القطاع الزراعي دعامة الاقتصاد المحلي … تحت المجهر…المزارعون و المربون : توفير مستلزمات الإنتاج و ضبط أسعارها

يشكل القطاع الزراعي أحد أهم مقومات صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة الحصار الاقتصادي الجائر وهو صمام الأمان في توفير متطلبات السوق المحلية من المواد الأساسية خلال الحرب..
و يتوجه الدعم الحكومي للقطاع الزراعي أولاً و هو دعم مفتوح على مختلف الصعد … على أن يصب في زيادة الإنتاج وأن ينعكس على معيشة المواطن بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني..

تعزيز مبدأ الاعتماد على الذات
واعتمد الوفد الحكومي في اجتماع موسع مع الأسرة الزراعية خلال زيارته لحمص الخريطة الاستثمارية الزراعية لعام 2020 والتي تهدف إلى توسيع قاعدة المشاريع المتوسطة والصغيرة في المحافظة وتوفير مستلزمات تطويرها على المدى المتوسط والبعيد بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وتكريس مبدأ الاعتماد على الذات ودعم التنمية المحلية في المحافظة، حيث تم تكليف وزارة الزراعة بتوفير دليل وخريطة علمية لتوزع المشاريع الزراعية الاستثمارية المقترحة على مستوى المحافظة ووضع خطة لدعم مشاريع تنمية المرأة الريفية وتوسيع انتشارها في المحافظة وإيجاد قنوات التسويق المناسبة لمنتجاتها بما يساعد على تحسين دخل الأسر الريفية، و تقديم مقترحات لاستثمار بادية حمص بالشكل الأمثل الذي يجعلها حاضنة متكاملة للثروة الحيوانية في المحافظة بما يعوض النقص الحاصل فيها جراء الخسائر التي أصابتها خلال الحرب.
و للوقوف على نتائج هذه التوجيهات على أرض الواقع التقت العروبة العديد من الجهات المعنية بالشأن الزراعي لمتابعة الواقع عن قرب …
عام النهوض بالقطاع الزراعي
أوضح مدير زراعة حمص المهندس محمد نزيه الرفاعي أن العمل سيكون خلال العام الحالي بخطا متسارعة مشيراً إلى أن جوهر زيارة الفريق الحكومي كان تشجيع الخطوات السريعة بما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمطلوب اليوم من الجميع وضع رؤية متكاملة ونوعية ومختلفة عما كانت عليه سابقاً والعمل بآلية جديدة , كما تقرر وضع خطة على مستوى المحافظة لإعادة زراعة المناطق المحررة من الإرهاب وفق مدد زمنية محددة بحيث يكون هذا العام عام النهوض بالقطاع الزراعي في حمص ..
وأكد الرفاعي أن المديرية تقدم اقتراحات للعديد من المشاريع التي ستؤثر بشكل إيجابي و مباشر والتي سيتم تنفيذها خلال فترة قريبة و أهمها :إقامة منشأة لتربية سلالة اللحم في حمص ,بالإضافة لإعادة تأهيل معمل أعلاف الوعر, و إعادة تأهيل 3 مراكز لإنتاج الغراس الحراجية في تير معلة و البريج و تل ورد, و تأهيل مراكز إكثار النخيل بتدمر, و تأهيل دائرة زراعة الرستن وعدد من الوحدات الإرشادية, وتأهيل موقع إكثار البذار في برج قاعي , و إعادة تأهيل المطار الزراعي , بالإضافة لإعادة تأهيل آبار البادية في المخرم والقريتين و تدمر حيث تم رصد اعتماد 320 مليون ل.س لتأهيل أربعة آبار مدمرة و 125 مليون ل.س لإعادة تأهيل وترميم خمسة آبار أخرى , و سيتم العمل على تنفيذ منحة دجاج بياض للنساء الريفيات بمعدل 15 دجاجة و 100 كغ علف لكل حصة , إضافة إلى منحة خلايا نحل للنساء الريفيات بمعدل خليتين مع طردين … بالإضافة لضرورة رفد المديرية بعدد من الآليات و أهمها خمسة صهاريج سعة 18 متراً مكعباً و خمسة صهاريج سعة 10 أمتار مكعبة وزورق واحد …
خريطة تنموية واعدة
وأشار الرفاعي إلى أنه تم إنجاز خريطة تنموية للمحافظة تتضمن رؤية ودليل عمل شامل لمشاريع زراعية استثمارية مقترحة بناء على الميزة النسبية لكل مشروع من مناخ وتربة وحالة اجتماعية و توفر المواد الأولية و الجدوى الاقتصادية ومنافذ التسويق , ويمكن البدء بتنفيذ بعض هذه المشاريع خلال الأعوام القادمة في حال توفر الدعم المادي الشريك( دعم حكومي- منظمات- مستثمر ..) منها مشروع الاستفادة من مخلفات المحاصيل كأعلاف للحيوانات و تجفيف الخضار والفواكه و تصنيع منتجات النحل وزراعة و تغليف النباتات الطبية و العطرية .
300 ألف تنكة زيت زيتون فائض المحافظة
من جهته أوضح يحيى السقا رئيس اتحاد فلاحي حمص أن الوفد الحكومي وخلال زيارته للمحافظة زار منطقة الرستن واطلع على عدة مشاريع ومنها مشروع الهاضم الحيوي في مبقرة حمص و مزارع الفطر وغيرها من التفاصيل المهمة بالشأن الزراعي , وتم خلال الاجتماع التحدث عن أهم الصعوبات التي تعترض العملية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني , ففي حمص يوجد إنتاج وفير و متنوع من مختلف الحاصلات الزراعية إلا أن المشكلة الأكبر هي تسويق المنتجات..
و أضاف السقا: نالت حمص المرتبة الأولى في تنفيذ الخطة الزراعية , و لكن تواجهنا في كل موسم مشكلة التسويق ففي الموسم المنصرم على سبيل المثال بعد تحقيق الاكتفاء المحلي توفر في المحافظة فائض من زيت الزيتون يقدر بحوالي 300 ألف تنكة وفق المواصفات السورية.. و طالبنا أن يكون للسورية للتجارة دورها الفعال في هذا الموضوع , و الأمر ذاته بالنسبة للوزيات والبطاطا وغيرها من المحاصيل …كما تمت المطالبة بضرورة تأهيل أهم الآبار في البادية و تأمين مستلزماتها…
وقد كُلفنا بتقديم بيانات حقيقية وواقعية لما لدينا من ثروات نباتية و حيوانية ليصار إلى دعمها بالصيغ المناسبة.
تنفيذ 80% من الخطة الزراعية
وأشار السقا إلى أنه و لغاية تاريخه تم تنفيذ حوالي80% من الخطة الزراعية مؤكداً بأن الصعوبات تتكرر في كل موسم و هي صعوبة تأمين الكميات المناسبة من المازوت الزراعي بالسعر المدعوم , وقلة كميات الأسمدة , ونأمل من الحكومة والجهات المعنية دعم موضوع التسويق و دعم الثروة الحيوانية و الحفاظ عليها ..
مشيراً إلى أنه تم طرح مشكلة وجود الأدوية و المبيدات الزراعية مجهولة المصدر و الموجودة بالأسواق , و تبنت نقابة المهندسين الزراعيين هذا الأمر حيث أصدر السيد رئيس الحكومة قراراً بإحداث شركة لاستيراد الأدوية الزراعية عن طريق نقابة المهندسين الزراعيين مع وجود اللصاقة على كل عبوة ..
39% من الناتج المحلي
بدوره أوضح المهندس معين صالح رئيس فرع نقابة المهندسين الزراعيين بحمص أن القطاع الزراعي يشكل الداعم الحقيقي للاقتصاد الوطني حيث تقارب نسبة المشاركة في الناتج المحلي 39% ,وتشكل الكثير من المنتجات الزراعية المادة الأولية وبعضها الرئيسية للصناعة المحلية..
وأضاف: قبل سنوات الحرب كنا نتغنى بالاكتفاء الذاتي الغذائي مع فائض للتصدير لكن ما عانينا منه جراء هذه الحرب و الحصار الاقتصادي تسبب بتراجع الإنتاج الزراعي نتيجة خروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية عن الإنتاج ,و لكن مع الانتصارات المتتالية و بفضل تضحيات و بطولات الجيش العربي السوري عادت مساحات كبيرة إلى الإنتاج و بدأت الحكومة بكافة فعالياتها لدعم القطاع الزراعي و يجب هنا التركيز على أن الدعم توجه لعدة نقاط أهمها دعم المشاريع الصغيرة و المتوسطة وتدريب المزارعين على التقنيات الحديثة للإنتاج , و تأمين مستلزمات الإنتاج ودعمها ليصل المنتج الزراعي للمستهلك بأسعار معقولة , والتسويق الزراعي و دعم مؤسسات القطاع العام التسويقية للمساهمة في تسويق المنتجات الزراعية ولاسيما التي تحقق فائضاً بالإنتاج الزائد عن احتياج السوق المحلية ,ودعم الثروة الحيوانية و لاسيما قطاع الدواجن و تربية الأبقار و ذلك من خلال التدخل الإيجابي لدعم و تأمين المواد العلفية اللازمة بأسعار معقولة تساهم بتأمين مادة الفروج وبأسعار منطقية و الموضوع ذاته بالنسبة لمنتجات الأبقار ودعم استيراد رؤوس أبقار عالية الإنتاج لسد العجز الحاصل بالتربية و بالتالي توفير منتجات الأبقار بالأسواق المحلية…
ندوات علمية و أيام حقلية
و أشار الصالح أن المهندسين الزراعيين و على امتداد مساحة المحافظة يعملون جاهدين لمساعدة الفلاحين و المزارعين لتحسين الإنتاج الزراعي و إيصال تقنيات البحث العلمي الجديدة لهم …
وعن إجراءات النقابة لتحسين كفاءة المهندسين ذكر الصالح أنه يتم من خلال إقامة الندوات العلمية وتنفيذ أيام حقلية مؤكداً أن للتواصل المباشر و الندوات و الأيام الحقلية و البروشورات فعالية جيدة لنشر المعلومة الصحيحة ,وأوضح أن العمل مستمر بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية لإقامة دورات تدريبية لزراعة و إنتاج الفطر, و إنتاج منتجات الحليب و تربية النحل و فوائد العسل و ندوات عن الري الحديث و غيرها ..
نواتها من حمص
و ذكر أحمد كاسر العلي رئيس غرفة زراعة حمص أن الغرفة تمثل القطاع الخاص في المجال الزراعي , وتحدث عن تجربة الغرفة في موضوع الحديقة المنزلية و التي حققت نجاحاً مميزاً فرض تعميم التجربة على مختلف محافظات القطر …مشيراً إلى أنه في العام الماضي تم توزيع 1200 منحة من الحديقة المنزلية وتم رفدنا بثماني وحدات تصنيع اثنتين في بداية العام الماضي و بعد النجاح أضيفت إليها ست وحدات ..
ألف حديقة منزلية و عشرون وحدة تصنيع
وخلال العام الحالي قمنا بتوزيع ألف منحة حديقة منزلية و عشرين وحدة تصنيع , و أشار إلى أن كل وحدة تصنيع مؤلفة من براد صناعي و عصارة و ماكينة لحمة وميزان و أسطوانات غاز وطناجر ومصافٍ من الكروم وطاولات حيث تصل قيمة كل وحدة لحوالي المليونين ل.س .. مؤكداً أن كل واحدة تستوعب خمسة مستفيدين للعمل …
وذكر أنه يمكن تصنيع و تغليف و تعليب مختلف أنواع المنتجات الزراعية المنزلية من بازيلاء أو مكدوس أو مخلل وغيرها … وتحدث عن نجاح التجربة في وحدات التصنيع بمسكنة و تل الشور والمشرفة..
سلة حمص الزراعية
وأشار العلي إلى أنه تمت المطالبة خلال اجتماع الحكومة بفتح قناة «ساقية » الري من قطينة إلى الرستن موضحاً أنه رغم التكلفة الكبيرة لكنها تعود بفائدة اقتصادية كبيرة خاصة و أن الريف الشمالي يعتبر سلة حمص الزراعية خاصة بالنسبة لمحصولي الكمون و اليانسون اللذين كانا يشكلان مصدراً للقطع الأجنبي من خلال عمليات التصدير …
ترجمة الدعم على أرض الواقع
وتم منذ أيام وخلال اجتماع مع السيد المحافظ بهدف ترجمة الدعم الحكومي على الواقع مناقشة كل القضايا التي سبق طرحها مع الحكومة , وكان أهمها تسويق المنتجات الزراعية خاصة وأنه لدينا تجربة سابقة في المعرض الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام لتسويق منتجات من الريف و شاهدنا إقبالاً جيداً خاصة وأن الأسعار مناسبة كونها من المنتج إلى المستهلك وبنوعيات جيدة ..
وأكد أن التجربة ستترجم على الواقع بافتتاح صالات للبيع للمنتج الريفي و خلال الأيام القليلة القادمة حيث يتم حالياً البحث عن موقع بوسط المدينة وآخر على طريق الشام لبيع المنتجات الريفية و سيتم تجهيز سيارتين مبردتين لإحضار الإنتاج من الريف , وبدعم حكومي أي أنه من الممكن أن يكون الشراء من الفلاح بأسعار مشجعة و بيعها بأسعار أقل من الكلفة …
تخصيص الوحدات بسجل زراعي
وأوضح العلي أن الفترة القادمة ستشهد إقامة دورات للعاملين على وحدات التصنيع و للمشرفين حيث ستتم الاستعانة بخبراء لتعليم تصنيع الجبن واللبن و مشتقات الحليب بكل أنواعها وتصنيع الجيلاتين من مصل اللبن للاستفادة بأكبر قدر ممكن ..
كما ستتم إقامة دورات بالغرفة على زراعة الفطر المحاري بهدف الوصول لحالة الاكتفاء الذاتي إضافة لإقامة ندوات عن التسويق و طرق التغليف و التعبئة …
وسيتم تخصيص الوحدات بسجل زراعي ووضع لصاقة على كل منتج توضح الوحدة التي تم إنتاجه فيها وتفاصيل المواد بالعلبة بهدف تحقيق الثقة والتعريف بالمنتج بشكل صحيح..
مع المعنيين
و لأن المعني بالأمر برمته هم المربون و المزارعون و المستهلكون كان للعروبة لقاءات كثيرة مع عدد كبير منهم إذ توحدت هموم المزارعين حول ضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج و أهمها المازوت بالسعر المدعوم للجرارات الزراعية و إيجاد صيغ فعالة لضبط أسعار ساعات العمل و الحراثة إذ إننا لا نرى عليها قيداً أو شرطاً – والكلام للمزارعين و المربين- و أكدوا أن تاجر القطاع الخاص يصول و يجول على هواه فهو يشتري المواسم بالسعر الذي يناسبه و يبيعه بالسعر الذي يناسبه أيضاً و يحقق له الربح الأكبر دون أي رادع و هذا الأمر نشهده يومياً و مع كل موسم زراعي و غيرها من الأمثلة التي يمكن رصدها بأم العين في كل المحال و الأسواق لتبقى الكلمة الفصل للتاجر دون غيره ..
عدد من المربين أشاروا إلى أنهم و لارتفاع أسعار الأدوية البيطرية والعلف يضطرون في بعض الأحيان لبيع رأس من الماشية لعلاج باقي القطيع و هو أمر لايبشر بواقع أفضل
أما المزارعون و الذين تتواصل معهم العروبة بشكل مستمر فمعاناتهم مستمرة مع صعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج إلا بالأسعار التي يفرضها التجار و على هواهم و يجدون أنفسهم مضطرين للرضوخ لغياب الدعم الحكومي الفعلي عن بعض مفاصل العملية الزراعية و التي يأتي في مقدمتها المازوت المدعوم..
والمستهلِك وهو الحلقة الأضعف يعاني الأمرين ويضطر لشراء المادة بأضعاف مضاعفة للتكلفة الحقيقية مع أنها من إنتاج بلده..
وعلى أمل أن تحقق الخطوات الجديدة تغيراً ملموساً على الأرض تبقى العروبة على تواصل مع مختلف المفاصل لرصد الواقع كما هو ..
هنادي سلامة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار