسانية .
لا خدمة طبية
لا يوجد نقطة طبية أو مركز صحي في الدمينة حتى من قبل الحرب ، والأهالي يضطرون للذهاب إلى قطينة لتلقي العلاج .
وسائط نقل
لم يخصص أي وسيلة نقل تعمل على خط سير حمص –الدمينة الغربية لا قبل الحرب ولا بعدها مع الإشارة إلى أنها تبعد عن مدينة حمص حوالي 23 كم ، ويبعد مركز القرية عن الطريق العام حوالي 1كم والمزارع المحيطة بالقرية تبعد عنه 3كم لذلك يضطر الأهالي للسير من 1-3 كم صيفاً وشتاءً للوصول إلى الطريق العام وانتظار أي سيارة عابرة لتقلهم إلى المدينة ..
مشاريع جديدة
أشار رئيس البلدية لعدم وجود أية استثمارات للبلدية قبل الحرب ..وقد تم تقديم منحة حكومية بقيمة 10 ملايين ليرة سورية وأنه سيتم العمل على تنفيذ مشاريع تتعلق بصيانة شبكة الصرف الصحي في كل من قرى الدمينة الغربية والبويضة الشرقية ، علما أنه تمت المصادقة عليها وعلى العقد المبرم بهذا الخصوص وستتم المباشرة بالمشروع خلال الأيام القادمة .
الجرار موجود
يقول رئيس البلدية أنه تم إبرام عقد لترحيل القمامة مع مديرية الخدمات الفنية إلى مكب قمامة الحوز والذي يبعد حوالي 5كم عن القرية وحصلنا على الجرار الزراعي لنقل وترحيل القمامة …وحالياً نقوم بالعمل على تصنيع مقطورة خاصة بالجرار على نفقة البلدية .
وأشار إلى أن مبنى البلدية مدمر وتتابع كافة القضايا مع المواطنين بشكل مباشر .
شبكة هاتف
قبل الحرب كانت القرية مزودة بشبكة هاتف حتى المزارع على أطرافها وبعد سنوات الحرب الطويلة تم تدمير الشبكة بالكامل…كذلك الأمر بالنسبة لخدمة الانترنت فهي معدومة..وتمنى الأهالي إقامة أبراج في القرى المحيطة بالقرية لتأمين التغطية للهواتف الخليوية على الأقل .
لا يوجد مخصصات
يذكر رئيس الجمعية الفلاحية محمد عبد الحسيب المرعي أن المزارعين اليوم يقومون بزراعة الحبوب (القمح والشعير )وتتبع الجمعية الفلاحية إدارياً لرابطة القصير الفلاحية ولدى مراجعتها لاستلام بذار الحبوب كان الجواب بأنه لا يوجد مخصصات للقرية وحتى الآن لا نعرف السبب .؟!
مع الإشارة إلى أن الأرض ذات تربة غنية والأمطار غزيرة والمواسم جيدة جداً ..فالدمينة تشكل مركزا لإكثار البطاطا وزراعتها وتوزيعها ، وتبلغ المساحات المزروعة 11 ألف دونم من القمح والشعير ..لذلك يقوم المزارعون بشراء الحبوب بالسعر الرائج..كيلو القمح بـ230 ل.س وكيلو الشعير بـ150 ل.س لهذا يتمنى أهل القرية تقديم الدعم والمنح الزراعية لعودتها كسابق عهدها في النشاط الزراعي وتقديم معونات للأهالي العائدين …فالبعض منهم يقطن في خيم ويستخدم التنور والحطب للحصول على حاجاته اليومية .
تحقيق وتصوير : نبيلة ابراهيم