زحف عمراني نحو الأراضي الزراعية

الزيادة السكانية التي طرأت على عدد سكان محافظة حمص في السنوات العشر الماضية تتطلب المواجهة خلال الأعوام القادمة حتى يمكن الحفاظ على تحقيق أوجه التنمية في جميع المجالات وذلك من خلال إعداد برامج لضبط هذه الزيادة والمحافظة على معدلاتها المنخفضة حتى لا تقضي هذه الزيادة على ما تحقق من تقدم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ..
وفي مادتنا هذه نقدم صورة واقعية عن الآثار السلبية لهذه الزيادة و أثر الزيادة السكانية على مشروعات التنمية , وعلى المشاريع الخدمية والملاحظ أنه كلما ازداد عدد السكان كلما زاد الإنفاق على المشاريع الخدمية فكل عام تشهد مدن وبلدان وقرى ومزارع المحافظة توسعا ً في الخدمات ,والواضح اليوم أن محافظة حمص تحرص على الاستمرار في دعم الخدمات العامة والمختلفة مثل المرافق العامة والتعليم فقد بنت العديد من المنشآت والتي استفاد منها القاطنون في مختلف المناطق , مما لعب دورا ً كبيرا ً في استقطاب نسبة كبيرة من السكان ، والهجرة إلى حمص كمحافظة نامية فيها فرص عمل متوفرة نوعا ما .
عوامل وأسباب
ومن العوامل المختلفة التي ساعدت في الزيادة السكانية في حمص هو كثرة الإنجاب وانتشار الزواج المبكر في ريف المحافظة وانعكاسات هذه الظاهرة طلاق مبكر أو كثرة في الأولاد ,إضافة إلى تعدد الزوجات كما في قرى الريف الشمالي ,والظاهرة التي تلفت الانتباه في العديد من مناطق المحافظة إقدام المرأة على تأمين حياتها الزوجية عن طريق كثرة الإنجاب في الريف, فالسكان في هذه القرى يعتبرون أن الزيادة في النسل تقوي الأسرة وتمنحها تفوقا ً عدديا ً.
ونتيجة للزيادة السكانية في قرى ريف المحافظة فإن نصيب الفرد من الأراضي الزراعية قد انخفض بسبب تفتت الملكية حسب ما أفادنا المدرس وليد منصور من إحدى قرى الريف ,والسبب المباشر لزيادة السكان يرجع إلى كثرة المواليد وقلة الوفيات , والى الآن لم يتخذ الإجراء المناسب بالإسراع لمعالجة ظاهرة الزيادة السكانية .
قبل سنوات قامت وزارة الصحة ومن خلال مديرية الصحة في حمص بمحاولة لوضع حد لمشكلة الزيادة السكانية فأنشأت جمعية لتنظيم الأسرة ومراكز لرعاية الأمومة والطفولة من أجل تنظيم الأسرة ورفع الوعي بتحديد النسل , إضافة إلى تقديم خدمات منتظمة للأسرة من أجل تحديد النسل ,واستطاعت في إطار خطة تحديد النسل وتنظيمه أن تكبح رغبة النساء في زيادة النسل ورغبة الرجال للإنجاب, لكن جهود القائمين على شؤون جمعية تنظيم الأسرة تواضعت ,واقتصر دورها على مراكز المدن في الوقت الذي تزدهر الخصوبة في ريف المحافظة ,فالنساء في القرى ذات الخصوبة عاجزات عن تربية أولادهن علما ً أن الزيادة السكانية يتطلب من النساء بعض الحكمة لكنه يتطلب من الرجال الحكمة كل الحكمة فعلاج الزيادة في النسل وكثرة الإنجاب يتحقق بتقدير الأسرة لمخاطر هذه الزيادة فمن واجبنا أن نكون جميعا ً على درجة من الوعي بتحديد النسل بحيث ينال كل فرد نصيبه من الرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية دون إرهاق .
هل تحل المشكلة
مشكلة زيادة السكان في محافظة حمص تحل عن طريق إتباع وسائل الإقناع والدعاية بحيث تنبع الحلول من داخل الأفراد أنفسهم , ويجب أن نواجه هذه الحقيقة مواجهة صريحة وصحيحة, فهل تتطرق الجهات المعنية في خططها وبرامجها إلى خطر الزيادة السكانية على الواقع الاقتصادي؟! فلا يجوز أن نترك هذه الزيادة تواجهنا ونتعرض لخطرها فمن واجب الجميع الوقوف وقفة حاسمة أمام تأثير هذا الخطر ومواجهته بالتوعية وبالبرامج الإرشادية والمطلوب تشجيع الرجال على المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات داخل الأسرة والخاصة بالصحة الإنجابية مع إعطاء الأولوية للمناطق البعيدة , وتكثيف البرامج الخاصة بالرضاعة الطبيعية والارتقاء بمستوى التعليم في الريف ومنع التسرب من المدارس , وإنعاش مراكز الرعاية الأولية وتجديد خدماتها في مجال تنظيم الأسرة ورفع كفاءة العاملين فيها وزيادة خبراتهم , والاهتمام بمفاهيم الثقافة السكانية وحث جميع الجهات للتصدي لمشكلة الزيادة السكانية وتأدية دورها في مجال الصحة الإنجابية بما يحقق النهوض بالمجتمع والقدرة على التنمية حيث أن مضاعفات الزيادة السكانية هي التي تؤثر على البيئة والتنمية والصحة كما تؤدي إلى خلل في التوازن بين معدلات التنمية الاقتصادية ومعدلات النمو السكاني فهل نعمل على معالجة آثار الزيادة السكانية؟!
نعتقد أن التمادي في تجاهلها فيه شيء من الإجحاف بحق الفرد والأسرة والمجتمع ؟! .
علي إبراهيم عباس

المزيد...
آخر الأخبار