كلّما سمعتُ بحادثة تَكْشف حجم ( جهل) بعض معلّمينا/ معلّماتنا، في المرحلة الابتدائيّة أشعر بأمداء مالحق بنا من خراب، وتدمير، وهذا لم يكن بسبب الخراب الصهيو أعرابي المستمرّ، بل سبقه بسنوات، وكان مقدّمة خطيرة استفاد منها المتآمرون، في الداخل قبل الخارج، الفاسدون المستورون الذين يعيثون تخريبا، وإفسادا، وهم بمنجاة، وهذا يُعيدنا في كلّ مرّة إلى أنّ أساس البناء المتين يجب أن يبدأ من « التّربية والتعليم»، وكثيرة هي الآراء المبثوثة، والمعروفة والتي ترى أنّ التعليم هو حجر أساس أيّ بناء.
في مدرسة ما، من مدارس هذه المدينة، معلّمة ما تقرأ الآية الكريمة القائلة» تاللهِ لَأَكِيدَنَّ أصنامَكم»، وهي على لسان سيدنا إبراهيم ع، في سورة الأنبياء رقم (57)، .. تقرؤها( تَلِلَّهِ)، جاء التلميذ / التلميذة إلى أهله، فصحّحوا لابنتهم كيف تُقرأ، وفي المدرسة أصرّ/ أصرّت المعنيّة على قراءتها( تَلِلَهِ)، والتلميذ لايقتنع إلاّ بما يقوله معلمه/ معلّمته، فخلقوا حالة من الشرخ بين التلميذ وأهله، وهزّوا الثقة بينهم، بجهل مركّب،!!!
كنّا قديما في مدارسنا لايتكلّم أساتذتنا إلاّ اللغة الفصحى في الصفّ، أيّاً كانت المادةّ الدرسيّة، ولا يخطئون في ترتيب الجمل، ولا في تركيبها، اليوم نسمع عن أساتذة يحملون درجة الدكتوراه في اختصاصهم، فإذا أرادوا أن يخاطبوا طلاّبهم وقعت مجزرة فاضحة في حركات الإعراب!! فإذا أشار أحد ما إلى ذلك، تلطّوا وراء مقولة أنا أستاذ في الهندسة، أو في الطبّ، أو في أيّة مادّة علميّة أخرى، وكأنّ عدم كونه مختصّا باللغة العربية يجيز له ارتكاب تلك الاخطاء!!
تُرى هل نجد أكاديميّا في بلاد الغرب لايُجيد لغة بلاده؟!!
المتلطّون لن يعدموا وسيلة لتسويغ تقصيرهم، وتفريطهم، وربّما أجاب أحدهم :» ياأخي اللغة العربيّة صعبة»!!سنسمح له بتمرير ذلك ونقول ماذا نفعل إذا كانت هذه لغتنا، وهي قدَرنا، هل نضحّي بها، وبجمالياتها، وبما فيها من خصائص رائعة لأنّ هناك مَن يستصعبها؟!!
قديما أيضا، كان « المفتِّش»، كما كان اسمه آنذاك، وهو الآن مايُسمّى «الموجّه التربوي»، كان يحضر درسا لمعلّم أو مدرّس، وكان غير مسموح لأستاذ المادّة أن يتكلّم إلاّ الفصحى، والفصحى السليمة، وإلاّ تدنّت العلامة التي تُوضَع بجانب اسمه.
هل لهذا علاقة بالخراب الصهيو أعرابي؟!! مرّة أخرى نعيد طرح السؤال، ونؤكّد أنّ هذا الفلتان، وذاك التدنّي كان أحد المنافذ الهامّة التي نفذ منها التكفيريّون والوهّابيّون، والمرتبطون بعجلة المخابرات الغربيّة،
كان طالب الجامعة لايتخرّج في قسم اللغة العربيّة إلاّ بعد تقديم فحص في القراءة الشفويّة بين يدي أستاذ المادّة، فيقرأ، ويحرّك أواخر الكلمات دون تحضير، بل يفتح له الأستاذ على صفحة معيّنة ويقول له :« اقرأ»، فإذا رسب في هذه المادّة عُدّ راسبا، ولذا تفوّقت تلك الأجيال، وكانت خميرة التعليم في سوريّة، وخميرة التعريب في أقطار أخرى، كما هو الحال في الجزائر الشقيقة، كمثال بارز، وفي غيرها من بلدان عربيّة معروفة،
بمرارة أقول :أيّها المعنيّون، من أوّل درجة في السلّم وحتى رأسه، إنّه خطر ليس بالقليل، ولا يُستهان به، وانظروا إلى أنّ مَن سبقكم ممّن دعوا للتحرّر من النّير العثماني، والفرنسي، والإنكليزي، كان ممّا اعتمدوا عليه في التوعية، وفي التأهيل أنّهم احترموا هذه اللغة العربيّة، وجعلوها أساسا في كلّ وعي مُرافق…
عبد الكريم الناعم