كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن رائحة مقلقة قال البعض وجلهم من بلدة حسياء أن مصدرها بعض المنشآت في المدينة الصناعية بحسياء حيث ربط المتحدثون تلك الروائح بانطلاق عمل منشآت صناعة البيرين بل وصل الحد بالبعض إلى حد مقارنة حالهم بحال بلدة قطينة ومعاناتها من الملوثات الناجمة عن شركة الأسمدة ولاسيما بالنسبة لما يصدر منها من روائح وانبعاثات غازية مختلفة ..
إلا أنه وبحسب ما رصدته جريدة العروبة من خلال جولات متعددة قامت بها في المدينة الصناعية بحسياء وبالأخص إلى منشآت صناعة البيرين تبين أن ثمة سوء تقدير في ذلك حيث أنه لا مجال للمقارنة بين معامل استخراج زيت العرجون ومعمل السماد الأزوتي والفوسفاتي في بلدة قطينة وكما هو معلوم فإن منبعثات معامل استخراج زيت العرجون هي روائح بخار ماء محمل بالزيوت النباتية صالحة للاستهلاك الغذائي و لا تضر بالصحة العامة ، مقارنة مع معمل السماد الازوتي والفوسفاتي التي يصدر عنه أكاسيد أزوتية ذيلية وهي غازات ضارة بالصحة وهناك مؤشرات في بلدة قطينة تدل على ذلك ..
صناعة داعمة للاقتصاد الوطني
على الرغم من حداثة صناعة البيرين في حسياء الصناعية والتي تعود إلى العام 2016 فإنها حظيت باهتمام وتوجيه من محافظة حمص كونها تمثل وبشكل مباشر إحدى الصناعات الداعمة للاقتصاد الوطني ، وهذا ما ساعد على التوسع في إقامة المنشآت المصنعة للبيرين لتبلغ سبع منشآت ( 5 قيد الإنتاج هذا العام ) تم تخصيصها ضمن منطقة الصناعات الكيميائية ممتدة على مساحة ( 90 ) دونم ، وبرأسمال (3,5) مليار ليرة سورية موفرة ( 150 ) فرصة عمل غالبيتهم من بلدة حسياء ، لتنتقل هذه الصناعة من موطنها الأصلي في محافظة حلب ( منطقة عفرين ) إلى محافظة حمص عبر عدد من الصناعيين الحلبيين المختصين بهذه الصناعة والذين تركوا منشآتهم التي تعرضت للتدمير على يد العصابات الإرهابية المسلحة باحثين عن الأمان لتوفر لهم حسياء الصناعية كافة التسهيلات لإقامة منشأتهم لاسيما موضوع تخصيص الصناعيين والحرفيين المتضررين والراغبين بالانتقال إلى المدن الصناعية بمقاسم في المدن الصناعية دون سداد الدفعة الأولى من قيمة المقسم وتأجيلها لمدة عام عن موعد تسديدها أو لحين استلام مبالغ التعويض المقدمة من لجنة إعادة الاعمار أيهما أقرب ، إضافة إلى الإعفاء من غرامات التأخير وغيرها من المراسيم والقوانين التي جاءت لتدعم الصناعة الوطنية .
جدوى اقتصادية وبيئية
تعتبر زراعة شجر الزيتون من الزراعات الرائدة في سورية بل هي الموطن الأصلي ومهد انتشارها فهي تحتل المرتبة الثانية عربيا والسادسة على مستوى العالم وبلغ عدد أشجار الزيتون قرابة 105 مليون شجرة ، و700 معصرة فهي تشكل مصدر اقتصادي هام لشريحة كبيرة من المجتمع من فلاحين وصناعيين ..
ونظرا لضرورة التخلص من مخلفات العصر لثمار الزيتون ( العرجون ) والتي ينتج عن تراكمها ضمن المعاصر تخمرات وروائح زيتية مقلقة للراحة لابد من وجود منشآت صناعية لمعالجة هذه المخلفات واستخراج مواد مفيدة ( زيت البيرين ) لصناعة صابون الغار ووقود العمل للمنشآت الصناعية ( معامل كرتون البيض والكونسروة و…) ووقود التدفئة وفحم النرجيلة ، إضافة إلى الدور الكبير الذي تلعبه هذه الصناعة في تأمينها للقطع الأجنبي عن طريق التصدير إلى الخارج لاسيما لدول الجوار وأوروبا
مراحل التصنيع
وعن مراحل التصنيع قال الصناعي بلال عبد الرحمن: هي صناعة موسمية تبدأ من شهر تشرين الثاني موسم عصر الزيتون وتنتهي مع نهاية الشهر الرابع في نيسان ،حيث يتم استجرار مخلفات معاصر الزيتون وتجميعها ضمن ساحات المنشأة المجهزة بميول لانسكاب الرشح الناتج عن تراكم المخلفات إلى حفرة كتيمة تتجمع ضمنها مادة الجفت ليتم معالجتها إما بسقاية الحزام الأخضر للمنشأة أو إعادة سحب هذه المادة إلى أكوام التمز ، ويتم تحريكها ( مادة البيرين ) بشكل مستمر للتقليل من الرطوبة والتخمر ،ومن ثم تدخل بمراحل التصنيع عن طريق دخولها إلى مجفف دوار بسعات كبيرة تصل إلى /150/ طن في اليوم ..
يعمل المجفف عن طريق تزويده بالحرارة عن طريق الشودير العامل على مادة البيرين ومن ثم بعد التجفيف يدخل إلى مرحلة التحميص ( محامص ) وهي عملية يتم فيها التخلص النهائي من الرطوبة الموجودة ضمن مادة البيرين لتدخل بعدها إلى غلايات ( مفاعلات) استخلاص يتم فيها ( سحب الزيت المتبقي ضمن بذرة العرجون وهو يقدر بنسبة من 3-4% ) وتقوم مادة النفتا بعملية الاستخلاص وهذه المفاعلات مجهزة بحرارة 70-80 م وضغوط مناسبة لعملية الاستخلاص، فيتشكل طورين ( طور سائل وطور صلب )، يسحب الطور السائل المكون من ( نفتا+ زيت البيرين ) إلى غلاية أخرى ليتم فيها فصل الزيت عن النفتا عن طريق التبخير ويتم سحب الزيت غير المتبخر إلى خزانات تجميع المواد المنتجة (زيت المطراف) وهو مادة أولية تدخل في صناعة صابون الغار ، والنفتا المتبخرة يتم تكثيفها ليعاد استخدامها من جديد ضمن دارة مغلقة ، أما الصلب الناتج يتم سحبه إلى فرن للاستفادة منه في عملية تشغيل الشودير لتوليد الحرارة اللازمة للتجفيف والتبخير ..
كما يستخدم الناتج عن حرق البيرين في الشودير لأعمال التدفئة كوقود أو فحم للنرجيلة ، وينطلق بخار الماء ( الرطوبة المتجمعة ضمن البيرين ) أثناء التجفيف وينطلق معها غازات ذات تركيب زيتي وتتم معالجة البخار المنطلق عن طريق تمريرها إلى وحدة معالجة الغازات المؤلفة من ثلاث مراحل ،مرحلة الغسيل بالكلس ومن ثم مرحلة التمريرعلى طبقة من الفحم الفعال ليقوم بامتصاص هذه الروائح الزيتية ومن ثم الى طبقة من نشارة الخشب وهي تقوم بإزالة الروائح ضمن البخار المنطلق بنسبة 70-80% من الروائح الزيتية العطرية المحملة مع بخارالماء .
تحقق الاشتراطات البيئية
الصناعي خليل حيدر عمر أشار إلى أنه تم القيام بدراسات أثر بيئي للمنشآت المصنعة للبيرين عن طريق مكاتب استشارية متخصصة بشؤون البيئة لضبط جميع الاشتراطات البيئية وتم التوصل إلى كفاءة مناسبة عن طريق إضافة فلتر خشبي عبارة عن خزان مملوء بنشارة الخشب .
شــحادة الحسـين