(مرايا الروح )… مرايا الوطن الجريح

سأبكي لتضحك ، وسأحزن لتفرح ، وسأنكسر لتنجبر وسأتلاشى لتتشيّأ …!! هذا الركض المجنون بأقدام عارية في حقول الزجاج المكسر الممدود فوق دروب معبّدة بالجمر ، يلتهم خرفان الفرح ، ويجفف ينابيع الأمل ، ويتغذى بلبن الحزن .. !! لصالح من ؟
تقول الشاعرة ( خديجة الحسن ) : بالشعر أكسر قيدي / أنثر موسيقى اللوحات / أتقلب في حارات خريفك / أعشبها بلهيب الأشواق / أوقظها من هجعة أحلام / أتلو عليها فاتحة الدفء /
هذا الخطاب الجميل الذي يستغرق معظم قصائد الديوان موجّه لمن ..؟ لرجل استغنوا عنه في عصر أطفال الأنابيب ؟ لحبيب ما زال يزرع حقوله بالحب بعد أن دخل العالم عصر ابتلاع الأقراص كغذاء ؟ لوطن تنهال على ظهره سياط الغدر ، وما يزال يجدّف قارب الحياة .
نتابع رحلتنا الاستكشافية في مجاهل هذا الديوان :
 أنا التائهة في بيداء الحياة/لم أجد ينبوعاً صادقاً /كصوت الغناء/… كلما أطل وجهه الحنون أنزف آهات أشواق أخرى /
أخطو .. أخطو .. لا قدم لي لأعبر القفار   أتبعه كطفلة لا تملك إلا الطاعة العمياء/ مقتولة مضرجة بعشق راياته/.حين تلتهب غابة الحب لا يتشاجر الرماد حول تحديد أي غصن بدأ بالالتهاب و إنما يبحث مع الشاعرة عن مطر يطفئ النيران قبل أن تأتي على الغابة بكاملها
و من قصيدة « وجه دمشق »:
 انطفأت مآقي النور / وعدنا جثة في المجهول / لا وجد يحرك رماد القلب / ولا يخفف في الرعد شوق / سأملأ محبرتي بدموع العزاء وأمسح بيراعي الدم المفجوع ، فهذا العطر الصادح من دم الشهيد سيطارد النار … / سنجتاز بحار الآلام / سنلقى خيوط الفجر / هنا تنقلنا الشاعرة بقارب البرق إلى أجواء الوطن الجريح ، لتقدم شهادة عن البطولة التي وقفت لقمة زقومٍ في حلق الإرهابيين الذين طمسوا الواقع الإنساني وأحلوا محلّه صورة مصطنعة لواقع زائف . ومن بئر أحزان الشاعرة (خديجة الحسن)  نزحت دلاءً من الحزن المرير ، معلنة أن كل رصاصة قتلت بريئاً إنما قتلتها أيضاً ، وأنها تيتمت مع كل طفل فقد أبويه وأنها صارت ثكلى مع كل أم فقدت ابنها وأن رأسها قطع مع كل رأس بريء قطعه سيف الإرهاب المجنون.
نزيه شاهين ضاحي

المزيد...
آخر الأخبار