التمكين للغة العربية في أسبوع ثقافي …عسى ولعل

أقامت لجنة التمكين للغة العربية في حمص ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي اللغوي أسبوعاً ثقافياً بالتعاون مع مديريتي التربية و الثقافة في حمص في قاعة الأديب سامي الدروبي بعنوان “التمكين للغة العربية”، بمناسبة عيد اللغة الأم .
بدأت الفعاليات مع محاضرة للدكتورة ميادة إسبر بعنوان “ النص الأدبي من التفاعل إلى التفاعلية في العصر الرقمي” حيث تحدثت الدكتورة إسبر عن أنماط التفاعل بين المتلقي والكاتب منذ العصر الذي سبق الإسلام، وهو ما تبدى في أشكال الانفعال الوجداني والجمالي والإعجاب بالأساليب البلاغية والتخيلية، التي يبتنيها الشاعر أو الأديب في نصه وانتهاء بأنماط التفاعل، التي يشارك فيها المتلقي في تشكيل فضاء النص كالشروح والحواشي والاستدراكات والتفاسير.
وهو تفاعل جميل بين القائل والمتلقي وختمت محاضرتها بالقول : إن النص التفاعلي الذي تعرضه الوسائط المتعددة في الفضاء الشبكي المفتوح، هو امتداد حسي، لما كان ذهنيا في أفق التلقي،خلال عملية القراءة التي تعد عملية تفاعلية، بين طرفي التخاطب: المبدع/ المتلقي التي استحالت إلى ثنائية: المتصفح/ المستعمل لتصل إلى تعدد ترجمة المصطلح الدال على النص التفاعلي من النص المترابط إلى النص المتشعب ثم النص المفرع والنص المرفل و النص التكويني، ووقفت على الفارق بين هذه المصطلحات والمعايير التي تنهض عليها وطريقة اشتغالها من حيث قدرتها الفائقة على دمج الوسائط، وتنويع الروابط وإتاحة المجال للمتصفح/ القارئ سابقا، ولبينت أن التصفح الإلكتروني يسمح بالتشارك في تكوين النص أو حرية التجول في مستويات النص من خلال الوصلات والروابط التي ينهض عليها تكوين النص التفاعلي، ليغدو الواقع الافتراضي أكثر قربا من الواقع الموضوعي، وأعمق تأثيرا من خلال الوهم المفرط بالواقعية، لتنتهي إلى ضرورة أن يأخذ النقد الأدبي ونظرية الأدب مكانه في ضبط هذا النوع من النصوص الأدبية و فحص الأدبيات والجماليات التي تقترحها، بما ينسجم والإرث النقدي والجمالي في الثقافة العربية ..
الاهتمام بالنحو الوظيفي والتعبير اللفظي على مستوى المؤسسات التربوية
الأستاذ نزار بدور شرح في محاضرة بعنوان “التمكين للغة العربية المؤسسة التربوية أنموذجاً” ظروف نشأة اللغة منطلقاً من مكانة اللغة العربية، بما لها من سمات وخصائص وميزات ودور أبنائها وقدرة اللغة العربية على تمثل الرؤى والتصورات والقيم والتثاقف الحضاري ومواجهة اللهجات والتحديات وما لها من غنى في جذور لغوية وأساليب وأنماط سردية ومجالات إبداعية وثراء فعال في محاكاة الواقع المعيشي، وتعاقب عصور وتمثل حضارة وثقافة في عصر التدقيق المعرفي والحتمية التكنولوجية وفصَّل في جماليات اللغة العربية ومعطيات الإبداعات فيها من قصائد ومقتطفات نثرية وعناوين ومقولات فلسفية وسعة ثقافية في مجالات الحياة كلها، ودور المناهج في تدرج القائمين على التمكين للغة العربية في المادة الاختصاصية والمواد كلها، من حيث الموضوعات والأنشطة والمجالات والقيم وأساليب التقويم والمبادرات وتجسيد دور مكانة اللغة العربية، حيث سورية الأبجدية في وعي البناء والتحرير وأصالة وفصاحة اللسان واللغة العربية مصانة انطلاقا من دستور الدولة وكلمات السيد الرئيس بشار الأسد في إيلاء اللغة العربية كل اهتمام من مؤسساتنا وتشكيل لجنة تمكين اللغة العربية على مستوى الجمهورية العربية السورية، واعتماد اللجنة المركزية لخططها على مستوى الوزارات كلها والمؤسسات، يضاف إلى ذلك الاهتمام بتفاصيل البنى المعرفية الأساسية والقواعد والاهتمام بالنحو والتعبير الوظيفي على مستوى المؤسسات التربوية، وتعليم الناشئة عبر المناهج المطورة وفق المعايير الوطنية، لتكون اللغة حاضرة بشكل مدروس يتوافق ونظريات التربية وعلم النفس، واللغة أصالة ما بين قديم وحديث، من خلال التراث والمعاصرة لما يحاكي أنساق المادة على أنواعها ومالها من معارف وخبرات ، يضاف إلى ذلك القيم من خلال الأنشطة وتوظيف الوسائط التعليمية والتمكن من المعلوماتية خدمة للغة العربية في تعزيز حضورها الاستخدامي والوظيفي أيضا ،ومن هنا فقد حضرت اللغة العربية في المناهج والمواد فصاحة لسان ودقة أساليب وغنى أنشطة، تؤكد على دور المتعلم في المهارات كلها ولاسيما الاستماع والمحادثة والقراءة وغير ذلك من مهارات الحياة.
العربية لغة حية في المحافل الدولية
في اليوم الثالث من أيام الأسبوع الثقافي ألقى الدكتور أحمد دهمان محاضرة بعنوان”اللغة العربية أصالة وحداثة” بين أهمية الحفاظ على لغتنا العربية التي يتحدث بها أكثر من ثلاثمائة مليون عربي ، وهي إحدى اللغات الحية المعتمدة في المحافل الدولية، فمن غير المعقول أن نتهمها بالقصور في الوقت الذي أصر أعداؤنا على استخدام اللغة العبرية في فلسطين المحتلة ، وهي لغة ميتة .. ولسنا في حاجة إلى تأكيد قدرة اللغة العربية على أن تكون لغة العلم والحضارة والتقدم التقني فهذه قضية أصبحت بدهية بدليل نجاح التجربة الرائدة وذلك بتعريب التعليم العالي، ولم يتحقق لهذه الخطوة الجبارة النجاح إلا بفضل كون العربية لغة متجددة مسايرة للعصر.
خصوبة اللغة العربية
وبين المحاضر دهمان أن أبرز الأسس التي جعلت العربية أصيلة مرنة خصبة هو الثراء والاتساع في التعبير وكثرة المسميات، ووجود ألفاظ أعجمية معَّربة عدَّت من مفردات اللغة العربية ، و كذلك كثرة الأضداد وقابلية العربية للنحت والاشتقاق، لقد استخدمت اللغة العربية من كل مناحي النمو الفكري والعقائدي.
اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة
في ختام الأسبوع الثقافي تحدث الأستاذ مأمون الشامي عن “التمكين للغة وأثره في المراسلات الإدارية” حيث بين أن اللغة مفهوم منظومي يشمل الإيماءات والإشارات والأصوات والرموز المكتوبة وجميع صور التعبير قاطبة من رسم ونحت ورقص وموسيقى… وأشار إلى أن وظيفة اللغة في التفكير والتواصل والتعبير أوفي التعرف والنداء والتعبير وأن الوظيفة الأساسية للغة إنما هي التواصل ذلك لأن اللغة مؤسسة اجتماعية إنسانية وإن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة،إذ أننا لا يمكننا أن نتصور لغة من غير فكر ولا فكراً من غير لغة ، مستشهداً بقول للدكتور طه حسين:«نحن نشعر بوجودنا وبحاجاتنا المختلفة، وعواطفنا المتباينة وميولنا المتناقضة حين نفكر، ومعنى ذلك أننا لا نفهم أنفسنا إلا بالتفكير..» وتناول عناية الأمم بلغاتها: في ألمانيا عندما سئل بسمارك عن أفظع الأحداث التي حصلت في القرن الثامن عشر، أجاب:إن الجاليات الألمانية في شمال أمريكا، اتخذت اللغة الإنكليزية لغة رسمية لها، وكان يأمل أن تتخذ اللغة الألمانية لا الإنكليزية، وقد أثبتت الأحداث صدق رؤيته فقد وقفت أمريكا إلى جانب انكلترا في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
. وأشار المحاضر الشامي إلى أنه ورد في الخطة الوطنية للتمكين للغة العربية في قسمها الثاني تحت عنوان الواقع اللغوي والعوامل المؤثرة فيه ، الفقرة رقم8 وجود الأغلاط اللغوية في بعض القرارات والبلاغات الصادرة عن بعض الجهات الرسمية وفي المراسلات بين دوائر الدولة ومؤسساتها,وضرورة تجاوز مثل تلك الأخطاء لان الاستعمال الصحيح للغة هو الدليل الوحيد على أنها لغة حية ,تلبي حاجة المتكلمين بها.
ميمونة العلي _فاطمة الأسعد

 

المزيد...
آخر الأخبار