المشروعات الصغيرة والمتوسطة رافعة التنمية والعمود الفقري لاقتصادنا
تشكل المشروعات الصغيرة ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني نتيجة تعدديتها وتنوع نشاطاتها ومساهمتها في تقليص حجم البطالة، وخلق فرص العمل وبكلفة استثمارية منخفضة وتحسين المستوى المعيشي إضافة إلى مساهمتها الفاعلة في زيادة الناتج القومي الإجمالي و دعم عملية التنمية ورفع معدلات النمو وزيادة الثقافة الائتمانية والاستثمارية والاقتصادية للأفراد لا سيما أنها لا تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة أو تقنيات أو تكنولوجيا معقدة ما ينعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتتميز هذه المشروعات بإمكانية استيعابها القوى العاملة باختلاف مستويات المهارة ودورها في التشغيل والحد من البطالة والتنمية الاجتماعية وتوليد أفكار جديدة والمرونة التي تمتلكها هذه المنشآت بسبب قدرتها على التجاوب السريع مع المتغيرات و مواجهة بعض الأزمات المالية والاقتصادية قياساً بالمؤسسات الكبيرة ومن هنا تتبين لنا ضرورة تأسيس المشروعات المتوسطة والصغيرة وخاصة في ظل الظروف الحالية وفرض الدول الغربية والعربية عقوبات اقتصادية ظالمة على بلدنا .
وتتسم هذه المشاريع بسهولة تأسيسها إضافة إلى قدرتها على الإنتاج والعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية كما أن نسبة المخاطرة فيها تكون قليلة وبضآلة التكاليف الرأسمالية اللازمة للبدء بالمشروع والميزة الانتشارية ما يجعلها تغطي مناطق مختلفة وأعدادا كبيرة من السكان والاعتماد على المواد الأولية المحلية.
خصائص تتميز بها
وتتميز هذه المشروعات بخصائص معينة تختلف بها عن بقية الأنواع الأخرى لعل من أبرزها الإشراف المباشر من قبل مالك المشروع شخصياً الذي عليه أن يكتسب العديد من المهارات الضرورية اللازمة لإدارة مشروعه كتنظيم الحسابات ومهارات البيع وأن يلم ببعض المعلومات القانونية والاقتصادية والإدارية والفنية اللازمة لفهم السوق وطبيعة نشاطه..الخ. ولذلك فإن إدارة المشروع والقرارات الخاصة به تتسم بالمرونة لضمان نجاح عمل المشروع, حيث يتوزع الاهتمام نحو اتجاهين الأول ما يخص طلبات الزبائن وما يؤدي إلى كسب رضاهم وإنجاز طلباتهم بهدف تحقيق عائد مناسب له, والثاني يخص العمال وما يتعلق بأوضاعهم والميزة الثانية سهولة تكييف الإنتاج حسب الاحتياجات حيث يتم أخذ رغبات المستهلكين المتجددة بعين الاعتبار, كما تتميز بسرعة تغير الإنتاج انسجاماً ومراعاة لاحتياجات السوق وذلك اعتماداً على مهارة صاحب المشروع والعاملين معه بسبب استخدام آلات بسيطة يمكن بواسطتها إنتاج أكثر من سلعة والميزة الثالثة دقة الإنتاج وجودته بسبب اعتماد التخصص في إنتاج سلع معينة مما يعني ارتفاع مهارة العامل وزيادة إنتاجيته كما يمكن إقامتها في مساحات صغيرة نظراً لقلة وسائل الإنتاج المستخدمة وصغرها حيث يمكن إقامتها في المحال الصغيرة والبيوت القريبة من الأسواق وكذلك في القرى والأرياف القريبة من مصادر المواد الأولية إذ أن طبيعة عمل هذه المشروعات يرتبط بشكل مباشر بالاحتياجات اليومية للأفراد ..
ومن مزاياها الأخرى الإسهام في رفع المستوى المعيشي وتلبية جزء من الاحتياجات الأساسية لشرائح المجتمع المختلفة وتتميز هذه المشروعات بإمكانية إقامتها في المناطق النائية والريفية والمدن الصغيرة بالنظر لعدم جدوى إقامة المشاريع الكبيرة كما أن درجة المخاطرة في المشروع ليست مرتفعة, زد على ذلك أنها تعد المجال الأساسي والمهم لاستيعاب الكثير من منتجات المشروعات الكبيرة بما يحقق نوعاً من التشابك المتبادل بين النوعين من المشروعات.
شروط نجاحها
أما شروط نجاحها فهي ليست يسيرة كونها مرتبطة بالمشروع ذاته وبصاحبه أيضا فالنجاحات التي ترتبط بالمشروع تكون من خلال تبني فكرة جيدة وسلعة مطلوبة إضافة إلى تمايز المشروع عن سواه وعدم اللجوء إلى المنافسة السعرية وأن يعوض المشروع عن قلة رأسماله بسرعة دوران هذا الرأسمال واعتماده على البيع النقدي دون الآجل والاكتفاء بإنتاج ما يمكن تسويقه وأن يتعامل صاحب المشروع على أساس علاقات شخصية مع العملاء.
وأما النجاح المتعلق بصاحب المشروع يأتي من إرادة النجاح والتصميم على تحقيق الهدف ضمن أسس نفسية وأخلاقية يتم من خلال رسم مستقبل المشروع والتخطيط له بشكل جيد ومن خلال الثقة بالنفس وتأكيد الذات والمبادرة والالتزام.
وسورية كالكثير من دول العالم تتجه نحو تشجيع إقامة هذه المشاريع ضمن إستراتيجية محددة لحل المشكلات الاجتماعية وفي مقدمتها الفقر والبطالة ، لذلك وعلى الرغم من المردود الاقتصادي والإيجابي لهذه المشروعات باعتبارها رافعة التنمية إلا أنه وللأسف ما زال هذا القطاع لا يحقق المساهمة المتوقعة منه كقطاع اقتصادي فعال وعنصر محفز لدفع عجلة التنمية في سورية.
أخيرا
بما أن هذه المشروعات تشكل العمود الفقري لاقتصادنا يجب توفير بيئة الأعمال الملائمة لنموها وتطورها ووضع السياسات المحفزة التي تلبي احتياجاتها وزيادة القدرة التنافسية لها وزيادة القيمة المضافة للسلع والخدمات التي تنتجها,والاهم توفير الضمانات الكافية لمنح التمويل والعمل على تسويق المنتجات ما ينعكس إيجابا على المشروع وتقديم الاستشارات الفنية والقانونية والمحاسبية والمالية والعمل على زيادة الوعي المجتمعي بأهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوضيح دورها في التنمية الاقتصادية المتوازنة.