كيف نساهم في ازدهار الحضارة العربية..؟

كثر في هذا الزمن العربي الجريح التنكر لعطاءات الأجداد ونبض حضارتهم التي مازالت تشع بنورها على عالم اليوم بأبعادها الإنسانية والقيمية والإبداعية .. والمؤلم لدرجة أنين التوجع أن يتشارك أبناء العروبة لهذا التنكر رغم أن ذاكرة الأمة العربية مليئة بعطاءات الأجداد المغزولة على أوراق كتب التراث وهمسات إبداعية مفرداتها نابضة بالتمسك بالانتماء للهوية وتفرد خصوصيتها الثقافية والفكرية والاجتماعية وتراتيل تعانق ماضيها وحاضرها لتبقى مدلهمات الأيام وتبدلات أفكارها خارج أسوارنا – فالتمسك بالانتماء للهوية يصد سياط التشويش على إرثنا ويرد لثقافتنا حضور تألقها بكل تفاصيلها الإبداعية – ويصح القول هنا إنه لكل زمان ثقافة تميزه في مسيرة تتابع العصور عبر إرساء ملامح إنسانية لها طابعها الخاص وتناغمها الاجتماعي والثقافي في الإطار العام .. إلى أن دخلت أو أدخلت علينا مفاهيم جديدة حملت عناوين سوق الإنتاج الثقافي المعاصر بواسطة تيارات فكرية لا تمت بصلة لواقع مجتمعاتنا وطموحاته من قريب أو بعيد تيارات قدمت إلينا من خلف البحار والمحيطات ما يطرح جملة من التساؤلات والاستفسارات لماذا تتحول أهداف هذه التيارات إلى سعي محموم لتقزيم موروثنا الثقافي وتشويهه ..؟. ولماذا هذا المعترك الافتراضي المعنون بصراع الحضارات وفي هذا التوقيت بالذات ..؟!. والسؤال المهم الآن هو كيف يمكن دعم قدرات الإنسان العربي ليتجاوز حواجز التشويش والتشويه ..؟. وما آليات استنهاض قدراته وتحويلها إلى كتلة فاعلة تستطيع مواجهة تحدي الاختراق الثقافي ..؟. بظل ليس عولمة الفكر فقط بل عولمة الحياة الإنسانية لذا علينا جميعا أن نحث الخطا لتأصيل ذاكرة أبناء الأمة وحضهم على التمسك بانتمائهم العروبي .
إزاء هذا المشهد المركب في عالم اليوم إلى حد التعقيد يحار المرء عندما يقف أمام هذا الكم الهائل من المتغيرات العالمية المتشابكة الأهداف والمتعددة المحاور والتي تتدفق من خلال وسائل الاتصال وشبكاتها العنكبوتية المحملة بمضامين معرفية متضاربة في أبعادها والتي باتت اليوم تخترق ثقافات الشعوب دون استئذان بواسطة اعتمادها على أضاليل فكرية لاتعترف بالتاريخ ولا بإلارث الحضاري وهذا يوضح المحاولات لتغيير منظومة القيم الإنسانية للأمة العربية وتهميش ثقافتها الوطنية وثوابتها الاجتماعية لإبعاد أبناء العروبة عن قضاياهم بغية إخضاعهم لقوى النخب المسيطرة على مفاهيم العولمة وصراع الحضارات بواسطة استبدال العناصر الثقافية العربية بأخرى مستحدثة لخلق مجتمع استهلاكي لا يعي حتى ما يقدم إليه من أفكار تتأبط الشرور .. والمتابع لواقع حراك الأمة العربية اليوم يدرك استهداف موروثها الثقافي والحضاري فالغرب بوجهيه الأمريكي والأوروبي لا يريد لهذه الأمة أن تعي قدراتها وكينونة ذاتها لذا يعمل بكل جهده لتكبير شريحة المتنكرين لموروث الحضارة العربية ومن أبنائها ليشكلوا ما يعرف بالطابور الخامس المؤيد لتوجهات هذا الغرب الذي يتحرك وفق مصالح مادية ولو كانت على حساب كل الحضارات العالمية .
بسام عمران

المزيد...
آخر الأخبار