يحدث كثيراً وفي أرقى البلدان أن يفوز اسم ما في جائزة أدبية ما ,ثم ينطفئ هذا الاسم بعد هذه الجائزة وكأن شيئاً لم يكن ,وغالبا ما تكون هذه الجائزة ذات قيمة مادية عالية ,ويفسر مراقبون لهذه الظاهرة بحتمية كتابة النص من قبل كاتب آخر ,هو قريب أو صديق الاسم الفائز ,ويحدث هذا لأن الكاتب الحقيقي لا يحقق شروط المسابقة كشرط العمر مثلاً مما يضطره لتقديم العمل للمسابقة باسم شخص آخر,وهذا ما يفقد الجائزة قيمتها المعنوية والمادية ,يحدث هذا رغم حرص القائمين على المسابقة بالتقصي والتحري .كما يحدث أيضاً أن يتم منح تلك الجوائز لاعتبارات غير أدبية يكون هدفها التعاطف مع الكاتب لسبب ما يجعلنا نرسم علامة استفهام تؤكد أن «وراء (الجائزة )الأكمة ما وراءها» وأحيانا يتم اختيار لجان تحكيم غير متخصصة في الجنس الأدبي الذي تحكِّم فيه ,حيث يتفق الرأي العام على ضرورة أن تكون لجان التحكيم مبدعة سابقاً في موضوع المسابقة عينه ,فالشعراء يحكمون مسابقات الشعر والروائيون يحكمون ما له علاقة بالرواية وهكذا حتى تستقيم الأمور ,دون أن نغفل أن بعض المسابقات تميل لتلميع صورة المموِّل لها سواء كان فردأ أم مؤسسة, وتلك مسابقات تُفصّل شروطها على مقاس أديب لامع والهدف من ذلك الاعتماد على نجومية الكاتب لتلميع صورة المموِّل ,كما يتفق الجميع أيضا على أن المسابقات الأدبية تحرك الوسط الثقافي الراكد بطبيعة الحال ,وتحفز التنافس النظيف بين الكتاب وتضع الكاتب تحت أضواء الشهرة ,خاصة إذا كان شرط الترجمة للأعمال الفائزة موجوداً ,عدا عن أن الجوائز تشجع القراءة واقتناء الكتاب في زمن طغت فيه وسائل التواصل حتى على كتب الطبخ والأبراج التي كانت أرقام مبيعاتها فلكية قبل ثورة الاتصالات الأخيرة حيث طغت الشاشة الزرقاء حتى على شركات الإعلام العملاقة التي بدأت هي الأخرى بإغلاق بعض المحطات وكبريات الصحف ضغطاً للنفقات ويرافق هذا تدهور نسب القراءة إلى مستويات مخجلة في عالمنا العربي عدا عن انتشار اللصوصية في الأدب دليلنا في ذلك هشاشة بعض النصوص الفائزة وانطفاء نجومية الكاتب عقب المسابقة , عدا عن خضوع المسابقات لسياسة البلد المانح ويكفي أن نتأمل نوبل للآداب حتى نوقن ذلك .
ومهما يكن من أمر علينا أن لا نفقد قدرتنا على التجذيف ولعل فوز الصحفي فراس القاضي خير مثال على ذلك ,وهو زميلنا في جريدة تشرين ابن مدينة دير الزور فاز في مسابقة تهتم بالأدب الواقعي بالمركز الأول عندما وصف في قصته رحلته من دير الزور المحاصرة على متن طائرة حوامة هرباً من الحصار والدواعش عام 2015 فمبارك لزميلنا فراس القاضي ,ولعل هذا خير مثال على أننا نحن السوريين مازلنا نؤمن بقدرتنا على التجذيف وسط هيجان الحرب .
ميمونة العلي
المزيد...