حمص تغرق بشبر ماء .. نقاط توتر مطرية ولكن ! … أصابع الاتهام تؤكد الإهمال والتقصير والمعالجات إسعافية لا جذرية
ما أن هطلت الأمطار حتى بانت عيوب المصارف المطرية في شوارع المدينة رغم أن الجهات المعنية كانت بذلت جهودا لصيانة وتعزيل هذه المصارف, فما حدث من اختناق في تصريف المياه أثار جملة من التساؤلات ,فمع قدوم كل موسم شتاء يلحظ المتتبع للواقع الخدمي على مستوى مناطق المحافظة, أن ثمة جملة من المنغصات الخدمية والبيئية التي تهم المواطن وتشغل باله كانت ولم تزل بعيدة عن اهتمام الجهات المعنية
و لا يعدم المراقب وجود مشكلات عديدة ومعاناة كبيرة تواجه المواطن في تنقلاته, نتيجة المياه التي تنتشر في الشوارع والطرقات, مشكلة رامات وتجمعات مائية تلحق المزيد من الضرر بالمارة ,وتفقد المكان جماليته, وتدل دلالة قاطعة على خلل كبير وأخطاء وتجاوزات عديدة في بنية المشاريع الخدمية المنفذة والتي لم تراع طبيعة الأرض ومواقع المجاري المائية للسيول, عدا عن وجود مياه الصرف الصحي التي تحررت من قيود القنوات بسبب الانسدادت والاختناقات في بعضها واستباحت الشوارع, ومياه الري التي تسقي مزروعاتنا, ووجود ما تنفثه أشباه المصانع المحلية والورش الصغيرة من نفاياتها ما يسبب مخاطر وآثارً سلبية تلحق الأذى والضرر بالسكان ومزروعاتهم .
معاناة..وشكوى
تواجه منطقة المخرم على امتدادها ووسعها, مشكلات عديدة تتكرر سنوياً, تحدث عنها المواطنون بمزيد من الأسى واللوعة مؤكدين أنه لم يعد خافياً على أحد وجود العديد من نقاط التوتر المطرية التي تنتشر هنا وهناك, لتشكل البرك المائية التي تملأ الشوارع, ولتمنع المواطنين من السير فيها, وتخرب البنى التحتية لهذه الطرقات وتخلف الأخاديد والأودية التي تعوق مرور الآليات في معظم الأحيان .
خطوات قاصرة
ويستغرب المواطنون قائلين :لا نعلم لماذا أساليب تفكير بعض الجهات المعنية تجاه الاهتمام بما يحصل من مشاهد «مضحكة» لم تزل قاصرة وغير فاعلة وليس لها أي بعد مستقبلي..؟ ولا نعلم لماذا لم تدرك بعض نتائج التراكمات التي تبدو للوهلة الأولى بسيطة أو لا تستحق التوقف عندها, ولكن بالتمحيص والتدقيق نرى العجب العجاب, فبعض المارة والسائقين يقعون في فخ الحفريات المقيتة, وبعضهم الآخر يجد عجلات سيارته تقع داخل «ريكارات » للصرف الصحي, وبعضهم يغوص في المستنقعات المائية التي تغطي الطرقات فيقع في مشكلات فنية في سيارته قد تكلفه الكثير من الخسائر المادية, حتى أن بعض الأطفال في مناطق عديدة تجدهم لا يذهبون إلى مدارسهم يوم الهطولات المطرية الغزيرة لعدم تمكنهم من المرور في الشوارع المحفرة والمليئة بالأوحال والمستنقعات المائية .
معالجة غير فاعلة
وما يزيد الطين بله هو آلية تعامل الجهات المعنية مع كيفية معالجة وضع المطريات ومجاري السيول والتي يفضل الابتعاد عنها أثناء وبعد أية هطولات مطرية ذات المعدلات المقبولة ولا نقول الغزيرة, لأننا هنا قد لا نضمن النتائج ولا نعلم مدى الأذى والضرر الذي قد يطال كل ما يوجد في دائرة انتشارها ووجودها..
نقاط توتر مطرية كانت ولم تزل تتكرر أعراضها الشتوية باستمرار وعلى مدى السنوات التي خلت, بدون أن تسأل الجهات المعنية عن أسباب ذلك, بل وكعادتها المجالس المحلية تتعامل مع نتائج المشكلات التي تسببها انسدادات مجاري الصرف الصحي والريكارات وما يحصل من اختناقات مائية أخرى بدعوة عناصر شرطة المرور لتنظيم حركة السير والمارة, ودعوة سيارات فوج الإطفاء والنجدة والدفاع المدني للتوجه هنا وهناك لإنقاذ غريق أو ضحية حادث مطري, وتبتعد عن الأسباب التي أدت إلى وقوع وحدوث ذلك, أي ترى بعض المجالس تعمل على شفط المياه في أماكن تراكمها ولا تسعى لتوسيع خطوط الصرف الصحي أو توزيع المطريات والريكارات على المنطقة بشكل علمي ومدروس لتلافي وقوع مثل هذه الأخطاء مستقبلاً .
المناطق المنخفضة ..واقع لا يسر
ولسكان المنازل المنخفضة حديث ذو شجون, فالواقع الذي يعيشونه لا يسر الخاطر, ويؤكدون كثرة الأماكن التي يطالها الضرر نتيجة استقرار المياه التي تجري في الشوارع, وفي المسيلات المائية المجاورة لمنازلهم مشكلة تجمعات وبرك مائية بقياسات مختلفة, الأمر الذي يسبب لهم إرباكاً كبيرا, ويرى المواطنون بأن سبب ذلك الخطر وتلك المآسي يعود إلى إهمال وتقصير الجهات المعنية في عملها, ما يجعل من فصل الشتاء فصل الخير والرحمة والبركة مع غزارة الأمطار والسيول المشكلة (نقمةً) نظراً لما تخلفه من مخاطر وأضرار تنال من الزرع ..والمباني السكنية.
القرى الجبلية ..الأسوأ حالاً
وحال القرى القريبة من الجبال والمنحدرات الجبلية ليس أفضل, بل هو الأسوأ ,لأن معظم البلديات هناك كما يؤكد أهلها لا تعمل على تعزيل مصارف المياه والمسيلات المائية أو صيانتها صيفاً ,وإنما تنتظر حتى تقع المشكلة ,وتتسبب مياه الأمطار بالسيول الجارفة والتي تحمل في ثناياها الأتربة والحصى والحجارة, ونظراً لشدة المنحدر وغزارة السيل المشكل, فكثيراً ما يهدد السيل المنازل المنخفضة ويحدث انهيارات في التربة في بعض المناطق, ويضر بالمنازل والمزروعات, وكم من مشاهد حصلت في السنوات الماضية أدت إلى انقطاعات في الطرقات وتصدع وشقوق في جدران المنازل وأضرار مادية لحقت بالأثاث المنزلي والمزروعات والحقول المجاورة.. وحين يراجع أصحابها البلديات يكون الجواب جاهزاً لديهم …كالقول بأن الخطأ يرجع إلى تقصير غيرنا من المسؤولين السابقين, أو إننا قمنا بتعزيل المصارف المطرية , وعملنا على تهذيب مجاري السيول ,وأنجزنا مشاريع خدمية لها أولوية أكثر من ذلك, ولا قدرة لنا على توسيع المجاري وإنجاز المزيد بسبب ضعف الإمكانات المادية, وعدم تعاون الجهات الأخرى واعتذارها عن المساعدة في تقديم الآليات وغيرها, في حين أن الكثير من المجالس المحلية تبدو أحوالها المالية على خير ما يرام, إذا ما تعلق الأمر بتغيير ألوان الأرصفة أو تغير سيارات الخدمة أو القيام بولائم العمل التي تكاد لا تنتهي .
امتعاض
وكثيراَ ما تجد المواطنين يمتعضون من جراء الحالة المتردية للواقع الخدمي والبيئي الذي يعيشونه, مؤكدين بأنه لا يطاق ولا يحتمل, لأن ما تشكله المجاري المائية ومسيلاتها المجاورة لمنازلهم من متاعب ومشكلات في ظل عدم معالجة الجهات المعنية لمناطق وجودها كما يجب, أمر يثير الدهشة والاستغراب, فالمعالجات والحلول غالباً ما تكون إسعافية, وقلما تجد بلدة استطاعت أن تتخلص من مخاطر مسيلات المجاري المائية التي تجتازها بشكل نهائي وجذري .
تعهدات فرصة العمر
وبحسب المعلومات فإن الحكومة تقوم سنوياً بإنجاز مئات الكيلو مترات من الشبكات الطرقية والصرف الصحي, وتصرف مبالغ كبيرة على المشاريع الخدمية الأخرى, ولكن حين تغيب الرقابة فلن يكون هناك صرف صحي يتناسب مع حالة التزايد السكاني والعمراني, ولن تكون هناك طرقات تراعي انسياب المياه إلى مصارفها الطبيعية أو المصطنعة, ولن يتم تنفيذ المشروعات بالمواصفات المطلوبة, وبالتالي لن تصل التكاليف إلى حد ما هو مذكور في عقد المناقصة, وستبقى هناك فروقات مالية كبيرة تصرف بطرق غير مشروعة .
والغريب العجيب هو أن بعض المجالس المحلية تجدها إذا ما أرادت توسيع أو استبدال خطوط الصرف الصحي أو تنفيذ مرحلة جديدة من المراحل الجاهزة والمدروسة, تراها تلزمه إلى متعهد لا علاقة له بمتطلبات هكذا مشاريع, لا من قريب ولا من بعيد, ولا مانع لديها إن تجاوز بعض شروط المناقصة التي باشر العمل بموجبها, لطالما أن بعض لجان المراقبة والمتابعة لمراحل التنفيذ ولعملية الاستلام والتسليم, لا تتابع هكذا مشاريع أو تغض النظر عن سوء التنفيذ لأسباب عدة!!
مشاهد مؤلمة
حقيقة, ثمة مشاهد مؤلمة وموجعة وهي مزيج من الإهمال وواقع لا يسر الناظر ,تجده في معظم شوارع قرى الريف والمدينة, يضاف إلى مشاهد مياه الأمطار الشتوية التي تشكل مستنقعات , كون معظم الشوارع لمّا تزل بلا صرف صحي, وغير معبدة ومليئة بالبرك المائية, وتتراكم على جوانبها الأوساخ والأتربة نتيجة غياب عمليات التنظيف, عدا عن أن طرقاتها لم تراع فيها أية اعتبارات فنية تناسب طبيعة الأرض وأمطار المنطقة وسيولها, وأنه رغم المطالبات والمناشدات لم تتمكن الكثير من الوحدات الإدارية من معالجة تلك المشكلات, ولم تستطع مجالس بلداتها ومدنها وقراها على مدى تعاقب دوراتها السابقة, أن ترتقي بالواقع الخدمي كما يرغب المواطن ويشتهي.
وما نأمله في القادم من الأيام مزيداً من خطوات العمل الجادة والفاعلة, التي تكفل إيجاد الحلول العاجلة والجذرية لإنقاذ مناطق المدينة وسكانها, من مخاطر المسيلات المائية والمستنقعات والبرك التي تنتشر بكثافة هنا وهناك.
ضغط في التصريف
وبخصوص واقع المصارف المطرية في مدينة حمص التقينا مع المهندس عماد ديب رئيس دائرة الصيانة في مجلس مدينة حمص وحدثنا قائلا : إن ورشات الصيانة تعمل بشكل مستمر لصيانة وتعزيل المصارف المطرية بالمدينة , إضافة لتلقي شكاوى المواطنين .
وأضاف : قامت الدائرة ضمن استعداداتها للموسم المطري بتعزيل العديد من هذه المصارف , وتركزت الأعمال في محاور الشوارع الرئيسية بالمدينة , وعدد من شوارع الأحياء حسب اعلام المواطنين بوجود خلل في تصريف المصارف .
وما زالت الدائرة تتلقى شكاوى المواطنين وتتم المعالجة تباعا رغم الإمكانيات المتواضعة وكادر العمل القليل الذي لا يستطيع انجاز جميع الأعمال بزمن قصير منوها إلى أن الدائرة تضم (12) عاملا , منهم (7) عمال مخصصين للمواقع الواقعة غربي المدينة و(5) عمال شرقي المدينة , كما عدد الآليات لا يفي بالغرض .
وعن الحالة التي شهدتها المدينة من تجمع المياه في الشوارع , ولا سيما بعد الهطولات المطرية في الفترة الماضية قال : إن كمية الهطول الغزيرة جدا , أدت إلى ضغط في تصريف المياه الهاطلة ,علما أن أغلب مصارف المدينة تم إعادة تأهيلها خلال فصل الصيف , وحاليا تعمل الدائرة للتأكد من سلامة المصارف في جميع أحياء المدينة .
كلمة أخيرة
نحن إذ نشير لبعض الثغرات التي تمس حياة المواطن فمن باب الثقة بجهود الجهات المختصة المبذولة لتلافي كل ما يعيق مسيرة التنمية ,وكلنا أمل بأن تتم الاستجابة وبالسرعة الممكنة ولاسيما أننا في بداية فصل الهطولات المطرية .. نأمل ألا يضطر المواطن لقياس ما يتوفر من خدمات مستعينا بالاستشعار عن بعد .. نأمل أيضا أن تستوعب الجهات المختصة التغيرات الحضارية التي شملت أغلب مناحي الحياة وأن تلحظ تسارع خطا الزمن .. فلم يعد مقبولاً اليوم لأي كان استخدام طرق التسويف والتأجيل في حاجيات المواطن الأساسية وهذا يشكل هماً إضافياً للمواطن وبالتالي لأفراد المجتمع .. هذه الإشارات تعكس ثقتنا بالجهات المختصة التي لا تدخر جهداً في ابتكار الحلول الناجعة للنهوض بالواقع عبر تدارك الأخطاء وتأمين مستلزمات العمل في أوقاتها المناسبة لا أن ننتظر فصل الصيف لنقول إن الوضع القائم هو في أحسن حال .
بسام عمران – علي عباس – تصوير : الحوراني