«قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق » مقولة قديمة جديدة يتداولها الناس بين الحين والآخر وخاصة في هذه الأيام والتي يجب أن تعدل إلى «قطع الأيدي لمن يتلاعب بقوت الناس وصحتهم» ففي هذه الأيام العصيبة التي نمر بها يتلاعب الباعة والتجار بأسعار السلع والحاجات الضرورية لدرجة أن الكثيرين يشعرون بظلم الأسعار ولم يخطر ببالهم تقديم شكوى بمن ظلمهم مع أن الأمر يحتاج إلى اتصال هاتفي بأرقام وضعت لهذه الغاية وتبقى الاتصالات سرية لايفصح عن اسم صاحبها ،فالجهات الرقابية دائما حجتها أن عناصر الرقابة عددهم قليل لايستطيعون تغطية كل الأسواق ومناطق الريف التي تحدث فيها المخالفات والتي ترتكب بعيدا عن أعين الرقابة,فهل الرقابة بحاجة إلى من ينبهها إلى القيام بواجبها.
ان ثقافة الشكوى مازالت ضعيفة لدى أغلب الناس الذين مازالوا متمسكين بمقولة قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.
المسألة في نهاية المطاف تحتاج إلى تضافر الجهود بين المواطنين والجهات الرقابية لقمع كافة أنواع المخالفات ولابد من اتخاذ إجراءات رادعة لمنعها بسن القوانين التي تقضي بدفع مبالغ كبيرة لردع المخالفين واتقاء جشعهم فهل هناك اخطر من أن تباع أغذية غير صالحة للاستخدام البشري أو أدوية فاقدة الصلاحية والأخطر الأدوية الزراعية والمبيدات المغشوشة التي تلحق الضرر بالمواسم وبجهود الفلاحين .
الأساليب القديمة لمكافحة الغش والتلاعب بالأسعار لم تعد مجدية لقمع الظاهرة فالأمر يحتاج إلى أساليب أكثر صرامة لوضع حد لهذا الاستهتار بحياة الناس… فالإصدار الدوري للأسعار لم يأخذ دوره في إلزام الباعة بالتقيد بمحتويات هذا الإصدار فالملفت أن الأسعار تختلف من محل لآخر مع أن مصدر إمدادهما بالمواد واحد.
لم يكن عدم التقيد بلائحة الأسعار وحده الذي لم ينفذ، بل معظم التعليمات المتعلقة بضبط الأسعار تضرب عرض الحائط بالفاتورة …كم من الندوات والمحاضرات أقيمت لتوضح ضرورة إعطاء الفاتورة للزبون مهما كان حجمها فذهبت أدراج الرياح ،هناك من يعطي فاتورة تغفل ذكر أسعار بعض السلع… فإلى متى نبقى في هذه الدوامة التي دوخت المواطن وأتعبته …
محمود الشبلي