حلاوة .. شقاوة … أطفال فوضويون .. ظاهرة تحتاج دراسة قبل الحل

الأطفال متشابهون في كثير من الأحيان ولكن قد يختلفون ببعض التفاصيل فقد يتميز طفل بالهدوء وقد يتميز آخرون بالحركة واللعب وقد يتصف بعضهم بالحركة الشديدة والتي قد تصل أحيانا إلى الأذية فنقول : إن هذا الطفل ” شقي – مؤذٍ ” وفي أبسط الأحوال نبعد الأشياء الخطرة عن طريقه وفي أسوأها نستخدم العقاب الجسدي حتى ننهيه عن أذية نفسه أو غيره وحتى الأشياء التي يلعب بها …

وكثيرا ما يشكو الآباء من السلوك الفوضوي عند أطفالهم والذين يقومون بجر المزهرية أو قطع التحف عن الطاولة وكسرها أو يقومون بالعبث بأدوات المطبخ أو الهاتف وربما الأخطر هو استخدام المقص أو الإبر والأدوات الكهربائية … ويتساءل الأهالي أين يكمن الحل وهل يوجد حل لهذه الظاهرة ؟

بداية التقينا  بعض الآباء والأمهات لأخذ فكرة عن مدى المستوى الذي يصله تخريب أطفالهم :

  • نسرين – موظفة قالت : لدي ابنة واحدة ومنذ طفولتها الأولى – كانت تحبو – لاحظنا أنها شقية جدا وتحاول أن تمسك الأشياء لا لتلعب بها وإنما لتخربها فإن كانت تفكك تفككها وإن كانت تمزق تفعل ذلك, كانت تمسك الصحن والملعقة وتطرق بها محاولة كسر الصحن .. وعندما كبرت زادت شقاوتها فأصبحت تخرب الألعاب ولا تلعب بها وترمي الأشياء خارج المنزل وتحاول تخريب أي شيء وخاصة إذا كان هاما لنا ، وجاء أخوها وكأنه نسخة عن أخته بل أكثر شقاوة وزاد على ذلك العصبية التي يتحلى بها فإن أردنا ردعه ينتقم منا برمي الأشياء ، مع أنني لا أحاول فرض العقاب عليهما بل آخذهما باللين ولكن لا أستفيد شيئا .
  • ماجدة -ربة منزل – قالت : لدي ثلاث فتيات لطيفات وهادئات ولكن الصبي وهو الصغير قمة في الشقاوة والتخريب ولا تتخيلون الأشياء التي قد يعبث بها ومنها أدوات المطبخ فهو قد يقلب المطبخ رأسا على عقب في مدة زمنية قصيرة وقد يكسر دون أن يهتم, أما عن الحديقة فالحديث يطول فهو قد يخرج التربة ويعجنها على البلاط بحجة أنه يريد صنع التماثيل ولكن بالرغم من ذلك والعمل الذي يتطلبه تنظيف المكان ، أرى أن هذا الفعل ينم عن ذكاء وحب للمعرفة والاختراع ولذلك أتغاضى كثيرا عن توبيخه .
  • أحمد – مدرس قال : لدي طفل لا أعتبره مؤذياً ولكنه فضولي فما يقوم به الأطفال ويعتبره البعض شقاوة هو ليس كذلك أو بالأحرى لا يعتبر تخريبا مقصودا وإنما هو مجرد ميل الطفل للحل والتركيب أو ميل للمعرفة والإطلاع وهو ميل فطري يدفع الطفل إلى اكتشاف العالم وتجربة ما فيه مما يؤدي إلى زيادة معرفته بالعالم المحيط به وزيادة خبرته .

      إنه نوع من اللعب أو حتى التقليد فالطفل الذي يحاول مساعدة والده في ترتيب الأشياء في الدكان مثلا  وقد يوقعها فهو لا يقصد الإيذاء ولكن التقليد أو المساعدة يأتي بنتيجة سيئة دون قصد .

  • ماجد – طبيب قال : إن كل النشاط الذي يقوم به الطفل هو نوع من اللعب .. قد يعتبره البعض جميلا بالنسبة للأطفال الهادئين وقد يرون فيه عنفا شديدا بالنسبة للأطفال المشاغبين  ومن نتائجه تخريب الأشياء فيقال طفل مؤذ لذلك تبعد الأشياء القيمة من حوله وحتى الألعاب الغالية وتوضع بين يديه أشياء مخربة أصلا ومع ذلك يلعب بها لأنه كما قلنا هدفه اللعب وليس التخريب .
  • فريال – مديرة مدرسة قالت : الطفل لديه قوة تدفعه إلى الاكتشاف والاستطلاع وحتى الشقاوة وهذه القوة التي يحاول الآباء إخمادها هي التي تساعد الطفل على النمو واكتساب المهارات والخبرات ومن يدري ربما يؤدي به الأمر مستقبلا إلى اكتشاف شيء هام .. ومن خلال تعاملي مع الأطفال لسنوات طويلة أرى أن الطفل لديه نشاط جسمي وطاقة عليه أن يفرغها وقد لا تتوفر لهم السبل لذلك ولكن ما إن تسنح الفرصة حتى يغتنمها وخير مثال على ذلك عندما يذهب الطفل في نزهة أو يتوجه طفل المدينة إلى الريف نراه ينقلب إلى طفل شقي لا يمكن السيطرة عليه .
  • وللاطلاع أكثر على أسباب الشقاوة عند الأطفال حدثتنا فاتن الناعمة – مرشدة نفسية فقالت : لقد حدد لنا علماء النفس العديد من أسباب الشقاوة عند الأطفال فهو بداية نشاط جسدي تختلف درجته من طفل لآخر وإن زاد عن حده دخل في دائرة التخريب وقد يظهر هذا السلوك كنتيجة لعوامل انفعالية مكتومة كالعديد من الأعراض الأخرى المعروفة وبذلك قد يدل التخريب على الانحراف في السلوك وعدم التوافق وقد يكون كذلك مظهرا من مظاهر الانتقام أو العدوانية ضد الغير أو الذات وقد يكون لسوء التوافق مع الأسرة أو المدرسة كعدم وجود الأم أو سوء المعاملة وفي الكثير من الحالات يكون التخريب نتيجة دوافع طبيعية كحب المغامرة والاكتشاف والبحث عن الخبرة أو كوسيلة من وسائل اللعب لذا يتعين دراسة الحالة بشكل دقيق لمعرفة الأسباب الكامنة وراء التخريب وعندما تعرف الأسباب يكون الحل والمعالجة فإن كان السبب هو الاكتشاف والمعرفة فعلى الأهل تأمين السبل التي تتيح له ذلك وبشكل مأمون وإن كان زيادة في النشاط فيجب تقديم نشاط يستنفذ فيه الطاقة الجسمية الزائدة وإن كان اللعب هو الهدف فيجب تأمين المكان والبيئة المناسبة لذلك ومن المهم اختيار اللعبة المناسبة غير المؤذية ومن المهم عدم منع الأطفال من النشاط والحركة فالطفل المتفاعل هو الطفل السوي وعلى الأهل توفير سبل هذا التفاعل بحيث لا يضر نفسه ولا الآخرين ولا الأشياء الموجودة حوله .

 منار الناعمة 

             

المزيد...
آخر الأخبار