قد يختلف أسلوب المجاملة والتعامل بين الناس من مجتمع لآخر ومن إنسان لآخر كونها عادة اجتماعية تختلف باختلاف المجتمعات, كما تختلف حسب الشريحة الاجتماعية ضمن المجتمع الواحد, وكذلك حسب طبيعة العمل, وبشكل عام فإن للمجاملة في مجتمعنا دور أساسي يهدف إلى تقريب الناس من بعضهم البعض, وخصوصاً عندما يكون مرتبطا ببعض العادات والتقاليد مثل لقاء الأصدقاء أو المعارف وغيرها , ولكن هناك بعض المبالغات في المجاملة, ولاسيما مع الشخصيات الاجتماعية ومع أصحاب المناصب , والهدف طبعاً واضح في تحقيق منفعة ما من وراء هذه المجاملة مع قناعة المجامِل بوجود الكثير من السلبيات بالشخص الذي تجري مجاملته.
قمنا في مادتنا هذه استطلاع آراء بعض الشباب حول موضوع المجاملة ودورها في حياتنا فكانت الآراء التالية…
التفاعل الايجابي
فراس “طالب جامعي ” قال :هناك الكثير من الأشخاص, ومن خلال التعامل فيما بينهم يعمدون لإعطاء صفات إيجابية غير موجودة بالشخص الذي يجاملونه, وهذا أقرب ما يكون إلى العادة الاجتماعية والتي تندرج تحت مسمى التفاعل الإيجابي في المجتمع, وخاصة في اللقاءات العائلية, أو في مكان العمل, ولكن إذا زادت المجاملة عن حدود معينة أصبحت عند ذلك تملقاً ,وعندها يمكن أن ندرجها تحت اسم الكذب في حال التمادي في إعطاء صفات غير موجودة بإنسان آخر.
كسر حاجز الصمت
أمجد الأحمد ” معلم صف ” قال : المجاملة هي الأسلوب السطحي البحت الذي يتبعه البعض منا ليظهر حبه للآخرين , والإفصاح عن شخصيته أمامهم بأنه إنسان لبق ولطيف ومنفتح , ويملك الكثير من الأساليب الذكية للتواصل معهم على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص قد لا يكونون أهلاً لهذا التحبب , ولكن تبقى المجاملة ضرورية في مجتمعنا وخاصة عندما يجالس أحدهم شخصاً لا يعرفه أو يبدأ بإقامة علاقات اجتماعية وزيارات عائلية , فهنا من الضروري أن يسعى الشخص إلى كسر حالة الجمود والصمت الذي يفرضه عدم التعارف بين العائلتين مثلا .. عن طريق الحديث بقضايا عامة , والسؤال عن الأشياء المحببة لدى الطرفين , وإبداء الإعجاب بأمر ملفت لدى كل منهما… الخ وبهذا الأمر يخلق الشخص نوعاً من المجاملة لملء الفراغ, وهنا يمكن أن نطلق على هذا النوع من المجاملة بالسطحية, وليس لها مضار على المستوى الشخصي للأفراد.
وأضاف :لكن بمجرد ورود هذه الكلمة في أذهاننا , فإن كل منا يفسرها حسب طبيعته البشرية وقناعته الخاصة, ومفهومه الشخصي , وهناك كثير من الناس لا يقيمون وزناً لهذه الكلمة, ويبررون ذلك بأنهم ليسوا مضطرين لإهدار وقتهم بمسايرة الآخرين, والتودد إليهم, ولذلك فإننا نصادف يومياً الكثير من أبناء مجتمعنا لا يتحلون بأي صفة من صفات المرونة واللطافة والأخذ والرد , أو أساليب الاندماج مع الآخرين , وعلى العكس تماماً قد نجد أشخاصاً يجاملون الآخرين على حساب مشاعرهم وأحاسيسهم ووقتهم , ويعتبرون أن هذا النوع من المجاملات محببة كونها ترضي الأكثرية, فهم لا يتوانون عن مجاملة أحدهم حتى لو كانوا على خلاف معه, إذا صادفوه في بيت صديق مشترك.. تقديراً لأهل هذا البيت , وخجلاً منهم.
نجامل من يستحق
سميرة “طالبة جامعية ” قالت: إن المجاملة أُسلوب إنساني نستخدمه يومياً في كل مكان حولنا “في العمل – في الطريق – وفي المكان الذي نعيش فيه” لأننا بحاجة إلى هذا التواصل مع محيطنا الاجتماعي الذي نعيش فيه, على أن لا يكون من ورائه هدفاً سلبياً أو لتحقيق مصلحة شخصية تقلل من شأن وقيمة الشخص ومكانته, فمن الخطأ أن نجامل من يخطئ, أو نصور له الخطأ صواباً, فالخطأ خطأ, ولدينا الكثير من الكلمات الجميلة والرقيقة, والأساليب المعبرة التي نستخدمها للمجاملة, ومن الطبيعي أن يتعامل الناس فيما بينهم بلطف ولباقة وتهذيب, ولكن يجب أن نجامل من هو جدير بهذه الكلمات والأساليب , وليس من هو على خطأ والذي لا يتوانى لحظة عن افتعال المشكلات والتصرفات السيئة لإلحاق الأذى بمشاعر وأحاسيس من حوله , لكي لا يتمادى بخطئه وإزعاجه للآخرين.
دفع معنوي
يرى سامر”موظف” أن المرأة بحاجة للمجاملة أكثر من الرجل, فهي تستحقها أكثر منه بسبب طبيعتها النفسية , فهي أكثر حساسية وعاطفة من الرجل, فنحن “عندما نجامل المرأة ونقول لها إنها جميلة أو رقيقة قد تكون بالفعل كذلك أو لا تكون, ولكن هذا لا يؤذيها ولا يفيدنا بشيء, كما أن هناك نوعاً من المجاملة لا بد منها ولا تستغرق سوى لحظات كابتسامتنا لشخص ما عند رؤيتنا له من بعيد , أو عندما ندخل مكاناً للقاء أحدهم, فهذه الابتسامة مثلاً تعطي الشخص دفعاً معنوياً وتشعره بدفء من يتعامل معه.
بشرى عنقة – منار الناعمة