يشكل العمل أيا كان مجاله قيمة حقيقية لوجود الإنسان ويحقق من خلاله انجازات حتى ولو كانت بسيطة وتعود عليه بإيجابيات ويعد عمل المرأة مهماً جدا لأنه يجعلها تعتمد أكثر على نفسها ويؤمن لها الاستقلالية من حيث المصروف الشخصي كما أنها يمكن أن تساهم في دعم عائلتها ماديا وهذه الظاهرة بتنا نجدها كثيرا في مجتمعنا .وقد حققت المرأة من خلالها نجاحات عديدة في الكثير من المجالات والتخصصات التي تنوعت في السنوات الأخيرة وبرزت في مناصب عديدة متجاوزة بذلك من يدعي أن المرأة لا تصلح إلا أن تكون مدرسة أو طبيبة لأنها وظائف إنسانية وتتلاءم مع نظرة المجتمع. فماذا عن دوافع المرأة للعمل ونظرة المجتمع لها ؟
من أولويات الحياة
رزان – طالبة جامعية قالت : لم تكن ظاهرة عمل المرأة منتشرة من قبل بصورة كبيرة، إذ كانت وظيفتها الفطرية هي رعايتها لأولادها وشؤون بيتها، وأما عملها خارج البيت فلم يكن إلا لضرورة قصوى تلبية لاحتياجات الأسرة المتزايدة أو في ظل غياب من يعيل الأسرة .
أما اليوم فلم يعد العمل مجرد مسألة حاجة بل أصبح من أولويات حياة المرأة وخاصة بعد التخرج من الجامعة، ولأن هدف الخروج للعمل والغاية منه تغيرت بتغير الزمن، فقد أصبح وسيلة لتحقيق الذات، وكسب المال، وتوسيع نطاق العلاقات الاجتماعية.
العمل .. مسؤولية
أوضحت سوزان أن من أهم دوافع المرأة للعمل هو وعيها بأهمية العمل الجاد الذي يؤهلها لأن تكون مسؤولة وناجحة و لها شأن في مجال تخصصها، ومن هنا اشتد خلافها مع النظرةة السائدة التي تريد أن تقلل من جهودها في السنوات الماضية والتي تدعي أن كل ما يحدث للأسرة من تفكك وانحلال هو بسبب خروج المرأة إلى العمل وتخليها عن دورها الحقيقي في البيت، وكأن المرأة هي المسؤولة الوحيدة عن الأسرة.
تحقيق وجود
أسماء – موظفة قالت : أدركت المرأة أن لها حقوقاً إنسانية من الصعب أن تنالها إلا باستقلالها الاقتصادي وتطوير ذاتها ورفع مستواها العلمي وزيادة خبراتها، وأنها قادرة على التعلم السريع والتطور الذي أذهل الرجل في المجتمعات العربية وأخافه، فالمرأة اليوم تشكل منافسا حقيقيا للرجل في الكثير من المهن والوظائف لأنها دقيقة النظر في تفاصيل كثيرة ولم تعد تعمل من أجل مساهمتها في رفع دخل الأسرة فقط وإنما من أجل تحقيق وجودها الإنساني وفرض ذاتها وأفكارها ومشاريعها التي لا يمكن اليوم إغفالها أو منعها.
دعم اقتصادي للأسرة
الظروف الاقتصادية استلزمت عمل الزوجين معا لأجل تدبير أمور الحياة المعيشية لهما ولعائلتهما وخاصة العائلات من ذوي الدخل المنخفض إذا يشكل عمل المرأة خارج البيت دعما اقتصاديا قويا للأسرة، في ظل غلاء المعيشة وهو من أهم من أسباب خروج المرأة للعمل خارج البيت. فمتطلبات الحياة اليومية زادت وبالتالي أصبح عمل المرأة مهما إلى حد كبير إلى جانب عمل زوجها في توفير النفقات اليومية للأسرة.
هذا العمل بدوره يساعد المرأة على الاشتراك في الجمعيات مع زملائها بمبلغ مالي محدد لكل شهر، وهو الأمر الذي يساعدها في التوفير بطريق غير مباشر لصرفه في الوقت المناسب. وبالتالي أصبح العمل ضرورة ملحة يقتضيها هذا الزمن.وهناك أسباب أخرى تستدعي خروج المرأة للعمل مثل الإحساس بالملل والكآبة داخل البيت, خاصة وإذا كانت المرأة قد نالت درجة عالية من التعليم فترى أن الزواج وإنجاب الأولاد قد حطم مستقبلها وضيّع آمالها في تحقيق طموحاتها في أن تكون مدرسة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة، وتنسى أو تتجاهل أن تعليمها لم يكن الهدف الأساس منه هو الوظيفة، إنما المقصود منه تثقيف المرأة وتوعيتها لأجل أداء دورها وهو تربية الأولاد بغرض إنتاج جيل واع ومتعلم .
تنمية القدرات
رولا – طالبة جامعية ترى أن العمل حاجة واستعداد في داخل الإنسان وأنه يرتبط بجوهر الحياة نفسها .. فالحياة لا تستقيم بدون العمل بالنسبة للفرد والمجتمع على حد سواء .والإيجابيات الأساسية بالنسبة للمرأة وللرجل أن الإنسان يحقق ذاته وشخصيته ووجوده من خلال العمل .. وهو يحس بالإنتاج والإنجاز والأهمية . كما أن العمل يعطي صاحبه الاستقلال المادي ، ويساهم في تنمية قدراته الشخصية وإغنائها من النواحي العملية والفكرية والاجتماعية .
والقيام بالعمل يشعر المرأة بالرضا والسرور والنجاح وفي ذلك مكافأة هامة وتدعيم لقيمتها وثقتها بنفسها من النواحي النفسية .ومما لا شك فيه أن العمل يجعل المرأة أكثر قوة وأكثر قيمة في مختلف النواحي العملية والمعنوية حيث لا تبقى المرأة الكائن الضعيف ذو القدرات المحدودة والذي لا حول له ولا قوة .
إرهاق
وتضيف ميس على رأي صديقتها قائلة : يمكن الحديث عن بعض السلبيات المرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية حيث يرتبط ذلك بمدى مناسبة العمل لشخصية المرأة وقدراتها ومهاراتها ، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه .. وكذلك فإن العمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يساهم بشكل سلبي في صحة المرأة النفسية .
ولكن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمشكلات الحياتية اليومية التي تواجه مجتمعاتنا قد ساهمت في زيادة المتطلبات الاستهلاكية وفي زيادة النفقات والضرورات المادية التي تواجه الأسرة ، إضافة إلى ضرورات التنمية والتحديث .. وكل ذلك يؤدي إلى الاهتمام المتزايد بعمل المرأة المنتج خارج المنزل وداخله .
بقي أن نقول :
من المؤكد أن العمل يشكل محوراً رئيسياً في حياة الإنسان رجلاً كان أم امرأة , وأن عمل المرأة مهم جدا لأنه يجعلها تعتمد أكثر على نفسها كما أنه يؤمن لها الاستقلالية من حيث المصروف الشخصي كذلك من الممكن أن تساهم في دعم عائلتها ماديا وفكريا من خلال اطلاعها على تجارب الآخرين والاستفادة منها في حياتها اليومية وفي التعامل حتى مع أبنائها وعائلتها وبذلك نضمن وجود جيل واع منفتح على الآخر قادر على النهوض بالمجتمع مستقبلا نحو الأفضل .