في حقبة التكنولوجيا التي يعيشها العالم اليوم والتحديات التربوية الهائلة التي يطرحها عصر الكمبيوتر والمعلومات يجدر بنا إجراء مراجعة شاملة ودقيقة للأسس الموضوعة في سلم أولويات المواطن مهما كان نوع العمل الذي يقوم به . فهدف التربية لم يعد يقتصر على تحصيل المعرفة فقط بل هو أيضاً القدرة على الوصول إلى المصادر الأصلية وتوظيفها في حل المشاكل التي يتعرض لها أيّ منّا ..فلا بد لتربية الغد أن تسعى لإكساب الفرد أقصى درجات المعرفة والسرعة في التفكير وقابلية التنقل لتغيير أماكن العمل والمعيشة ….
إلا أنّ الواقع العملي وأساليب التعليم المتبعة بعيدة إلى حد ما عن حرية الإبداع الشخصي والتفكير الفردي .. وما زال أسلوب التعليم إلى يومنا هذا يعتمد على التلقين والحفظ ويغفل أهمية الحوار والمشاركة … لذا وجب أن تعتمد ركائز فلسفتنا التربوية على ثالوث العقلانية والفكر والحضارة الإنسانية … فنحن من ينادي بالاقتداء بمقولات التعلم (من المهد إلى اللحد ) و (اطلب العلم ولو في الصين )،وندرك تماماً ضرورة تنمية وعي الأفراد لأنه الدرع الواقي أمام الغزو الفكري وحملات التضليل الوافدة إلينا من الخارج . وبالوعي وحده يمكننا أن نعيد للعلم هيبته وهو الهدف الأسمى الذي لن يتحقق ما لم يساهم مساهمة جادة في تنمية المجتمع وهذا يقع على عاتق مفكرينا ومثقفينا من المحيط إلى الخليج ليعمقوا دورهم الاجتماعي ويقيموا روابط الصلة بين علمهم وواقع مجتمعاتهم في ظل الهجوم المتتالي من تكنولوجيا المعلومات وتوفرها …حيث يكون الاعتماد أولاً وأخيراً على ترسيخ مفهوم العلاقة الوثيقة بين العمل اليدوي والعمل الذهني .. وأن تهيئ التربية الفرد في كل مراحل حياته لعالم سيصبح فيه العمل قيمة نادرة .
ميرنا فرحة