عقاب الأبناء.. أساليب عديدة.. والكل يقول : « أنا على صواب»

الطفل كأي كائن حي يجهل أكثر مما يعلم، وإذا علم فعل الصواب وسار سيراً محموداً كان قرة عين والديه . لذلك تكون مرحلة تعلمه من الصغر أولى الخطوات في تقويمه،وهنا تدخل خطوة هامة في تربية الأطفال وهي الثواب والعقاب المطلوبة ولكنها مؤطرة بشروط ،ومقننة بقوانين، فالعقاب الذي يطلب تطبيقه في تربية الأبناء هو الذي لا يؤلم نفسيا ولا يهدر الكرامة. والعقاب يجب أن يكون بحكمة.

« رحم الله أيام العصى » أجل لقد كان الضرب هو المسيطر على الموقف بالعصا أو الحزم وهذه تستخدم في حال كان الولد بعيداً أو أطلق قدميه للجري خوفاً من العقاب. طبعاً لانستطيع الجزم أن الأطفال جميعاً – قبل عقود من الزمان- كانوا يعاقبون بالضرب ، فالعديد منهم وخاصة ضمن الأسر ذات المستوى الثقافي والاجتماعي الجيد كانت تمارس عليهم أساليب متعددة للتربية وقد يدخل ضمنها الضرب الخفيف في حالات نادرة ، بدليل أن البعض من آباء اليوم يقول :« أنا أربي أطفالي كما تربيت..!»
ولكن الضرب والعقاب الجسدي للأطفال والمراهقين لايعني بالضرورة أن هناك كراهية أو حقداً بل قد يعتبره البعض أنه نوع من الحب الزائد للطفل أو الخوف عليه فكثيراً مانسمع عن تلك الأم التي تسمع صراخ طفلها وهلعه وعندما تأتي إليه ملهوفة وخائفة وتراه في ورطة نتيجة لأنه قام بخطأ مقصود وبعد الاطمئنان عليه فإنها تقوم بضربه لخوفها عليه وهذه ردة فعل قد لاتكون منطقية لدى البعض ولكنها كثيرة الشيوع .
يقول البعض : إن الضرب آخر الوسائل وليس أولها، وللضرب شروط وآداب ولا يكون إلا في التجاوزات الكبيرة، ولكن يجب أن يسبقه الخطوات التأديبية وهذا ليس في مجال الأسرة فقط بل في المدرسة أيضاً فرغم أن الضرب ممنوع في المدارس إلا أن بعض المدرسين يرونه وسيلة ضرورية لتربية الأجيال ومن لايضرب فإنه يحمل العصا ويلوح بها بين الفينة والأخرى ومع ذلك لايسعنا القول إلا أن ظاهرة الضرب اضمحلت ليأخذ مكانها عقاب آخر وهو لفظي أي أن يكيل الآباء صفحات شفهية كاملة من الشتائم على الأبناء ويملأ الصراخ المنزل .
ماذا يقول الأهل في هذا الموضوع
تقول أم سليمان – ربة منزل ـ : بصراحة إن جيل اليوم لا ينفع معه غير أسلوب الضرب؛ لأن ما يفعله يخرج الأهل عن طورهم من شدة عنادهم، فيتجه الأهل للضرب لأنه أسهل الأساليب للوصول إلى غايتهم وما يساهم بذلك أيضاً ضغوطات الحياة الكثيرة.
أما آمال – ربة منزل وأم لأربعة أبناء – فتقول: لم أجد أصعب من تربية الأبناء فإنها مسؤولية كبيرة بحاجة إلى اهتمام ورعاية من الوالدين، وبالنسبة لتعاملنا فإننا نحاول أن نربي أبناءنا بلا ضرب، ونقيم علاقتنا على التفاهم والحوار، ولكن أفقد صوابي في فترة الامتحانات، و يكون البيت في حالة استنفار وتتحول حالتي النفسية إلى عصبية للغاية، مع أنني أحاول ضبط أعصابي، ولكني لا أضربهم إلا إذا قصروا في دروسهم.
وتقول رانية محمد – مربية وأم لثلاثة أبناء – : إذا علمت الأم أبناءها المحافظة على مبادئهم وقيمهم وحبهم بالحوار، فإنها حتما لا تحتاج إلى اللجوءللضرب، فأنا وزوجي لا نلجأ لضرب أولادنا كما يفعل بعض الأهالي، وأشد عقاب نتبعه هو توبيخهم بالكلام والحرمان من شيء يحبونه.
إحدى السيدات أرادت أن تستخدم كافة الأساليب وقد رأت أن العقاب يكون بحسب العمر فتقول :إن طفلتي كانت صغيرة وكانت لاتعرف ماهو الخطأ وضرورة الابتعاد عنه إلى أن ضربتها عدة ضربات على يديها ، ولكن بعد أن أصبحت تفهم الكلام والنقاش بدأت أصرخ عليها وقت الخطأ وقد تفلت مني كلمة نابية ،أو كنت أحرمها من المصروف ولكن حالياً أتبع أسلوباً جديداً وهو أنني أتجاهلها في الوقت الذي كنت من المفترض أن أعاقبها على خطئها .
السيد أكرم -موظف – قال : لا أتذكر أنني ضربت أبنائي إلا نادراً وبشكل خفيف جداً ولكن أمهم كانت تتولى هذا الأمر مع رفضي له وقد كنت أنهيها عن هذا ولكنها تقول : الأولاد لايسمعون الكلام إلا بعد خوفهم من الضرب ولكني أعلم أن الإفراط في العقوبة الجسدية له مضار جسيمة منها: أن يألفها الولد، أن يصبح بليدا، أن يلجأ لتحقيق ذاته بأساليب منحرفة، وعندما يكبر إما أن يكون فاشلاً يخاف من ظله، أو جباراً قاسياً يقهر من دونه، وكلاهما خسارة ما بعدها خسارة.
وللأطفال رأي
تقول هديل – ثاني ابتدائي- : يتعامل والداي معي بحسب الموقف، فإذا تيقنا أنني أخطأت ينبهاني، وإذا أعدت الكرة فإنهما يضرباني. أما أمي فتثور عندما ينخفض مستواي الدراسي وتنخفض درجاتي؛ لذا أشعر أن أبي أقرب إلي، فإنه دائما يمازحني و يشتري لي كل ما أطلبه، وفي المستقبل سوف أعاقب أبنائي كما يعاقبني والداي لأننا فعلا مشاغبون.
أما مجد – ثالث ابتدائي – فيقول: أنا أحب أبي وأمي كثيراً لأنهما يلبيان لي كل حاجاتي، مع أنني أغضب كثيراً عندما يحرماني من المصروف أو من شراء لعبة وعدت بها، وأغضب أكثر عندما تضربني أمي مع أنها تنبهني دائما قبل الضرب، أما عندما تواجهني مشكلة؛ فإنني ألجأ إلى أبي، لأنه سيحل لي المشكلة بهدوء ودون ضرب أو صراخ. وأنا لا أؤيد العقاب بتاتاً، بل على الأهل التصرف بهدوء وتفاهم وهكذا سوف أتعامل مع أبنائي في المستقبل.
علم النفس يقول إن العقوبة تأخذ أشكالاً متعددة من الحرمان النفسي والعاطفي حتى تصل إلى العقوبة الجسدية وهذا يتبع التربية التي يتلقاها من الأسرة فنحن قد نرى طفلاً يفهم من الكلمة أو حتى نظرة عتب من أمه تجعله يدرك أنه أخطأ، وهناك عدة وسائل للعقاب منها سحب الامتيازات والتنبيه …أي أن تتناسب العقوبة مع الخطأ ،و الأهم بقاء التواصل بين الأهل والطفل حتى يعرف الطفل خطأه وبالمقابل يجب أن نحسن السلوك الايجابي للطفل وأن نكافئه عليه حتى ولو بابتسامة أو كلمة طيبة ولابد من التخفيف من الظروف المحيطة بالطفل التي تجعله يخطئ .
منار الناعمة

المزيد...
آخر الأخبار