الاستعجال في النشر ليس من صفة المبدع العاقل فكثيرون هم الذين يكتبون إبداعاً جميلاً لكنهم لا يرضونه لأنفسهم لذلك يمزقون كل يوم ما يكتبونه لأنهم يريدون الأفضل والأكثر إشراقا وتقبلاً من قبل القراء الذين لا يصفقون إلا لمجد الكلمة ويلفت انتباهي اللاهثون خلف أضواء النشر رغم أن ما يكتبونه لا يحمل إبداعاً بمعناه الحقيقي وإنما خربشات في زمن بات فيه الباب مفتوحاً لكل من يظن نفسه شاعراً أو قاصاً .منابر كثيرة يجب أن تكون أكثر حرصاً على قيمة الإبداع تستقبل الكثيرين ممن ظنوا أنفسهم أنهم وصلوا إلى القمة وأن أقلامهم أصبحت أقوى من أقلام من سبقهم من المبدعين الكبار وأن أصواتهم لا نشاز فيها فالكل يصفق لهم والكل يوزع ابتساماته إعجاباً .. حال الأدب مع هؤلاء يشبه حال الأغنية التي وصلت إلى مرحلة من الهبوط الكبير فالكلمات لا تملك شعرية أو معنى جميلاً وإنما هي أقرب ما تكون إلى الكلام العادي.. أما الموسيقى فقد اتجهت نحو الصخب لتغطي على صوت المغني النشاز وتجعل المستمع في حالة هيستريا وضياع وهروب من هذا الفن الهابط الذي بات يؤذي ذوق المتلقي عوضاً عن الارتقاء به . أعود إلى اللاهثين المتسرعين الباحثين عن زيف الشهرة : اقرؤوا كثيراً ..اقرؤوا تراث هذه الأمة الغني بالفكر والمعرفة والأدب والشعر .. اقرؤوا لغتها الصحيحة القويمة لتكون لغتكم في الكتابة صحيحة .. اقرؤوا شعر الأقدمين وصولاً إلى المحدثين وأفيدوا من قراءاتكم …ثم اكتبوا ومزقوا ثم اكتبوا ما يجعل الأبواب والمنابر مفتوحة لكم .. المنابر التي تقدر الإبداع الحقيقي وتميزه من الغث.
المزيد...