غريب أمر المواطن الذي لا يعجبه العجب و لا الصيام في رجب فما أن تغيب عنه خدمة ما لظرف طارئ تمر به البلاد حتى يبدأ معزوفة النق المتواصل التي لا تنتهي قبل أن يسمع بها سكان المريخ ,مع أنه –أي المواطن – يعيش رفاهية لم يحلم بها ملوك الزمان وسلاطين العصور السابقة ، فأكثر ما استطاع « قيصر روما » على سبيل المثال هو امتلاكه عربة يجرها حصان في وقت تمتلئ فيه شوارعنا بوسائل النقل المختلفة و يملك الكثير منا سيارات تقلهم إلى أماكن عملهم و نستطيع لف العالم خلال ساعات معدودة على متن طائرة!
و كان فرعون مصر يضيء قصره بالشموع و السراج, و نحن نضيء بيوتنا بالكهرباء و مع ذلك تقوم الدنيا و لا تقعد إذا حصل تقنين و تشتعل مواقع التواصل غضباً و تذمراً إذا غابت الكهرباء عنا لساعات معدودة !
و كان الملك الفرنسي لويس الرابع عشر يتلذذ بأطباق من المطبخ الفرنسي يأتيه بها طباخه الخاص ,بينما نستطيع أن نحصل على وجبات من مطاعم فرنسية و ايطالية و صينية تتوزع في حيّنا مع مختلف أنواع الحلويات الشرقية و الغربية و مع ذلك نتذمرإذا غابت عنا اسطوانة الغاز لأيام معدودة !
نتواصل مع غائب عنا في أقاصي الشرق أو في أقاصي الغرب صوتا و صورة عبر أجهزة صغيرة وتصلنا الصحف بكل لغات العالم و نحن جالسون في بيوتنا و نعرف أخبار العالم بكوارثه و انجازاته و اختراعاته و مع ذلك نشتكي من تفشي الجهل و قلة الثقافة بين الأجيال الصاعدة في وقت كان فيه كبار المفكرين و الأطباء و المخترعين في عصور غابرة يفقدون بصرهم و يستهلكون صحتهم للحصول على المعلومة التي تغني أبحاثهم.
نحن متحضرون جداً من الخارج و في داخلنا يعيش إنسان العصر الحجري !!
سمر المحمد